فَقَالَ: «مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ ؟» قَالَ: قُلْتُ: رَغْبَةٌ فِي خِدْمَتِكَ، قَالَ: فَقَالَ لِي: «فَالْزَمِ الْبَابَ».
قَالَ: فَكُنْتُ فِي الدَّارِ مَعَ الْخَدَمِ، ثُمَّ صِرْتُ أَشْتَرِي لَهُمُ الْحَوَائِجَ مِنَ السُّوقِ، وَ كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ إِذَا كَانَ فِي دَارِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً وَ هُوَ فِي دَارِ الرِّجَالِ، فَسَمِعْتُ حَرَكَةً فِي الْبَيْتِ، فَنَادَانِي: «مَكَانَكَ لاَ تَبْرَحْ» فَلَمْ أَجْسُرْ۱ أَنْ أَدْخُلَ وَ لاَ أَخْرُجَ، فَخَرَجَتْ عَلَيَّ جَارِيَةٌ مَعَهَا شَيْءٌ مُغَطًّى، ثُمَّ نَادَانِيَ: «ادْخُلْ» فَدَخَلْتُ، وَ نَادَى الْجَارِيَةَ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: «اكْشِفِي عَمَّا مَعَكَ» فَكَشَفَتْ عَنْ غُلاَمٍ أَبْيَضَ، حَسَنِ الْوَجْهِ، وَ كَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، فَإِذَا شَعْرٌ نَابِتٌ مِنْ لَبَّتِهِ۲ إِلى سُرَّتِهِ، أَخْضَرُ، لَيْسَ بِأَسْوَدَ، فَقَالَ: «هذَا صَاحِبُكُمْ» ثُمَّ أَمَرَهَا فَحَمَلَتْهُ، فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذلِكَ حَتّى مَضى أَبُو مُحَمَّدٍ عليهالسلام.
۷۷ ـ بَابٌ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ رَآهُ عليهالسلام
۸۶۹.۱. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى جَمِيعاً، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ:
اجْتَمَعْتُ أَنَا وَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، فَغَمَزَنِي۳ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الْخَلَفِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَمْرٍو، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ
عَنْ شَيْءٍ وَ مَا أَنَا بِشَاكٍّ فِيمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ ؛ فَإِنَّ اعْتِقَادِي وَ دِينِي أَنَّ الْأَرْضَ لاَ
1.. «فلم أجسر» ، أي لم أجترئ ، من الجسارة بمعنى الجرأة و الإقدام على الشيء . راجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۲۷۲ جسر .
2.. «اللَبَّة» : المَنْخَر ، والجمع : اللَباب . وكذلك اللَبَبُ ، وهو موضع القلادة من الصدر من كلّ شيء . والجمع : الألباب . الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۱۷ لبب .
3.. «الغَمْزُ» : العصر والكَبْسُ باليد . وفسّره بعضهم بالإشارة ، كالرمز بالعين ، أو الحاجب ، أو اليد . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۸۶ غمز .