571
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

هَرَباً فِي الْبِلاَدِ.
قَالَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللّهِ: فَانْطَلَقْتُ حَتّى لَحِقْتُ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، فَوَجَدْتُ عِيسَى بْنَ زَيْدٍ مُكْمَناً عِنْدَهُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِسُوءِ تَدْبِيرِهِ، وَ خَرَجْنَا مَعَهُ حَتّى أُصِيبَ ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ ثُمَّ مَضَيْتُ مَعَ ابْنِ أَخِي الْأَشْتَرِ: عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ حَسَنٍ حَتّى أُصِيبَ بِالسِّنْدِ، ثُمَّ رَجَعْتُ شَرِيداً۱ طَرِيداً تَضِيقُ عَلَيَّ الْبِلاَدُ.
فَلَمَّا ضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ، وَ اشْتَدَّ بِيَ الْخَوْفُ، ذَكَرْتُ مَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، فَجِئْتُ إِلَى الْمَهْدِيِّ ـ وَ قَدْ حَجَّ وَ هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَمَا شَعَرَ إِلاَّ وَ أَنِّي قَدْ قُمْتُ مِنْ تَحْتِ الْمِنْبَرِ ـ فَقُلْتُ: لِيَ الْأَمَانُ يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، وَ أَدُلُّكَ عَلى نَصِيحَةٍ لَكَ عِنْدِي ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، مَا هِيَ ؟ قُلْتُ: أَدُلُّكَ عَلى مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَقَالَ لِي: نَعَمْ، لَكَ الْأَمَانُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي مَا أَثِقُ بِهِ، فَأَخَذْتُ مِنْهُ عُهُوداً وَ مَوَاثِيقَ، وَ وَثَّقْتُ لِنَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللّهِ، فَقَالَ لِي: إِذاً تُكْرَمَ وَ تُحْبى۲، فَقُلْتُ لَهُ: أَقْطِعْنِي۳ إِلى بَعْضِ أَهْلِ بَيْتِكَ يَقُومُ بِأَمْرِي عِنْدَكَ، فَقَالَ لِيَ: انْظُرْ إِلى مَنْ أَرَدْتَ، فَقُلْتُ: عَمَّكَ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيكَ، فَقُلْتُ: وَ لكِنْ لِي فِيكَ الْحَاجَةُ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ إِلاَّ قَبِلْتَنِي، فَقَبِلَنِي شَاءَ أَوْ أَبى.
وَ قَالَ لِيَ الْمَهْدِيُّ: مَنْ يَعْرِفُكَ ؟ ـ وَ حَوْلَهُ أَصْحَابُنَا أَوْ أَكْثَرُهُمْ ـ فَقُلْتُ: هذَا

1.. «الشريد» : النافر ؛ من شرد البعير يَشْرُد شرودا وشِرادا ، إذا نفر وذهب في الأرض . راجع : النهاية ، ج ۲ ، ص ۴۵۷ شرد .

2.. في مرآة العقول، ج۴، ص۱۴۹ : «تُحْبَى ، على المجهول من الحباء ، وهو العطيّة» . وراجع أيضا : النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۳۶ حبا .

3.. في مرآة العقول : «قوله : أقْطِعْنِي ، كنايةً عن أنّه يحفظني ويقوم بما يصلحني كأنّي ملك له» .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
570

جَعْفَرٍ، وَكَانَ عَلى مُقَدِّمَةِ عِيسَى بْنِ مُوسى: وُلْدُ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَاسِمٌ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، وَ عَلِيٌّ وَ إِبْرَاهِيمُ بَنُو الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ، فَهُزِمَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَ قَدِمَ عِيسَى بْنُ مُوسَى الْمَدِينَةَ، وَ صَارَ الْقِتَالُ بِالْمَدِينَةِ، فَنَزَلَ بِذُبَابٍ۱، وَ دَخَلَتْ عَلَيْنَاالْمُسَوِّدَةُ۲ مِنْ خَلْفِنَا، وَ خَرَجَ مُحَمَّدٌ فِي أَصْحَابِهِ حَتّى بَلَغَ السُّوقَ، فَأَوْصَلَهُمْ، وَ مَضى، ثُمَّ تَبِعَهُمْ حَتَّى انْتَهى إِلى مَسْجِدِ الْخَوَّامِينَ۳، فَنَظَرَ إِلى مَا هُنَاكَ فَضَاءٍ لَيْسَ
فِيهِ مُسَوِّدٌ وَ لاَ مُبَيِّضٌ، فَاسْتَقْدَمَ حَتَّى انْتَهى إِلى شِعْبِ فَزَارَةَ۴، ثُمَّ دَخَلَ هُذَيْلَ۵، ثُمَّ مَضى إِلى أَشْجَعَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْفَارِسُ ـ الَّذِي قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام ـ مِنْ خَلْفِهِ مِنْ سِكَّةِ هُذَيْلَ، فَطَعَنَهُ، فَلَمْ يَصْنَعْ فِيهِ شَيْئاً، وَحَمَلَ عَلَى الْفَارِسِ، فَضَرَبَ خَيْشُومَ فَرَسِهِ بِالسَّيْفِ، فَطَعَنَهُ الْفَارِسُ، فَأَنْفَذَهُ فِي الدِّرْعِ، وَ انْثَنى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ، فَضَرَبَهُ، فَأَثْخَنَهُ۶، وَ خَرَجَ عَلَيْهِ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ ـ وَ هُوَ مُدْبِرٌ عَلَى الْفَارِسِ يَضْرِبُهُ ـ مِنْ زُقَاقِ الْعَمَّارِيِّينَ، فَطَعَنَهُ طَعْنَةً أَنْفَذَ السِّنَانَ فِيهِ، فَكُسِرَ الرُّمْحُ، وَ حَمَلَ عَلى حُمَيْدٍ، فَطَعَنَهُ حُمَيْدٌ بِزُجِّ۷ الرُّمْحِ، فَصَرَعَهُ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ، فَضَرَبَهُ حَتّى أَثْخَنَهُ وَ قَتَلَهُ، وَ أَخَذَ رَأْسَهُ، وَ دَخَلَ الْجُنْدُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأُخِذَتِ الْمَدِينَةُ، وَأُجْلِينَا۸

1.. الذُباب : هو جبل بالمدينة . النهاية ، ج ۲ ، ص ۱۵۲ ذبب .

2.. «المُسَوِّدَةُ» : الذين كانوا يلبسون السود من الثياب ، وهم جند بني العبّاس الذين كانوا معهم عيسى بن موسى ، كالمُبَيِّضة لأصحاب محمّد لتبييضهم ثيابهم . راجع : مرآة العقول ، ج ۴ ، ص ۱۴۴ .

3.. «مسجد الخوّامين» : مسجد بنواحي المدينة . والخام : جلد لم يُدبغ . وراجع : مجمع البحرين ، ج ۶ ، ص ۶۰ .

4.. «فزارة» : أبو حيّ من غَطَفانَ ، وهو فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان . الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۸۱ فزر .

5.. «هُذَيْل» : حيّ من مُضَر ، وهو هذيل بن مُدْرِكة بن إلياس بن مُضَر . الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۴۹ هذل .

6.. قوله : «أثخنه» ، أي أوهنه بالجراحة وبالغ الجراحة فيه وأتمّ قتله ؛ من الإثخان في الشيء ، أي المبالغة فيه والإكثار منه . راجع : لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۷۷ ثخن .

7.. «الزُجّ» : الحديدة التي في أسفل الرمح . الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۱۸ زجج .

8.. «الجَلاء» : الخروج عن البلد . راجع : الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۰۴ جلا .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16855
صفحه از 868
پرینت  ارسال به