557
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

أَرْبَعَةً حُرُماً، وَ قَالَ: «فَسِيحُوا فِى الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللّهِ»۱.
ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالى: «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ»۲ فَجَعَلَ لِذلِكَ مَحَلاًّ، وَ قَالَ: «وَ لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ»۳فَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ مَحَلاًّ، وَ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً.
فَإِنْ كُنْتَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ، وَيَقِينٍ مِنْ أَمْرِكَ، وَتِبْيَانٍ مِنْ شَأْنِكَ، فَشَأْنَكَ، وَإِلاَّ فَلاَ تَرُومَنَّ۴ أَمْراً أَنْتَ مِنْهُ فِي شَكٍّ وَشُبْهَةٍ، وَلاَ تَتَعَاطَ۵ زَوَالَ مُلْكٍ لَمْ يَنْقَضِ أُكُلُهُ۶، وَلَمْ يَنْقَطِعْ مَدَاهُ۷، وَلَمْ يَبْلُغِ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، فَلَوْ قَدْ بَلَغَ مَدَاهُ، وَانْقَطَعَ أُكُلُهُ، وَبَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، لاَنْقَطَعَ الْفَصْلُ۸، وَ تَتَابَعَ النِّظَامُ، وَ لَأَعْقَبَ۹ اللّهُ فِي التَّابِعِ وَ الْمَتْبُوعِ الذُّلَّ وَ الصَّغَارَ.
أَعُوذُ بِاللّهِ مِنْ إِمَامٍ ضَلَّ عَنْ وَقْتِهِ، فَكَانَ التَّابِعُ فِيهِ أَعْلَمَ مِنَ الْمَتْبُوعِ، أَ تُرِيدُ يَا أَخِي أَنْ تُحْيِيَ مِلَّةَ۱۰ قَوْمٍ قَدْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللّهِ، وَ عَصَوْا رَسُولَهُ، وَ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللّهِ، وَ ادَّعَوُا الْخِلاَفَةَ بِلاَ بُرْهَانٍ مِنَ اللّهِ وَ لاَ عَهْدٍ مِنْ رَسُولِهِ ؟ أُعِيذُكَ بِاللّهِ يَا أَخِي أَنْ تَكُونَ غَداً الْمَصْلُوبَ بِالْكُنَاسَةِ».

1.. التوبة ۹ : ۲ .

2.. التوبة ۹ : ۵ .

3.. البقرة ۲ : ۲۳۵ .

4.. «فلا تَرُومَنَّ» ، أي لا تطلبنّ . راجع : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۲۵۸ روم .

5.. «التعاطي» : «التناول ، وتناول ما لا يحقّ ، والتنازع في الأخذ ، ورُكوب الأمر» . القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۷۲ عطى .۸ . هكذا في النسخ والوافي والبحار . وفي المطبوع : «لم تنقض» .

6.. الأُكل والاُكُل : الرزق، والحظّ من الدنيا. راجع: القاموس المحيط، ج ۲ ص ۱۲۷۳ أكل.

7.. «المَدَى» : الغاية والمنتهى . راجع : المصباح المنير ، ص ۵۶۷ مدى .

8.. قال المجلسي في مرآة العقول، ج۴، ص۱۱۶ : «وربّما يقرأ بالضاد المعجمة ، أي البقيّة ، و«تتابع» مصدرا عطفا على «الفضل» .

9.. «أعقب» : أورث . يقال : أعقبه ندما ، أي أورثه . راجع : المصباح المنير ، ص ۴۲۰ عقب .

10.. «الملّة» في اللغة : السنة والطريقة . راجع : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۳۱ ملل .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
556

الْأَوَّلِينَ، وَ كَذلِكَ يُجْرِيهَا فِي الاْخِرِينَ، وَ الطَّاعَةُ لِوَاحِدٍ مِنَّا، وَ الْمَوَدَّةُ لِلْجَمِيعِ، وَ أَمْرُ اللّهِ يَجْرِي لِأَوْلِيَائِهِ بِحُكْمٍ مَوْصُولٍ، وَ قَضَاءٍ مَفْصُولٍ۱، وَ حَتْمٍ مَقْضِيٍّ، وَ قَدَرٍ مَقْدُورٍ،
وَ أَجَلٍ مُسَمًّى لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، فَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ۲، إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللّهِ شَيْئاً، فَلاَ تَعْجَلْ ؛ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَعْجَلُ لِعَجَلَةِ الْعِبَادِ، وَ لاَ تَسْبِقَنَّ اللّهَ ؛ فَتُعْجِزَكَ الْبَلِيَّةُ فَتَصْرَعَكَ».
قَالَ: فَغَضِبَ زَيْدٌ عِنْدَ ذلِكَ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ الاْءِمَامُ مِنَّا مَنْ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ، وَ أَرْخى سِتْرَهُ، وَ ثَبَّطَ۳ عَنِ الْجِهَادِ، وَ لكِنَّ الاْءِمَامَ مِنَّا مَنْ مَنَعَ حَوْزَتَهُ۴، وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ دَفَعَ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَ ذَبَّ عَنْ حَرِيمِهِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‏السلام: «هَلْ تَعْرِفُ يَا أَخِي مِنْ نَفْسِكَ شَيْئاً مِمَّا نَسَبْتَهَا إِلَيْهِ ؛ فَتَجِيءَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ مِنْ كِتَابِ اللّهِ، أَوْ حُجَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، أَوْ تَضْرِبَ بِهِ مَثَلاً ؟ فَإِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ أَحَلَّ حَلاَلاً، وَ حَرَّمَ حَرَاماً، وَ فَرَضَ فَرَائِضَ، وَ ضَرَبَ أَمْثَالاً، وَ سَنَّ سُنَناً، وَ لَمْ يَجْعَلِ الاْءِمَامَ الْقَائِمَ بِأَمْرِهِ فِي شُبْهَةٍ فِيمَا فَرَضَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ أَنْ يَسْبِقَهُ بِأَمْرٍ قَبْلَ مَحَلِّهِ، أَوْ يُجَاهِدَ فِيهِ قَبْلَ حُلُولِهِ ؛ وَ قَدْ قَالَ اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ فِي الصَّيْدِ: «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ» أَفَقَتْلُ الصَّيْدِ أَعْظَمُ، أَمْ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ ؟
وَ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ مَحَلاًّ، وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا» وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: «لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللّهِ وَ لاَ الشَّهْرَ الْحَرامَ»۵ فَجَعَلَ الشُّهُورَ عِدَّةً مَعْلُومَةً، فَجَعَلَ مِنْهَا

1.. «بحكم موصول» أي متّصل بعضه ببعض ، وارد لواحد بعد واحد . و«قضاء مفصول» ، أي مُبيَّن ظاهر يفصل بين الحقّ والباطل . والقضاء في الأصل : القطع والفصل . راجع : الوافي ، ج ۲ ، ص ۱۵۱ .

2.. إشارة إلى الآية ۶۰ من سورة الروم ۳۰ : «فَاصْـبِرْ إِنَّ وَعْـدَ اللّـهِ حَـقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّـنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ».

3.. «ثَبَّطَ عن الجهاد» ، أي شَغَلَ عنه الناسَ ؛ من التثبيط ، وهو التعويق والشَغْلُ عن المراد . لسان العرب، ج۷، ص۲۶۶ ثبط.

4.. «منع حَوْزَتَهُ» أي منع ما في حيّزه . يقال : فلان مانع لحَوْزَتِهِ ، أي لما في حيّزه . راجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۴۶۰ حوز .

5.. المائدة ۵ : ۲ .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17052
صفحه از 868
پرینت  ارسال به