فَأَقَمْنَا بَعْدَ ذلِكَ حِيناً، ثُمَّ أُتِيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَأُخْبِرَ أَنَّ أَبَاهُ
وَ عُمُومَتَهُ قُتِلُوا ـ قَتَلَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ ـ إِلاَّ حَسَنَ بْنَ جَعْفَرٍ وَ طَبَاطَبَا وَ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ وَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ وَ دَاوُدَ بْنَ حَسَنٍ وَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ دَاوُدَ.
قَالَ: فَظَهَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عِنْدَ ذلِكَ، وَ دَعَا النَّاسَ لِبَيْعَتِهِ.
قَالَ: فَكُنْتُ ثَالِثَ ثَلاَثَةٍ بَايَعُوهُ، وَ اسْتَوْثَقَ النَّاسَ لِبَيْعَتِهِ، وَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ قُرَشِيٌّ وَ لاَ أَنْصَارِيٌّ وَ لاَ عَرَبِيٌّ.
قَالَ: وَ شَاوَرَ عِيسَى بْنَ زَيْدٍ ـ وَ كَانَ مِنْ ثِقَاتِهِ وَ كَانَ عَلى شُرَطِهِ۱ ـ فَشَاوَرَهُ فِي الْبِعْثَةِ إِلى وُجُوهِ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ: إِنْ دَعَوْتَهُمْ دُعَاءً يَسِيراً، لَمْ يُجِيبُوكَ، أَوْ تَغْلُظَ عَلَيْهِمْ، فَخَلِّنِي وَ إِيَّاهُمْ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: امْضِ إِلى مَنْ أَرَدْتَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: ابْعَثْ إِلى رَئِيسِهِمْ وَ كَبِيرِهِمْ ـ يَعْنِي أَبَا عَبْدِ اللّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهالسلام ـ فَإِنَّكَ إِذَا أَغْلَظْتَ عَلَيْهِ، عَلِمُوا جَمِيعاً أَنَّكَ سَتُمِرُّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الَّتِي أَمْرَرْتَ عَلَيْهَا أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام.
قَالَ: فَوَ اللّهِ، مَا لَبِثْنَا أَنْ أُتِيَ بِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام حَتّى أُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ: أَسْلِمْ ؛ تَسْلَمْ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «أَ حَدَثَتْ نُبُوَّةٌ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله ؟».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: لاَ، وَلكِنْ بَايِعْ؛ تَأْمَنْ عَلى نَفْسِكَ وَمَالِكَ وَوُلْدِكَ، وَ لاَ تُكَلَّفَنَّ حَرْباً.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «مَا فِيَّ حَرْبٌ وَ لاَ قِتَالٌ، وَ لَقَدْ تَقَدَّمْتُ إِلى أَبِيكَ، وَ حَذَّرْتُهُ الَّذِي حَاقَ بِهِ۲، وَ لكِنْ لاَ يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، يَا ابْنَ أَخِي۳، عَلَيْكَ بِالشَّبَابِ،
1.. «الشُرَط» : جمع الشُرطَة ، وهي أوّل طائفة من الجيش تشهد الوقعة . وشُرَط السلطان : نُخبة أصحابه الذين يقدّمهم على غيرهم من جنده . راجع : النهاية ، ج۲ ، ص ۴۶۰ شرط .
2.. قال الجوهري : «حاق به الشيء يحيق ، أي أحاط به . وحاق بهم العذاب ، أي أحاط بهم ونزل» . الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۶۶ حيق .
3.. محمّد هذا حسنيّ فلا يمكن أن يكون ابن أخ الصادق عليهالسلام إلاّ أن يكون أبوه أخا رضاعيا له عليهالسلام . ويحتمل أن يكون المخاطب هو عيسى بن زيد وكان محمّد خطأً وإن كان ما يأتي من قوله : «فقال له عيسى بن زيد» يأباه .