559
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

ثُمَّ خَرَجْنَا، فَغَدَوْنَا إِلَيْهَا غُدْوَةً، فَتَذَاكَرْنَا عِنْدَهَا اخْتِزَالَ۱ مَنْزِلِهَا مِنْ دَارِ أَبِي عَبْدِ اللّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: هذِهِ دَارٌ تُسَمّى دَارَ السَّرِقَةِ، فَقَالَتْ: هذَا مَا اصْطَفى مَهْدِيُّنَا ـ تَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَسَنِ تُمَازِحُهُ بِذلِكَ ـ فَقَالَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللّهِ: وَ اللّهِ، لَأُخْبِرَنَّكُمْ بِالْعَجَبِ:
رَأَيْتُ أَبِي ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ لَمَّا أَخَذَ فِي أَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، وَ أَجْمَعَ۲ عَلى لِقَاءِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: لاَ أَجِدُ هذَا الْأَمْرَ يَسْتَقِيمُ إِلاَّ أَنْ أَلْقى أَبَا عَبْدِ اللّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَانْطَلَقَ ـ وَ هُوَ مُتَّكٍ عَلَيَّ ـ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتّى أَتَيْنَا أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، فَلَقِينَاهُ خَارِجاً يُرِيدُ الْمَسْجِدَ، فَاسْتَوْقَفَهُ أَبِي وَ كَلَّمَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «لَيْسَ هذَا مَوْضِعَ ذلِكَ، نَلْتَقِي إِنْ شَاءَ اللّهُ» فَرَجَعَ أَبِي مَسْرُوراً.
ثُمَّ أَقَامَ حَتّى إِذَا كَانَ الْغَدُ أَوْ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ، انْطَلَقْنَا حَتّى أَتَيْنَاهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبِي وَ أَنَا مَعَهُ، فَابْتَدَأَ الْكَلاَمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ فِيمَا يَقُولُ: قَدْ عَلِمْتَ ـ جُعِلْتُ فِدَاكَ ـ أَنَّ السِّنَّ لِي عَلَيْكَ، وَ أَنَّ فِي قَوْمِكَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ، وَ لكِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ قَدْ قَدَّمَ
لَكَ فَضْلاً لَيْسَ هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ قَوْمِكَ، وَ قَدْ جِئْتُكَ مُعْتَمِداً لِمَا أَعْلَمُ مِنْ بِرِّكَ، وَ أَعْلَمُ ـ فَدَيْتُكَ ـ أَنَّكَ إِذَا أَجَبْتَنِي لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنِّي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، وَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيَّ اثْنَانِ مِنْ قُرَيْشٍ وَ لاَ غَيْرِهِمْ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «إِنَّكَ تَجِدُ غَيْرِي أَطْوَعَ لَكَ مِنِّي، وَ لاَ حَاجَةَ لَكَ فِيَ ؛ فَوَ اللّهِ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي أُرِيدُ الْبَادِيَةَ أَوْ أَهُمُّ بِهَا، فَأَثْقُلُ عَنْهَا، وَ أُرِيدُ الْحَجَّ فَمَا أُدْرِكُهُ إِلاَّ بَعْدَ كَدٍّ وَ تَعَبٍ وَ مَشَقَّةٍ عَلى نَفْسِي ؛ فَاطْلُبْ غَيْرِي، وَ سَلْهُ ذلِكَ، وَ لاَ تُعْلِمْهُمْ أَنَّكَ جِئْتَنِي».
فَقَالَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ مَادُّونَ أَعْنَاقَهُمْ إِلَيْكَ، وَ إِنْ أَجَبْتَنِي لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنِّي أَحَدٌ،

1.. «الاختزال» : الانفراد ، والحذف ، والاقتطاع . القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۳۱۲ خزل .

2.. «أجمع» أي عزم . والإجماع : إحكام النيّة والعزيمة . راجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۲۹۶ جمع .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
558

ثُمَّ ارْفَضَّتْ عَيْنَاهُ۱، وَ سَالَتْ دُمُوعُهُ، ثُمَّ قَالَ: «اللّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مَنْ هَتَكَ سِتْرَنَا،
وَجَحَدَنَا حَقَّنَا، وَأَفْشى سِرَّنَا، وَنَسَبَنَا إِلى غَيْرِ جَدِّنَا، وَقَالَ فِينَا مَا لَمْ نَقُلْهُ فِي أَنْفُسِنَا».

۹۳۸.۱۷. بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ زَنْجَوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَكَمِ الْأَرْمَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَعْفَرِيِّ، قَالَ:
أَتَيْنَا خَدِيجَةَ ـ بِنْتَ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهماالسلام ـ نُعَزِّيهَا بِابْنِ بِنْتِهَا، فَوَجَدْنَا عِنْدَهَا مُوسَى بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَسَنِ، فَإِذَا هِيَ فِي نَاحِيَةٍ قَرِيباً مِنَ النِّسَاءِ، فَعَزَّيْنَاهُمْ، ثُمَّ أَقْبَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ لاِبْنَةِ أَبِي يَشْكُرَ الرَّاثِيَةِ: قُولِي، فَقَالَتْ:
اُعْدُدْ رَسُولَ اللّهِ وَ اعْدُدْ بَعْدَهُ
أَسَدَ الاْءِلهِ وَ ثَالِثاً عَبَّاسَا
وَ اعْدُدْ عَلِيَّ الْخَيْرِ وَ اعْدُدْ جَعْفَراً
وَ اعْدُدْ عَقِيلاً بَعْدَهُ الرُّوَّاسَا۲.
فَقَالَ: أَحْسَنْتِ وَ أَطْرَبْتِنِي، زِيدِينِي، فَانْدَفَعَتْ۳ تَقُولُ:
وَ مِنَّا إِمَامُ الْمُتَّقِينَ مُحَمَّدٌ
وَ حَمْزَةُ مِنَّا وَ الْمُهَذَّبُ جَعْفَرُ
وَ مِنَّا عَلِيٌّ صِهْرُهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ
وَ فَارِسُهُ ذَاكَ الاْءِمَامُ الْمُطَهَّرُ
فَأَقَمْنَا عِنْدَهَا حَتّى كَادَ اللَّيْلُ أَنْ يَجِيءَ.
ثُمَّ قَالَتْ خَدِيجَةُ: سَمِعْتُ عَمِّي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ـ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ ـ وَ هُوَ يَقُولُ: «إِنَّمَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ فِي الْمَأْتَمِ إِلَى النَّوْحِ لِتَسِيلَ دَمْعَتُهَا، وَ لاَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَقُولَ هُجْراً۴، فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ، فَلاَ تُؤذِي الْمَلاَئِكَةَ بِالنَّوْحِ».

1.. في لسان العرب : «ارفضّ الدمعُ ارفضاضا وترفّض : سال وتفرّق وتتابع سَيَلانه وقَطَرانه» . راجع : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۱۵۶ رفض .

2.. «الظاهر أنّه بضمّ الراء جمع رأس صفة للجميع ، أو بضمّ الراء وفتح الهمزة ، فإنّه ممدودا جمع رئيس ، كشريف وشرفاء ، اُسقطت الهمزة للقافية» . راجع: شرح المازندراني، ج۶، ص۲۹۴؛ مرآة العقول، ج۴، ص۱۲۲.

3.. «فاندفعت» : أي ابتدأت وأسرعت. راجع : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۸۸ دفع .

4.. «الهُجْرُ» : هو الهَذَيان والقبيح من القول ، من أهجر في منطقه ، إذا أفحش وإذا أكثر الكلام في ما لا ينبغي . راجع : النهاية ، ج ۵ ، ص ۲۴۵ هجر .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17040
صفحه از 868
پرینت  ارسال به