563
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «اللّهُ يَعْلَمُ مَا أُرِيدُ إِلاَّ نُصْحَكَ وَ رُشْدَكَ، وَ مَا عَلَيَّ إِلاَّ الْجَهْدُ».
فَقَامَ أَبِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُغْضَباً، فَلَحِقَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، فَقَالَ لَهُ: «أُخْبِرُكَ أَنِّي سَمِعْتُ
عَمَّكَ ـ وَ هُوَ خَالُكَ۱ ـ يَذْكُرُ أَنَّكَ وَ بَنِي أَبِيكَ سَتُقْتَلُونَ، فَإِنْ أَطَعْتَنِي وَ رَأَيْتَ أَنْ تَدْفَعَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فَافْعَلْ ؛ فَوَ اللّهِ ـ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَادَةِ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ عَلى خَلْقِهِ ـ لَوَدِدْتُ أَنِّي فَدَيْتُكَ بِوُلْدِي، وَ بِأَحَبِّهِمْ إِلَيَّ، وَ بِأَحَبِّ أَهْلِ بَيْتِي إِلَيَّ، وَ مَا يَعْدِلُكَ عِنْدِي شَيْءٌ، فَلاَ تَرى أَنِّي غَشَشْتُكَ۲». فَخَرَجَ أَبِي مِنْ عِنْدِهِ مُغْضَباً أَسِفاً.
قَالَ: فَمَا أَقَمْنَا بَعْدَ ذلِكَ إِلاَّ قَلِيلاً ـ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ نَحْوَهَا ـ حَتّى قَدِمَتْ رُسُلُ أَبِي جَعْفَرٍ، فَأَخَذُوا أَبِي وَ عُمُومَتِي: سُلَيْمَانَ بْنَ حَسَنٍ، وَ حَسَنَ بْنَ حَسَنٍ، وَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ حَسَنٍ، وَ دَاوُدَ بْنَ حَسَنٍ، وَ عَلِيَّ بْنَ حَسَنٍ، وَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ حَسَنٍ، وَ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنٍ، وَ حَسَنَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ حَسَنٍ، وَ طَبَاطَبَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَسَنٍ، وَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ دَاوُدَ.
قَالَ: فَصُفِّدُوا۳ فِي الْحَدِيدِ، ثُمَّ حُمِلُوا فِي مَحَامِلَ أَعْرَاءً۴ لاَ وِطَاءَ۵ فِيهَا، وَ وُقِّفُوا بِالْمُصَلّى لِكَيْ يَشْتِمَهُمُ النَّاسُ.
قَالَ: فَكَفَّ النَّاسُ عَنْهُمْ، وَ رَقُّوا لَهُمْ لِلْحَالِ الَّتِي هُمْ فِيهَا، ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِمْ حَتّى

1.. والمراد به هو عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، فإنّه خاله حقيقة وعمّه مجازا ؛ فإنّه ابن عمّه كما هو ابن عمّ أبيه الحسن أيضا . راجع: مرآة العقول، ج۴، ص۱۳۱.

2.. في القاموس: «غَشَّهُ: لم يمحضه النُصْحَ، أو أظهر له خلاف ما أضمره». القاموس المحيط، ج ۱، ص ۸۱۷ غشش .

3.. قوله : صُفِدُوا ، أو صُفِّدُوا ، أي شُدُّوا وأُوثقوا بالأغلال . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۵ صفد .

4.. «الأعْراء» : جمع العَراء ، وهو المكان الفضاء لا يَسْتَتر فيه شيء . لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۴۹ عرا .

5.. قال الجوهري : «الوِطاءُ : خلاف الغطاء» . و المراد عدم الفرش تحتهم ، راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۸۱ وطأ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
562

[.........................................
]مَنَّتْكَ۱ نَفْسُكَ فِي الْخَلاَءِ ضَلاَلاً۲
لاَ وَ اللّهِ، لاَ يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، وَ لاَ يَبْلُغُ عَمَلُهُ الطَّائِفَ إِذَا أَحْفَلَ ـ يَعْنِي إِذَا أَجْهَدَ نَفْسَهُ ـ وَ مَا لِلْأَمْرِ مِنْ بُدٍّ أَنْ يَقَعَ، فَاتَّقِ اللّهَ، وَ ارْحَمْ نَفْسَكَ وَ بَنِي أَبِيكَ ؛ فَوَ اللّهِ، إِنِّي لَأَرَاهُ أَشْأَمَ سَلْحَةٍ۳ أَخْرَجَتْهَا أَصْلاَبُ الرِّجَالِ إِلى أَرْحَامِ النِّسَاءِ ؛ وَ اللّهِ، إِنَّهُ الْمَقْتُولُ بِسُدَّةِ أَشْجَعَ بَيْنَ دُورِهَا ؛ وَ اللّهِ، لَكَأَنِّي بِهِ صَرِيعاً، مَسْلُوباً بِزَّتَهُ۴، بَيْنَ رِجْلَيْهِ لَبِنَةٌ۵، وَ لاَ يَنْفَعُ هذَا الْغُلاَمَ مَا يَسْمَعُ ـ قَالَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللّهِ: يَعْنِينِي ـ وَ لَيَخْرُجَنَّ مَعَهُ فَيُهْزَمُ وَ يُقْتَلُ صَاحِبُهُ، ثُمَّ يَمْضِي، فَيَخْرُجُ مَعَهُ رَايَةٌ أُخْرى، فَيُقْتَلُ كَبْشُهَا۶، وَ يَتَفَرَّقُ جَيْشُهَا، فَإِنْ أَطَاعَنِي، فَلْيَطْلُبِ الْأَمَانَ عِنْدَ ذلِكَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ حَتّى يَأْتِيَهُ اللّهُ بِالْفَرَجِ.
وَ لَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ هذَا الْأَمْرَ لاَ يَتِمُّ، وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ وَ نَعْلَمُ أَنَّ ابْنَكَ الْأَحْوَلُ الْأَخْضَرُ الْأَكْشَفُ الْمَقْتُولُ بِسُدَّةِ أَشْجَعَ بَيْنَ دُورِهَا عِنْدَ بَطْنِ مَسِيلِهَا».
فَقَامَ أَبِي وَ هُوَ يَقُولُ: بَلْ يُغْنِي اللّهُ عَنْكَ ؛ وَ لَتَعُودَنَّ، أَوْ لَيَقِي اللّهُ بِكَ وَ بِغَيْرِكَ، وَ مَا أَرَدْتَ بِهذَا إِلاَّ امْتِنَاعَ غَيْرِكَ، وَ أَنْ تَكُونَ ذَرِيعَتَهُمْ إِلى ذلِكَ.

1.. قوله : «منّتك» ، أي أعطتك نفسك في الخلوة هذه الخصلة الذميمة ؛ من المَنّ أو جعلك متيقّنا بالأمانيّ الباطلة ، من المَنّ بمعنى اعتقاد المَنّ . مرآة العقول ، ج ۴ ، ص ۱۲۹ .

2.. هذا هو عجز بيت صدره :
أَنعِق بَضأنِك يا جرير فإنّما. راجع: لسان العرب، ج۱۱، ص۲۰۹ ـ ۲۱۰ خطل.
والمعنى: أنّك يا جرير من رعاة الغنم، ولست من الأشراف وأهل المفاخر، وما منّتك به نفسك وسوّلته لك في الفضاء الخالي من الناس، أنّك من العظماء، إنّما هو ضلال باطل لاحقيقة له ، لأنّك لاتقدر على إظهاره في الملأ.

3.. «السَلْحُ»: هو من الطائر كالتغوّط من الإنسان. اُطلق على النطفة استعارة. راجع: المصباح المنير، ص ۲۸۵ سلح.

4.. البِزَّةُ : السلاح . الصحاح ، ج ۳ ، ص ۸۶۵ بزز .

5.. اللَبِنَةُ : واحدة اللَبِن ، وهي التي يُبْنى بها الجدار . ويقال : بكسر اللام وسكون الباء ، كناية عن ستر عورته بها. راجع : الوافي ، ج ۲ ، ص ۱۶۲ ؛ والنهاية ، ج ۴ ، ص ۲۲۹ لبن .

6.. كَبْشُ القوم : رئيسهم وسيّدهم ، وكبش الجيش : أميرهم . راجع : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۳۳۸ كبش .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16987
صفحه از 868
پرینت  ارسال به