569
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

فَافْعَلْ، لَعَلَّ اللّهَ يَكُفُّهُ عَنَّا.
قَالَ: «قَدْ أَجْمَعْتُ أَلاَّ أُكَلِّمَهُ، فَلْيَرَ فِيَّ رَأْيَهُ!».
فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: أَنْشُدُكَ اللّهَ هَلْ تَذْكُرُ يَوْماً أَتَيْتُ أَبَاكَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عليهماالسلام وَ عَلَيَّ حُلَّتَانِ صَفْرَاوَانِ، فَأَدَامَ النَّظَرَ إِلَيَّ، فَبَكى، فَقُلْتُ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ ؟ فَقَالَ لِي: «يُبْكِينِي أَنَّكَ تُقْتَلُ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّكَ ضَيَاعاً، لاَ يَنْتَطِحُ فِي دَمِكَ عَنْزَانِ۱». قَالَ: فَقُلْتُ: مَتى ذَاكَ ؟ قَالَ: «إِذَا دُعِيتَ إِلَى الْبَاطِلِ فَأَبَيْتَهُ ؛ وَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى الْأَحْوَلِ مَشُومِ قَوْمِهِ يَنْتَمِي مِنْ آلِ الْحَسَنِ عَلى مِنْبَرِ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يَدْعُو إِلى نَفْسِهِ قَدْ تَسَمّى بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَأَحْدِثْ عَهْدَكَ، وَ اكْتُبْ وَصِيَّتَكَ ؛ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ فِي يَوْمِكَ أَوْ مِنْ غَدٍ»!؟
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «نَعَمْ، وَ هذَا ـ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ ـ لاَ يَصُومُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلاَّ أَقَلَّهُ، فَأَسْتَوْدِعُكَ اللّهَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، وَ أَعْظَمَ اللّهُ أَجْرَنَا فِيكَ، وَ أَحْسَنَ الْخِلاَفَةَ عَلى مَنْ خَلَّفْتَ، وَ «إِنَّا لِلّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»۲».
قَالَ: ثُمَّ احْتُمِلَ إِسْمَاعِيلُ، وَ رُدَّ جَعْفَرٌ إِلَى الْحَبْسِ. قَالَ: فَوَ اللّهِ، مَا أَمْسَيْنَا حَتّى دَخَلَ عَلَيْهِ بَنُو أَخِيهِ: بَنُو مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَتَوَطَّؤُوهُ۳ حَتّى قَتَلُوهُ، وَ بَعَثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ إِلى جَعْفَرٍ، فَخَلّى سَبِيلَهُ.
قَالَ: وَ أَقَمْنَا بَعْدَ ذلِكَ حَتَّى اسْتَهْلَلْنَا شَهْرَ رَمَضَانَ، فَبَلَغَنَا خُرُوجُ عِيسَى بْنِ مُوسى يُرِيدُ الْمَدِينَةَ.
قَالَ: فَتَقَدَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَلى مُقَدِّمَتِهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ

1.. «لا ينتطح في دمك عنزان» ، أي لا يصيب أحدهما الآخر بقرنه ؛ من نَطَحَهُ ، أي أصابه بقرنه . والعَنْزُ : الاُنثى من المَعْز . وهذا مثل يضرب في أمر هيّن لا يكون له تغيير ولا نكير . راجع : النهاية ، ج ۵ ، ص ۷۴ .

2.. البقرة ۲ : ۱۵۶ .

3.. في مرآة العقول، ج۴، ص۱۴۳ : «فتوطّئوه ، على باب التفعيل ، أي داسوه بأرجلهم» . وراجع : القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۲۴ وطأ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
568

فَرَسِهِ، فَطَرَحْتَهُ، وَ حَمَلَ عَلَيْكَ آخَرُ خَارِجٌ مِنْ زُقَاقِ آلِ أَبِي عَمَّارٍ الدُّؤلِيِّينَ۱، عَلَيْهِ غَدِيرَتَانِ۲ مَضْفُورَتَانِ۳، وَ قَدْ خَرَجَتَا مِنْ تَحْتِ بَيْضَتِهِ كَثِيرُ شَعْرِ الشَّارِبَيْنِ، فَهُوَ وَ اللّهِ صَاحِبُكَ، فَلاَ رَحِمَ اللّهُ رِمَّتَهُ۴».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللّهِ، حَسِبْتَ فَأَخْطَأْتَ. وَ قَامَ إِلَيْهِ السُّرَاقِيُّ بْنُ سَلْخِ الْحُوتِ، فَدَفَعَ فِي ظَهْرِهِ حَتّى أُدْخِلَ السِّجْنَ، وَ اصْطُفِيَ مَا كَانَ لَهُ مِنْ مَالٍ، وَ مَا كَانَ لِقَوْمِهِ مِمَّنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ مُحَمَّدٍ.
قَالَ: فَطُلِعَ۵ بِإِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ
ضَعِيفٌ، قَدْ ذَهَبَتْ إِحْدى عَيْنَيْهِ، وَ ذَهَبَتْ رِجْلاَهُ وَ هُوَ يُحْمَلُ حَمْلاً، فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْعَةِ،فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعِيفٌ، وَ أَنَا إِلى بِرِّكَ وَ عَوْنِكَ أَحْوَجُ.
فَقَالَ لَهُ: لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ تُبَايِعَ.
فَقَالَ لَهُ: وَأَيَّ شَيْءٍ تَنْتَفِعُ بِبَيْعَتِي؛ وَاللّهِ، إِنِّي لَأُضَيِّقُ عَلَيْكَ مَكَانَ اسْمِ رَجُلٍ إِنْ كَتَبْتَهُ.
قَال: لاَ بُدَّ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ. وَ أَغْلَظَ لَهُ فِي الْقَوْلِ.
فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: ادْعُ لِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَلَعَلَّنَا نُبَايِعُ جَمِيعاً.
قَالَ: فَدَعَا جَعْفَراً عليه‏السلام، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُبَيِّنَ لَهُ

1.. في البحار : «الدئليين» . و«الدُئل» بكسر الهمزة : هم حيّ من كنانة ، وينسب إليهم أبو الأسود الدُئَلي . راجع: شرح المازندراني، ج۶، ص۳۰۵.

2.. «الغَدِيرتان» : الذُؤابتان اللتان تسقطان على الصدر . والذُؤابة : خُصلة من الشعر المنسوج بعضها على بعض مرسلة . راجع : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۱۰ غدر .

3.. «مضفورتان» ، أي منسوجتان ، من الضَفْر وهو النسج ، راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۹۲ ضفر .

4.. «الرِمَّةُ» : العظام البالية ، والمعنى : لا رحمه اللّه‏ أبدا ولو بعد صيرورته رميما . راجع : الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۳۶ رمم .

5.. «فطُلِعَ» ، أي أُتِيَ به ، يقال : طَلَعَ فلان علينا ، أي أتانا . راجع : القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹۹۷ طلع .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16924
صفحه از 868
پرینت  ارسال به