فَلَوْ كَانَ أَمَرَ الْحُسَيْنَ عليهالسلام أَنْ يُصَيِّرَهَا فِي الْأَسَنِّ، أَوْ يَنْقُلَهَا فِي وُلْدِهِمَا ـ يَعْنِي الْوَصِيَّةَ ـ لَفَعَلَ ذلِكَ الْحُسَيْنُ عليهالسلام، وَ مَا هُوَ بِالْمُتَّهَمِ عِنْدَنَا فِي الذَّخِيرَةِ لِنَفْسِهِ، وَ لَقَدْ وَلّى۱ وَ تَرَكَ ذلِكَ، وَ لكِنَّهُ مَضى لِمَا أُمِرَ بِهِ، وَ هُوَ جَدُّكَ وَ عَمُّكَ۲ ؛ فَإِنْ قُلْتَ خَيْراً، فَمَا أَوْلاَكَ بِهِ،
وَ إِنْ قُلْتَ هُجْراً، فَيَغْفِرُ اللّهُ لَكَ، أَطِعْنِي يَا ابْنَ عَمِّ، وَ اسْمَعْ كَلاَمِي، فَوَ اللّهِ ـ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ـ لاَ آلُوكَ نُصْحاً۳ وَ حِرْصاً۴، فَكَيْفَ وَ لاَ أَرَاكَ تَفْعَلُ، وَ مَا لِأَمْرِ اللّهِ مِنْ مَرَدٍّ».
فَسُرَّ أَبِي عِنْدَ ذلِكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «وَ اللّهِ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ الْأَحْوَلُ۵ الْأَكْشَفُ۶، الْأَخْضَرُ۷ الْمَقْتُولُ بِسُدَّةِ۸ أَشْجَعَ۹ عِنْدَ بَطْنِ مَسِيلِهَا».
فَقَالَ أَبِي: لَيْسَ هُوَ ذلِكَ، وَ اللّهِ، لَيُحَارِبَنَّ بِالْيَوْمِ يَوْماً، وَ بِالسَّاعَةِ سَاعَةً، وَ بِالسَّنَةِ سَنَةً، وَ لَيَقُومَنَّ بِثَأْرِ بَنِي أَبِي طَالِبٍ جَمِيعاً.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «يَغْفِرُ اللّهُ لَكَ، مَا أَخْوَفَنِي أَنْ يَكُونَ هذَا الْبَيْتُ يَلْحَقُ صَاحِبَنَا:
1.. في الوافي، ج۲، ص۱۶۱ : «ولقد وَلِيَ ، أي الأَمْرَ ، أو بالتشديد ، أي أدبر» .
2.. «جدّك» ، أي من جهة الاُمّ ؛ لأنّ اُمّه كانت فاطمة بنت الحسين عليهالسلام . و«عمّك» أي من جهة الأب . راجع : شرح المازندراني ، ج ۶ ، ص ۲۹۸ ؛ مرآة العقول ، ج ۴ ، ص ۱۲۷ .
3.. «لا آلوك نُصْحا» ، أي لا أدع النصح فيك ولا أتركه وأفتر ، ولا اُقصّر في نصحك . راجع : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۴۰ ألا .
4.. في مرآة العقول : «وحِرْصا ، أي على إصلاحك» .
5.. «الأحْوَلُ» : مَنْ به حَوَلٌ ، وهو إقبال الحدقة على الأنف . راجع : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۱ حول . وفي الوافي : «أي لتعلم أنّ ابنك محمّدا هذا هو الأحول الأكشف الذي أخبر به المخبر الصادق أنّه سيخرج بغير حقّ ويقتل صاغرا» .
6.. قال ابن الأثير : «الأكشف : الذي تَنْبُت له شَعَراتٌ في قُصاص ناصيته ثائرة ، لا تكاد تسترسل . والعرب تتشاءم به» . النهاية ، ج ۴ ، ص ۱۷۶ كشف.
7.. في القاموس : «الأخضر : الأسود» . وقال المجلسي : «أقول : ويحتمل أن يكون المراد هنا خُضْرَةُ العين . وهو أيضا ممّا يُتشاءم به» . القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۵۴۹ خضر ؛ مرآة العقول، ج۴، ص۱۲۸.
8.. قال ابن الأثير : «السُدَّةُ : كالظُلَّةُ على الباب ، لتقي البابَ من المطر . وقيل : هي البابُ نفسه . وقيل : هي الساحة بين يديه» . وقال المجلسي : «وربّما يقرأ بالفتح لمناسبتها للمسيل» . النهاية ، ج ۲ ، ص ۲۵۳ سدد.
9.. قال الجوهري : «الأشجع : قبيلة من غطفان» . الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۳۵ شجع .