631
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلاَثٌ لاَ يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ۱ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلاَصُ الْعَمَلِ لِلّهِ، وَ النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ ؛ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِيطَةٌ مِنْ وَرَائِهِمْ، الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَأُ دِمَاؤهُمْ، وَيَسْعى بِذِمَّتِهِمْ۲ أَدْنَاهُمْ».
وَ رَوَاهُ أَيْضاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ مِثْلَهُ، وَ زَادَ فِيهِ: «وَ هُمْ يَدٌ عَلى مَنْ سِوَاهُمْ» وَذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ خَطَبَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ.

۱۰۵۹.۲. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ:
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: اذْهَبْ بِنَا إِلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَذَهَبْتُ مَعَهُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْنَاهُ قَدْ رَكِبَ دَابَّتَهُ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللّهِ، حَدِّثْنَا بِحَدِيثِ خُطْبَةِ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، قَالَ: «دَعْنِي حَتّى أَذْهَبَ فِي حَاجَتِي؛ فَإِنِّي قَدْ رَكِبْتُ، فَإِذَا جِئْتُ حَدَّثْتُكَ».
فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لَمَّا حَدَّثْتَنِي، قَالَ: فَنَزَلَ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: مُرْ لِي بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ حَتّى أُثْبِتَهُ، فَدَعَا بِهِ، ثُمَّ قَالَ: «اكْتُبْ: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، خُطْبَةُ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ:
نَضَّرَ اللّهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ،

1.. قوله : «لا يُغِلُّ» إمّا من الإغلال ، وهو الخيانة في كلّ شيء . أو هو يَغِلُ من الوُغول بمعنى الدخول في الشرّ ، أو من الغِلّ ، وهو الحِقْد والشحناء ، أي لا يدخله حقد يزيله عن الحقّ . والمعنى : أنّ هذه الغلال الثلاث تُستَصْلَح بها القلوب فمن تمسّك بها طَهُرَ قلبه من الخيانة والدَغَل والشَرّ . النهاية، ج۳، ص۳۸۱ غلل.

2.. في الوافي، ج۲، ص۹۸ ـ ۹۹ : «الذمّة والذمام بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحقّ . وسمّى أهل الذمّة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم ، ومنه الحديث «يسعى بذمّتهم أدناهم» : إذا أعطى أحد من الجيش العدوّ أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين وليس لهم أن يخفروه ولا أن ينقضوا عليه عهده» .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
630

ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللّهَ خَلَقَ أَقْوَاماً لِجَهَنَّمَ وَ النَّارِ، فَأَمَرَنَا أَنْ نُبَلِّغَهُمْ كَمَا بَلَّغْنَاهُمْ، وَ اشْمَأَزُّوا مِنْ ذلِكَ، وَ نَفَرَتْ قُلُوبُهُمْ، وَ رَدُّوهُ عَلَيْنَا وَ لَمْ يَحْتَمِلُوهُ، وَ كَذَّبُوا بِهِ، وَ قَالُوا: سَاحِرٌ كَذَّابٌ ؛ فَطَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ، وَ أَنْسَاهُمْ ذلِكَ، ثُمَّ أَطْلَقَ اللّهُ لِسَانَهُمْ بِبَعْضِ الْحَقِّ، فَهُمْ يَنْطِقُونَ بِهِ وَ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ ؛ لِيَكُونَ ذلِكَ دَفْعاً عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَ أَهْلِ طَاعَتِهِ ؛ وَ لَوْ لاَ ذلِكَ مَا عُبِدَ اللّهُ فِي أَرْضِهِ، فَأَمَرَنَا بِالْكَفِّ عَنْهُمْ وَ السَّتْرِ وَ الْكِتْمَانِ، فَاكْتُمُوا عَمَّنْ أَمَرَ اللّهُ بِالْكَفِّ عَنْهُ، وَ اسْتُرُوا عَمَّنْ أَمَرَ اللّهُ بِالسَّتْرِ وَ الْكِتْمَانِ عَنْهُ».
قَالَ: ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ وَ بَكى، وَ قَالَ: «اللّهُمَّ، إِنَّ هؤلاَءِ لَشِرْذِمَةٌ۱ قَلِيلُونَ، فَاجْعَلْ مَحْيَانَا مَحْيَاهُمْ، وَ مَمَاتَنَا مَمَاتَهُمْ، وَ لاَ تُسَلِّطْ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً لَكَ ؛ فَتُفْجِعَنَا۲ بِهِمْ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أَفْجَعْتَنَا بِهِمْ لَمْ تُعْبَدْ أَبَداً فِي أَرْضِكَ، وَ صَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً».

۱۰۳ ـ بَابُ مَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بِالنَّصِيحَةِ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ

وَ اللُّزُومِ لِجَمَاعَتِهِمْ، وَ مَنْ هُمْ؟

۱۰۵۸.۱. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله خَطَبَ النَّاسَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَقَالَ: نَضَّرَ اللّهُ۳ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا۴ وَ حَفِظَهَا، وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا ؛ فَرُبَّ حَامِلِ

1.. قال الجوهري : «الشِرْذِمَة : الطائفة من الناس» . وقال الراغب : «الشرذمة : الجماعة المنقطعة» . راجع : الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۶۰ ؛ المفردات للراغب ، ص ۴۵۰ شرذم .

2.. «الإفجاع» : الإيجاع ؛ من الفَجْع ، وهو أن يُوجَع ـ أي يُؤلَم ـ الإنسان بشيء يكرم عليه فيعدمه . راجع : القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹۹۹ فجع .

3.. نَضَر وجهُه ، أي حَسُن . ونَضَر اللّه‏ُ وجهَه ، أي جَعَلَه حَسَنا . وكذا نَضّر اللّه‏ وَجهَه ، وأنضَر اللّه‏ وجهه . وإذا قلت : نضّر اللّه‏ امرأً ، تعني نعَّمه . راجع : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۸۳۰ نضر .

4.. «فوعاها» ، أي حفظها وفَهِمها . راجع : النهاية ، ج ۵ ، ص ۲۰۷ وعا .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13789
صفحه از 868
پرینت  ارسال به