561
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

فَلَوْ كَانَ أَمَرَ الْحُسَيْنَ عليه‏السلام أَنْ يُصَيِّرَهَا فِي الْأَسَنِّ، أَوْ يَنْقُلَهَا فِي وُلْدِهِمَا ـ يَعْنِي الْوَصِيَّةَ ـ لَفَعَلَ ذلِكَ الْحُسَيْنُ عليه‏السلام، وَ مَا هُوَ بِالْمُتَّهَمِ عِنْدَنَا فِي الذَّخِيرَةِ لِنَفْسِهِ، وَ لَقَدْ وَلّى۱ وَ تَرَكَ ذلِكَ، وَ لكِنَّهُ مَضى لِمَا أُمِرَ بِهِ، وَ هُوَ جَدُّكَ وَ عَمُّكَ۲ ؛ فَإِنْ قُلْتَ خَيْراً، فَمَا أَوْلاَكَ بِهِ،
وَ إِنْ قُلْتَ هُجْراً، فَيَغْفِرُ اللّهُ لَكَ، أَطِعْنِي يَا ابْنَ عَمِّ، وَ اسْمَعْ كَلاَمِي، فَوَ اللّهِ ـ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ـ لاَ آلُوكَ نُصْحاً۳ وَ حِرْصاً۴، فَكَيْفَ وَ لاَ أَرَاكَ تَفْعَلُ، وَ مَا لِأَمْرِ اللّهِ مِنْ مَرَدٍّ».
فَسُرَّ أَبِي عِنْدَ ذلِكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «وَ اللّهِ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ الْأَحْوَلُ۵ الْأَكْشَفُ۶، الْأَخْضَرُ۷ الْمَقْتُولُ بِسُدَّةِ۸ أَشْجَعَ۹ عِنْدَ بَطْنِ مَسِيلِهَا».
فَقَالَ أَبِي: لَيْسَ هُوَ ذلِكَ، وَ اللّهِ، لَيُحَارِبَنَّ بِالْيَوْمِ يَوْماً، وَ بِالسَّاعَةِ سَاعَةً، وَ بِالسَّنَةِ سَنَةً، وَ لَيَقُومَنَّ بِثَأْرِ بَنِي أَبِي طَالِبٍ جَمِيعاً.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «يَغْفِرُ اللّهُ لَكَ، مَا أَخْوَفَنِي أَنْ يَكُونَ هذَا الْبَيْتُ يَلْحَقُ صَاحِبَنَا:

1.. في الوافي، ج۲، ص۱۶۱ : «ولقد وَلِيَ ، أي الأَمْرَ ، أو بالتشديد ، أي أدبر» .

2.. «جدّك» ، أي من جهة الاُمّ ؛ لأنّ اُمّه كانت فاطمة بنت الحسين عليه‏السلام . و«عمّك» أي من جهة الأب . راجع : شرح المازندراني ، ج ۶ ، ص ۲۹۸ ؛ مرآة العقول ، ج ۴ ، ص ۱۲۷ .

3.. «لا آلوك نُصْحا» ، أي لا أدع النصح فيك ولا أتركه وأفتر ، ولا اُقصّر في نصحك . راجع : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۴۰ ألا .

4.. في مرآة العقول : «وحِرْصا ، أي على إصلاحك» .

5.. «الأحْوَلُ» : مَنْ به حَوَلٌ ، وهو إقبال الحدقة على الأنف . راجع : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۱ حول . وفي الوافي : «أي لتعلم أنّ ابنك محمّدا هذا هو الأحول الأكشف الذي أخبر به المخبر الصادق أنّه سيخرج بغير حقّ ويقتل صاغرا» .

6.. قال ابن الأثير : «الأكشف : الذي تَنْبُت له شَعَراتٌ في قُصاص ناصيته ثائرة ، لا تكاد تسترسل . والعرب تتشاءم به» . النهاية ، ج ۴ ، ص ۱۷۶ كشف.

7.. في القاموس : «الأخضر : الأسود» . وقال المجلسي : «أقول : ويحتمل أن يكون المراد هنا خُضْرَةُ العين . وهو أيضا ممّا يُتشاءم به» . القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۵۴۹ خضر ؛ مرآة العقول، ج۴، ص۱۲۸.

8.. قال ابن الأثير : «السُدَّةُ : كالظُلَّةُ على الباب ، لتقي البابَ من المطر . وقيل : هي البابُ نفسه . وقيل : هي الساحة بين يديه» . وقال المجلسي : «وربّما يقرأ بالفتح لمناسبتها للمسيل» . النهاية ، ج ۲ ، ص ۲۵۳ سدد.

9.. قال الجوهري : «الأشجع : قبيلة من غطفان» . الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۳۵ شجع .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
560

وَ لَكَ أَنْ لاَ تُكَلَّفَ قِتَالاً وَ لاَ مَكْرُوهاً.
قَالَ: وَ هَجَمَ عَلَيْنَا نَاسٌ فَدَخَلُوا، وَ قَطَعُوا كَلاَمَنَا، فَقَالَ أَبِي: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا تَقُولُ ؟ فَقَالَ: «نَلْتَقِي إِنْ شَاءَ اللّهُ». فَقَالَ: أَ لَيْسَ عَلى مَا أُحِبُّ ؟ فَقَالَ: «عَلى مَا تُحِبُّ ـ إِنْ شَاءَ اللّهُ ـ مِنْ إِصْلاَحِكَ».
ثُمَّ انْصَرَفَ حَتّى جَاءَ الْبَيْتَ، فَبَعَثَ رَسُولاً إِلى مُحَمَّدٍ فِي جَبَلٍ بِجُهَيْنَةَ ـ يُقَالُ لَهُ: الْأَشْقَرُ ـ عَلى لَيْلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَبَشَّرَهُ، وَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ لَهُ بِوَجْهِ حَاجَتِهِ وَ مَا طَلَبَ.
ثُمَّ عَادَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَوُقِّفْنَا بِالْبَابِ ـ وَ لَمْ نَكُنْ نُحْجَبُ إِذَا جِئْنَا ـ فَأَبْطَأَ الرَّسُولُ، ثُمَّ أَذِنَ لَنَا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَجَلَسْتُ فِي نَاحِيَةِ الْحُجْرَةِ، وَ دَنَا أَبِي إِلَيْهِ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَدْ عُدْتُ إِلَيْكَ رَاجِياً، مُؤمِّلاً، قَدِ انْبَسَطَ رَجَائِي وَ أَمَلِي، وَ رَجَوْتُ الدَّرْكَ لِحَاجَتِي.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «يَا ابْنَ عَمِّ، إِنِّي أُعِيذُكَ بِاللّهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِهذَا الْأَمْرِ الَّذِي أَمْسَيْتَ فِيهِ، وَ إِنِّي لَخَائِفٌ عَلَيْكَ أَنْ يَكْسِبَكَ شَرّاً».
فَجَرَى الْكَلاَمُ بَيْنَهُمَا حَتّى أَفْضى إِلى مَا لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ، وَ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ الْحُسَيْنُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْحَسَنِ ؟
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «رَحِمَ اللّهُ الْحَسَنَ وَ رَحِمَ الْحُسَيْنَ عليهماالسلام، وَ كَيْفَ ذَكَرْتَ هذَا ؟!» قَالَ: لِأَنَّ الْحُسَيْنَ عليه‏السلام كَانَ يَنْبَغِي لَهُ ـ إِذَا عَدَلَ ـ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي الْأَسَنِّ مِنْ وُلْدِ الْحَسَنِ عليه‏السلام.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «إِنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ـ لَمَّا أَنْ أَوْحى إِلى مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، أَوْحى إِلَيْهِ بِمَا شَاءَ، وَ لَمْ يُؤامِرْ۱ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ، وَ أَمَرَ مُحَمَّدٌ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عَلِيّاً عليه‏السلام بِمَا شَاءَ، فَفَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَ لَسْنَا نَقُولُ فِيهِ إِلاَّ مَا قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مِنْ تَبْجِيلِهِ۲ وَ تَصْدِيقِهِ،

1.. «لم يُؤامِرْ» ، أي لم يشاور . الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۸۲ أمر.

2.. قال الجوهري : «التبجيل : التعظيم» . الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۶۳۱ بجل.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17037
صفحه از 868
پرینت  ارسال به