وَ كَانَ الرَّجُلُ مَعْنِيّاً۱ بِدِينِهِ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يَتَرَصَّدُ أَبَا الْحَسَنِ عليهالسلام حَتّى خَرَجَ إِلى ضَيْعَةٍ لَهُ، فَلَقِيَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي أَحْتَجُّ عَلَيْكَ بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ، فَدُلَّنِي عَلَى الْمَعْرِفَةِ، قَالَ: فَأَخْبَرَهُ بِأَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام، وَ مَا كَانَ بَعْدَ رَسُولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله، وَ أَخْبَرَهُ بِأَمْرِ الرَّجُلَيْنِ فَقَبِلَ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: فَمَنْ كَانَ بَعْدَ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام ؟ قَالَ: «الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَيْنُ عليهماالسلام». حَتَّى انْتَهى إِلى نَفْسِهِ، ثُمَّ سَكَتَ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَنْ هُوَ الْيَوْمَ ؟ قَالَ: «إِنْ أَخْبَرْتُكَ، تَقْبَلُ ؟» قَالَ: بَلى جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: «أَنَا هُوَ». قَالَ: فَشَيْءٌ أَسْتَدِلُّ بِهِ ؟ قَالَ: «اذْهَبْ إِلى تِلْكَ الشَّجَرَةِ ـ وَ أَشَارَ إِلى أُمِّ غَيْلاَنَ۲ ـ فَقُلْ لَهَا: يَقُولُ لَكَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ: أَقْبِلِي».
قَالَ: فَأَتَيْتُهَا، فَرَأَيْتُهَا وَ اللّهِ تَخُدُّ الْأَرْضَ۳ خَدّاً حَتّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهَا، فَرَجَعَتْ، قَالَ: فَأَقَرَّ بِهِ ثُمَّ لَزِمَ الصَّمْتَ وَ الْعِبَادَةَ، فَكَانَ لاَ يَرَاهُ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ ذلِكَ.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، مِثْلَهُ.
۹۳۰.۹. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْعَلاَءِ، قَالَ:
سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ قَاضِيَ سَامَرَّاءَ ـ بَعْدَ مَا جَهَدْتُ بِهِ۴ وَ نَاظَرْتُهُ وَ حَاوَرْتُهُ۵ وَ وَاصَلْتُهُ۶ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ عُلُومِ آلِ مُحَمَّدٍ ـ فَقَالَ: بَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ دَخَلْتُ أَطُوفُ بِقَبْرِ
1.. قوله : «مَعْنيّا بدينه» ، أي ذا عناية واهتمام به . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۱۴ عنا .
2.. «اُمُّ غَيْلانَ» : شجر السَمُر ، وهو من شجر الطَلْح .
3.. «تَخُدُّ الأرضَ» ، أي تشقّه وتحفره ؛ من الخدّ وهو جعلك اُخدودا في الأرض ، تحفره مستطيلاً . راجع : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۱۶۰ خدد .
4.. «جَهَدْتُ به» ، أي امتحنته .
5.. «المُحاوَرَة» : المجاوبة ومراجعة المنطق والكلام في المخاطبة . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۲۱۸ حور .
6.. «المواصلة» : المحابّة . ووَصَلَه وَصْلاً وصِلةً ، وواصَلَه مواصلةً ووصالاً ، كلاهما يكون في عفاف الحبّ ودَعارَته . لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۷۲۷ وصل .