هَرَباً فِي الْبِلاَدِ.
قَالَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللّهِ: فَانْطَلَقْتُ حَتّى لَحِقْتُ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، فَوَجَدْتُ عِيسَى بْنَ زَيْدٍ مُكْمَناً عِنْدَهُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِسُوءِ تَدْبِيرِهِ، وَ خَرَجْنَا مَعَهُ حَتّى أُصِيبَ ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ ثُمَّ مَضَيْتُ مَعَ ابْنِ أَخِي الْأَشْتَرِ: عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ حَسَنٍ حَتّى أُصِيبَ بِالسِّنْدِ، ثُمَّ رَجَعْتُ شَرِيداً۱ طَرِيداً تَضِيقُ عَلَيَّ الْبِلاَدُ.
فَلَمَّا ضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ، وَ اشْتَدَّ بِيَ الْخَوْفُ، ذَكَرْتُ مَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام، فَجِئْتُ إِلَى الْمَهْدِيِّ ـ وَ قَدْ حَجَّ وَ هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَمَا شَعَرَ إِلاَّ وَ أَنِّي قَدْ قُمْتُ مِنْ تَحْتِ الْمِنْبَرِ ـ فَقُلْتُ: لِيَ الْأَمَانُ يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، وَ أَدُلُّكَ عَلى نَصِيحَةٍ لَكَ عِنْدِي ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، مَا هِيَ ؟ قُلْتُ: أَدُلُّكَ عَلى مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَقَالَ لِي: نَعَمْ، لَكَ الْأَمَانُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي مَا أَثِقُ بِهِ، فَأَخَذْتُ مِنْهُ عُهُوداً وَ مَوَاثِيقَ، وَ وَثَّقْتُ لِنَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللّهِ، فَقَالَ لِي: إِذاً تُكْرَمَ وَ تُحْبى۲، فَقُلْتُ لَهُ: أَقْطِعْنِي۳ إِلى بَعْضِ أَهْلِ بَيْتِكَ يَقُومُ بِأَمْرِي عِنْدَكَ، فَقَالَ لِيَ: انْظُرْ إِلى مَنْ أَرَدْتَ، فَقُلْتُ: عَمَّكَ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيكَ، فَقُلْتُ: وَ لكِنْ لِي فِيكَ الْحَاجَةُ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ إِلاَّ قَبِلْتَنِي، فَقَبِلَنِي شَاءَ أَوْ أَبى.
وَ قَالَ لِيَ الْمَهْدِيُّ: مَنْ يَعْرِفُكَ ؟ ـ وَ حَوْلَهُ أَصْحَابُنَا أَوْ أَكْثَرُهُمْ ـ فَقُلْتُ: هذَا
1.. «الشريد» : النافر ؛ من شرد البعير يَشْرُد شرودا وشِرادا ، إذا نفر وذهب في الأرض . راجع : النهاية ، ج ۲ ، ص ۴۵۷ شرد .
2.. في مرآة العقول، ج۴، ص۱۴۹ : «تُحْبَى ، على المجهول من الحباء ، وهو العطيّة» . وراجع أيضا : النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۳۶ حبا .
3.. في مرآة العقول : «قوله : أقْطِعْنِي ، كنايةً عن أنّه يحفظني ويقوم بما يصلحني كأنّي ملك له» .