فَوَقَفَ الرَّجُلُ قَرِيباً مِنْهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذلِكَ إِذْ أَقْبَلَ فَارِسٌ يَرْكُضُ حَتّى أَتى
عَلِيّاً عليهالسلام، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، أَبْشِرْ بِالْفَتْحِ أَقَرَّ اللّهُ عَيْنَكَ، قَدْ وَ اللّهِ قُتِلَ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ، فَقَالَ لَهُ: «مِنْ دُونِ النَّهَرِ أَوْ مِنْ خَلْفِهِ ؟» قَالَ: بَلْ مِنْ دُونِهِ، فَقَالَ: «كَذَبْتَ، وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ۱ لاَ يَعْبُرُونَ أَبَداً حَتّى يُقْتَلُوا».
فَقَالَ الرَّجُلُ: فَازْدَدْتُ فِيهِ بَصِيرَةً، فَجَاءَ آخَرُ يَرْكُضُ عَلى فَرَسٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام مِثْلَ الَّذِي رَدَّ عَلى صَاحِبِهِ.
قَالَ الرَّجُلُ الشَّاكُّ: وَ هَمَمْتُ أَنْ أَحْمِلَ عَلى عَلِيٍّ عليهالسلام، فَأَفْلَقَ هَامَتَهُ۲ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ جَاءَ فَارِسَانِ يَرْكُضَانِ قَدْ أَعْرَقَا فَرَسَيْهِمَا، فَقَالاَ: أَقَرَّ اللّهُ عَيْنَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، أَبْشِرْ بِالْفَتْحِ، قَدْ وَ اللّهِ، قُتِلَ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليهالسلام: «أَ مِنْ خَلْفِ النَّهَرِ أَوْ مِنْ دُونِهِ ؟» قَالاَ: لاَ، بَلْ مِنْ خَلْفِهِ ؛ إِنَّهُمْ لَمَّا اقْتَحَمُوا۳ خَيْلَهُمُ النَّهْرَوَانَ، وَ ضَرَبَ الْمَاءُ لَبَّاتِ۴ خُيُولِهِمْ، رَجَعُوا فَأُصِيبُوا، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام: «صَدَقْتُمَا» فَنَزَلَ الرَّجُلُ عَنْ فَرَسِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام وَ بِرِجْلِهِ فَقَبَّلَهُمَا، فَقَالَ عَلِيٌّ عليهالسلام: «هذِهِ لَكَ آيَةٌ».
۹۲۴.۳. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْمَعْرُوفِ بِكُرْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُدَاهِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ حَبَابَةَ الْوَالِبِيَّةِ، قَالَتْ:
1.. قال الجوهري : «النَسَمَةُ : الإنسان» . وقال ابن الأثير : «النَسَمَةُ : النفس والروح وكلّ دابّة فيها روح فهي نَسَمَة» . فبرأ النسمة ، أي خلق ذات الروح . الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۴۰ ؛ النهاية ، ج ۵ ، ص ۴۹ نسم .
2.. قال الجوهري : «الهامَةُ : الرأس ، والجمع : هامٌ» . الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۶۳ هيم .
3.. اقتحم الإنسانُ الأمرَ العظيمَ ، إذا رمى نفسه فيه من غير رويّة وتثبّت ، فالمعنى : رموا وأدخلوا خيلَهم في النهروان من غير رويّة وتثبّت . راجع: الصحاح، ج۵، ص۲۰۰۶؛ النهاية، ج۴، ص۱۸ قحم.
4.. «لَبّات» : جمع لَبَّة ، وهي الهَزْمَةُ والوَهْدَة التي فوق الصدر وتحت العنق ، وفيها تُنْحَر الإبل . راجع : النهاية ، ج ۴ ، ص ۲۲۳ لبب .