فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلاَثٌ لاَ يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ۱ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلاَصُ الْعَمَلِ لِلّهِ، وَ النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ ؛ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِيطَةٌ مِنْ وَرَائِهِمْ، الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَأُ دِمَاؤهُمْ، وَيَسْعى بِذِمَّتِهِمْ۲ أَدْنَاهُمْ».
وَ رَوَاهُ أَيْضاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ مِثْلَهُ، وَ زَادَ فِيهِ: «وَ هُمْ يَدٌ عَلى مَنْ سِوَاهُمْ» وَذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ خَطَبَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ.
۱۰۵۹.۲. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ:
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: اذْهَبْ بِنَا إِلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَذَهَبْتُ مَعَهُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْنَاهُ قَدْ رَكِبَ دَابَّتَهُ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللّهِ، حَدِّثْنَا بِحَدِيثِ خُطْبَةِ رَسُولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، قَالَ: «دَعْنِي حَتّى أَذْهَبَ فِي حَاجَتِي؛ فَإِنِّي قَدْ رَكِبْتُ، فَإِذَا جِئْتُ حَدَّثْتُكَ».
فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله لَمَّا حَدَّثْتَنِي، قَالَ: فَنَزَلَ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: مُرْ لِي بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ حَتّى أُثْبِتَهُ، فَدَعَا بِهِ، ثُمَّ قَالَ: «اكْتُبْ: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، خُطْبَةُ رَسُولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ:
نَضَّرَ اللّهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ،
1.. قوله : «لا يُغِلُّ» إمّا من الإغلال ، وهو الخيانة في كلّ شيء . أو هو يَغِلُ من الوُغول بمعنى الدخول في الشرّ ، أو من الغِلّ ، وهو الحِقْد والشحناء ، أي لا يدخله حقد يزيله عن الحقّ . والمعنى : أنّ هذه الغلال الثلاث تُستَصْلَح بها القلوب فمن تمسّك بها طَهُرَ قلبه من الخيانة والدَغَل والشَرّ . النهاية، ج۳، ص۳۸۱ غلل.
2.. في الوافي، ج۲، ص۹۸ ـ ۹۹ : «الذمّة والذمام بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحقّ . وسمّى أهل الذمّة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم ، ومنه الحديث «يسعى بذمّتهم أدناهم» : إذا أعطى أحد من الجيش العدوّ أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين وليس لهم أن يخفروه ولا أن ينقضوا عليه عهده» .