565
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

فَأَقَمْنَا بَعْدَ ذلِكَ حِيناً، ثُمَّ أُتِيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَأُخْبِرَ أَنَّ أَبَاهُ
وَ عُمُومَتَهُ قُتِلُوا ـ قَتَلَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ ـ إِلاَّ حَسَنَ بْنَ جَعْفَرٍ وَ طَبَاطَبَا وَ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ وَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ وَ دَاوُدَ بْنَ حَسَنٍ وَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ دَاوُدَ.
قَالَ: فَظَهَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عِنْدَ ذلِكَ، وَ دَعَا النَّاسَ لِبَيْعَتِهِ.
قَالَ: فَكُنْتُ ثَالِثَ ثَلاَثَةٍ بَايَعُوهُ، وَ اسْتَوْثَقَ النَّاسَ لِبَيْعَتِهِ، وَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ قُرَشِيٌّ وَ لاَ أَنْصَارِيٌّ وَ لاَ عَرَبِيٌّ.
قَالَ: وَ شَاوَرَ عِيسَى بْنَ زَيْدٍ ـ وَ كَانَ مِنْ ثِقَاتِهِ وَ كَانَ عَلى شُرَطِهِ۱ ـ فَشَاوَرَهُ فِي الْبِعْثَةِ إِلى وُجُوهِ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ: إِنْ دَعَوْتَهُمْ دُعَاءً يَسِيراً، لَمْ يُجِيبُوكَ، أَوْ تَغْلُظَ عَلَيْهِمْ، فَخَلِّنِي وَ إِيَّاهُمْ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: امْضِ إِلى مَنْ أَرَدْتَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: ابْعَثْ إِلى رَئِيسِهِمْ وَ كَبِيرِهِمْ ـ يَعْنِي أَبَا عَبْدِ اللّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليه‏السلام ـ فَإِنَّكَ إِذَا أَغْلَظْتَ عَلَيْهِ، عَلِمُوا جَمِيعاً أَنَّكَ سَتُمِرُّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الَّتِي أَمْرَرْتَ عَلَيْهَا أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام.
قَالَ: فَوَ اللّهِ، مَا لَبِثْنَا أَنْ أُتِيَ بِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام حَتّى أُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ: أَسْلِمْ ؛ تَسْلَمْ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «أَ حَدَثَتْ نُبُوَّةٌ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: لاَ، وَلكِنْ بَايِعْ؛ تَأْمَنْ عَلى نَفْسِكَ وَمَالِكَ وَوُلْدِكَ، وَ لاَ تُكَلَّفَنَّ حَرْباً.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «مَا فِيَّ حَرْبٌ وَ لاَ قِتَالٌ، وَ لَقَدْ تَقَدَّمْتُ إِلى أَبِيكَ، وَ حَذَّرْتُهُ الَّذِي حَاقَ بِهِ۲، وَ لكِنْ لاَ يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، يَا ابْنَ أَخِي۳، عَلَيْكَ بِالشَّبَابِ،

1.. «الشُرَط» : جمع الشُرطَة ، وهي أوّل طائفة من الجيش تشهد الوقعة . وشُرَط السلطان : نُخبة أصحابه الذين يقدّمهم على غيرهم من جنده . راجع : النهاية ، ج۲ ، ص ۴۶۰ شرط .

2.. قال الجوهري : «حاق به الشيء يحيق ، أي أحاط به . وحاق بهم العذاب ، أي أحاط بهم ونزل» . الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۶۶ حيق .

3.. محمّد هذا حسنيّ فلا يمكن أن يكون ابن أخ الصادق عليه‏السلام إلاّ أن يكون أبوه أخا رضاعيا له عليه‏السلام . ويحتمل أن يكون المخاطب هو عيسى بن زيد وكان محمّد خطأً وإن كان ما يأتي من قوله : «فقال له عيسى بن زيد» يأباه .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
564

وُقِّفُوا عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.
قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيُّ: فَحَدَّثَتْنَا خَدِيجَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّهُمْ لَمَّا أُوقِفُوا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ ـ الْبَابِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: بَابُ جَبْرَئِيلَ ـ أَطْلَعَ عَلَيْهِمْ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام ـ وَ عَامَّةُ رِدَائِهِ مَطْرُوحٌ بِالْأَرْضِ ـ ثُمَّ أَطْلَعَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «لَعَنَكُمُ اللّهُ يَا مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ ـ ثَلاَثاً ـ مَا عَلى هذَا عَاهَدْتُمْ رَسُولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وَ لاَ بَايَعْتُمُوهُ، أَمَا وَ اللّهِ إِنْ۱ كُنْتُ حَرِيصاً، وَ لكِنِّي غُلِبْتُ، وَ لَيْسَ لِلْقَضَاءِ مَدْفَعٌ».
ثُمَّ قَامَ وَ أَخَذَ إِحْدى نَعْلَيْهِ، فَأَدْخَلَهَا رِجْلَهُ، وَ الْأُخْرى فِي يَدِهِ، وَ عَامَّةُ رِدَائِهِ يَجُرُّهُ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ، فَحُمَّ عِشْرِينَ لَيْلَةً لَمْ يَزَلْ يَبْكِي فِيهَا اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ حَتّى خِفْنَا عَلَيْهِ. فَهذَا حَدِيثُ خَدِيجَةَ.
قَالَ الْجَعْفَرِيُّ: وَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَسَنِ:
أَنَّهُ لَمَّا طُلِعَ بِالْقَوْمِ فِي الْمَحَامِلِ، قَامَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام مِنَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أَهْوى إِلَى الْمَحْمِلِ۲ الَّذِي فِيهِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَسَنِ يُرِيدُ كَلاَمَهُ، فَمُنِعَ أَشَدَّ الْمَنْعِ، وَ أَهْوى إِلَيْهِ الْحَرَسِيُّ۳، فَدَفَعَهُ، وَ قَالَ: تَنَحَّ عَنْ هذَا ؛ فَإِنَّ اللّهَ سَيَكْفِيكَ وَ يَكْفِي غَيْرَكَ، ثُمَّ دُخِلَ بِهِمُ الزُّقَاقَ، وَ رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام إِلى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يُبْلَغْ بِهِمُ الْبَقِيعَ حَتَّى ابْتُلِيَ الْحَرَسِيُّ بَلاَءً شَدِيداً، رَمَحَتْهُ نَاقَتُهُ۴، فَدَقَّتْ وَرِكُهُ۵، فَمَاتَ فِيهَا، وَ مُضِيَ بِالْقَوْمِ.

1.. قوله : «إن» : مخفّفة من المثقّلة ، وضمير الشأن محذوف ، يعني قد كنت حريصا على دفع هذا الأمر عنهم بالنصيحة لهم . راجع : الوافي ، ج ۲ ، ص ۱۶۲ ؛ مرآة العقول ، ج ۴ ، ص ۱۳۳ .

2.. «أهوى إلى المحمل» ، أي مدّ يده نحوه وأمالها إليه . راجع : النهاية ، ج ۵ ، ص ۲۸۵ هوا .

3.. «الحَرَسِيُّ بفتح الراء : واحد الحُرّاس والحَرَس ، وهم خَدَم السلطان ، المرتّبون لحفظه وحِراسته . النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۶۷ حرس.

4.. قوله : «رَمَحَتْهُ ناقتُه» ، أي ضربته برجلها . يقال : رَمَحَهُ الفرس والبغل والحمار ، إذا ضربه برجله . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۶۷ رمح .

5.. «الوَرِك» : ما فوق الفخذ . الصحاح ، ج ۱۰ ، ص ۵۰۹ ورك .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16982
صفحه از 868
پرینت  ارسال به