567
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، أَ وَ تُرَاكَ تَسْجُنُنِي ؟».
قَالَ: نَعَمْ، وَ الَّذِي أَكْرَمَ مُحَمَّداً صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بِالنُّبُوَّةِ لَأَسْجُنَنَّكَ، وَ لَأُشَدِّدَنَّ عَلَيْكَ، فَقَالَ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ: احْبِسُوهُ فِي الْمَخْبَأَ ـ وَ ذلِكَ دَارُ رَيْطَةَ۱ الْيَوْمَ ـ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «أَمَا وَ اللّهِ إِنِّي سَأَقُولُ، ثُمَّ أُصَدَّقُ».
فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ: لَوْ تَكَلَّمْتَ لَكَسَرْتُ فَمَكَ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «أَمَا وَ اللّهِ يَا أَكْشَفُ يَا أَزْرَقُ، لَكَأَنِّي بِكَ تَطْلُبُ لِنَفْسِكَ جُحْراً تَدْخُلُ فِيهِ، وَ مَا أَنْتَ فِي الْمَذْكُورِينَ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ ـ إِذَا صُفِّقَ۲ خَلْفَكَ ـ طِرْتَ مِثْلَ الْهَيْقِ۳ النَّافِرِ». فَنَفَرَ عَلَيْهِ۴ مُحَمَّدٌ بِانْتِهَارٍ۵: احْبِسْهُ، وَ شَدِّدْ عَلَيْهِ، وَاغْلُظْ عَلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «أَمَا وَ اللّهِ لَكَأَنِّي بِكَ خَارِجاً مِنْ سُدَّةِ أَشْجَعَ إِلى بَطْنِ الْوَادِي، وَ قَدْ حَمَلَ عَلَيْكَ فَارِسٌ مُعْلِمٌ۶، فِي يَدِهِ طِرَادَةٌ۷، نِصْفُهَا أَبْيَضُ، وَ نِصْفُهَا أَسْوَدُ، عَلى فَرَسٍ كُمَيْتٍ۸ أَقْرَحَ۹، فَطَعَنَكَ، فَلَمْ يَصْنَعْ فِيكَ شَيْئاً، وَ ضَرَبْتَ خَيْشُومَ

1.. قال المجلسي : «والأظهر عندي أنّه بالمثنّاة اسم ريطة بنت عبد اللّه‏ محمّد بن الحنفيّة اُمّ يحيى بن زيد ، وكانت ريطة في هذا اليوم تسكن هذه الدار» . راجع: مرآة العقول، ج۴، ص۱۳۸.

2.. الصَفْقُ : الضرب الذي يُسْمَعُ له صوت ، وكذلك التصفيق : ضرب إحدى اليدين بالاُخرى . راجع : الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۰۷ صفق .

3.. «الهَيْقُ» : الظَليم ، وهو ذَكَر النَعام ، وهو نوع من الطيور . راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ۳ ، ص ۱۹۱۵ هيق .

4.. قال المازندراني : «يعني قضى محمّد لعيسى بن زيد وحكم له على أبي عبد اللّه‏ بالغلبة» ، ثمّ نقل عن بعض النسخ : «فنغر عليه» بمعنى اغتاظ . راجع : شرح المازندراني ، ج ۶ ، ص ۳۰۴ .

5.. «النَهْرُ» و«الانتهار» : الزَجْر بمغالظة . راجع : المغرب ، ص ۴۷۲ نهر .

6.. من قولهم : أعلم الفارسُ ، أي جعل لنفسه علامة الشُجْعان ، فهو مُعْلِمٌ . ورجلٌ مُعْلِمٌ ، إذا عُلِم مكانه في الحرب بعلامة أعلمها . راجع : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۴۱۹ علم .

7.. الطِرادُ : الرُمْح الصغير ؛ لأنّ صاحبه يطارد به . راجع : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۲۶۸ طرد .

8.. الكُمَيْتُ من الخيل ، يستوي فيه المذكّر والمؤنّث ، ولونه الكُمْتَةُ ، وهي حُمْرَةٌ يدخلها قُنُوءٌ ، وهو سواد غير خالص . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۶۳ كمت .

9.. «الأقْرَحُ» : هو ما كان في جبهته قُرْحَةٌ ، وهي بياض يسير في وجه الفرس دون الغُرَّة ، والغرّة : بياض في جبهته فوق الدرهم . راجع : النهاية ، ج ۴ ، ص ۳۶ قرح .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
566

وَ دَعْ عَنْكَ الشُّيُوخَ».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: مَا أَقْرَبَ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ فِي السِّنِّ!
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «إِنِّي لَمْ أُعَازَّكَ۱، وَ لَمْ أَجِئْ لِأَتَقَدَّمَ عَلَيْكَ فِي الَّذِي أَنْتَ فِيهِ».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: لاَ وَ اللّهِ، لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ تُبَايِعَ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «مَا فِيَّ يَا ابْنَ أَخِي طَلَبٌ وَ لاَ حَرْبٌ، وَ إِنِّي لَأُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى الْبَادِيَةِ، فَيَصُدُّنِي ذلِكَ، وَ يَثْقُلُ عَلَيَّ حَتّى تُكَلِّمَنِي فِي ذلِكَ الْأَهْلُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَ لاَ يَمْنَعُنِي مِنْهُ إِلاَّ الضَّعْفُ، وَ اللّهِ وَ الرَّحِمِ۲ أَنْ تُدْبِرَ۳ عَنَّا، وَ نَشْقى۴ بِكَ».
فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللّهِ، قَدْ وَ اللّهِ مَاتَ أَبُو الدَّوَانِيقِ يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «وَ مَا تَصْنَعُ بِي وَ قَدْ مَاتَ ؟».
قَالَ: أُرِيدُ الْجَمَالَ بِكَ.
قَالَ: «مَا إِلى مَا تُرِيدُ سَبِيلٌ، لاَ وَ اللّهِ، مَا مَاتَ أَبُو الدَّوَانِيقِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَاتَ مَوْتَ النَّوْمِ».
قَالَ: وَ اللّهِ، لَتُبَايِعُنِي طَائِعاً أَوْ مُكْرَهاً، وَ لاَ تُحْمَدُ فِي بَيْعَتِكَ، فَأَبى عَلَيْهِ إِبَاءً شَدِيداً، وَ أَمَرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ.
فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ: أَمَا إِنْ طَرَحْنَاهُ فِي السِّجْنِ ـ وَ قَدْ خَرِبَ السِّجْنُ، وَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ غَلَقٌ ـ خِفْنَا أَنْ يَهْرُبَ مِنْهُ، فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، ثُمَّ قَالَ: «لاَ حَوْلَ

1.. قوله : «لم اُعازّك» ، أي اُغالبك . يقال : عازّني فعززته ، أي غالبني فغلبته . والاسم : العزّة ، وهي القوّة والغلبة . راجع : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۷۸ عزز .

2.. في مرآة العقول، ج۴، ص۱۳۸: «واللّه‏ والرحم، بالجرّ، أي أنشد باللّه‏ وبالرحم في أن لا تدبر. أو بالنصب، بتقدير أذكر أن تدبر».

3.. قال المازندراني : الدابر : الرجل الذي يقطع رحمه . راجع : شرح المازندراني ، ج ۶ ، ص ۳۰۳ .

4.. قوله : «نشقى بك» ، أي يلحقنا الشقاء ونقع في التعب والعناء بسبب مبايعتك ؛ من الشَقاء ، وهو الشِدَّة والعُسْرة . راجع : الوافي ، ج ۲ ، ص ۱۶۳ .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16906
صفحه از 868
پرینت  ارسال به