فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «اللّهُ يَعْلَمُ مَا أُرِيدُ إِلاَّ نُصْحَكَ وَ رُشْدَكَ، وَ مَا عَلَيَّ إِلاَّ الْجَهْدُ».
فَقَامَ أَبِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُغْضَباً، فَلَحِقَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام، فَقَالَ لَهُ: «أُخْبِرُكَ أَنِّي سَمِعْتُ
عَمَّكَ ـ وَ هُوَ خَالُكَ۱ ـ يَذْكُرُ أَنَّكَ وَ بَنِي أَبِيكَ سَتُقْتَلُونَ، فَإِنْ أَطَعْتَنِي وَ رَأَيْتَ أَنْ تَدْفَعَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فَافْعَلْ ؛ فَوَ اللّهِ ـ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَادَةِ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ عَلى خَلْقِهِ ـ لَوَدِدْتُ أَنِّي فَدَيْتُكَ بِوُلْدِي، وَ بِأَحَبِّهِمْ إِلَيَّ، وَ بِأَحَبِّ أَهْلِ بَيْتِي إِلَيَّ، وَ مَا يَعْدِلُكَ عِنْدِي شَيْءٌ، فَلاَ تَرى أَنِّي غَشَشْتُكَ۲». فَخَرَجَ أَبِي مِنْ عِنْدِهِ مُغْضَباً أَسِفاً.
قَالَ: فَمَا أَقَمْنَا بَعْدَ ذلِكَ إِلاَّ قَلِيلاً ـ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ نَحْوَهَا ـ حَتّى قَدِمَتْ رُسُلُ أَبِي جَعْفَرٍ، فَأَخَذُوا أَبِي وَ عُمُومَتِي: سُلَيْمَانَ بْنَ حَسَنٍ، وَ حَسَنَ بْنَ حَسَنٍ، وَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ حَسَنٍ، وَ دَاوُدَ بْنَ حَسَنٍ، وَ عَلِيَّ بْنَ حَسَنٍ، وَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ حَسَنٍ، وَ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنٍ، وَ حَسَنَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ حَسَنٍ، وَ طَبَاطَبَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَسَنٍ، وَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ دَاوُدَ.
قَالَ: فَصُفِّدُوا۳ فِي الْحَدِيدِ، ثُمَّ حُمِلُوا فِي مَحَامِلَ أَعْرَاءً۴ لاَ وِطَاءَ۵ فِيهَا، وَ وُقِّفُوا بِالْمُصَلّى لِكَيْ يَشْتِمَهُمُ النَّاسُ.
قَالَ: فَكَفَّ النَّاسُ عَنْهُمْ، وَ رَقُّوا لَهُمْ لِلْحَالِ الَّتِي هُمْ فِيهَا، ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِمْ حَتّى
1.. والمراد به هو عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، فإنّه خاله حقيقة وعمّه مجازا ؛ فإنّه ابن عمّه كما هو ابن عمّ أبيه الحسن أيضا . راجع: مرآة العقول، ج۴، ص۱۳۱.
2.. في القاموس: «غَشَّهُ: لم يمحضه النُصْحَ، أو أظهر له خلاف ما أضمره». القاموس المحيط، ج ۱، ص ۸۱۷ غشش .
3.. قوله : صُفِدُوا ، أو صُفِّدُوا ، أي شُدُّوا وأُوثقوا بالأغلال . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۵ صفد .
4.. «الأعْراء» : جمع العَراء ، وهو المكان الفضاء لا يَسْتَتر فيه شيء . لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۴۹ عرا .
5.. قال الجوهري : «الوِطاءُ : خلاف الغطاء» . و المراد عدم الفرش تحتهم ، راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۸۱ وطأ .