وَ اعْمَلُوا بِمَا فِيهَا، فَلَمَّا مَضى أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام، ذَكَرَ أَبِي أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتّى قَطَعَ عَلى يَدَيْهِ۱ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ إِنْسَانٍ، وَ اجْتَمَعَ رُؤسَاءُ الْعِصَابَةِ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ يَتَفَاوَضُونَ۲ هذَا الْأَمْرَ، فَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ إِلى أَبِي يُعْلِمُهُ بِاجْتِمَاعِهِمْ عِنْدَهُ، وَ أَنَّهُ لَوْ لاَ مَخَافَةُ الشُّهْرَةِ لَصَارَ مَعَهُمْ إِلَيْهِ، وَ يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَرَكِبَ أَبِي وَ صَارَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَ الْقَوْمَ مُجْتَمِعِينَ عِنْدَهُ، فَقَالُوا لِأَبِي: مَا تَقُولُ فِي هذَا الْأَمْرِ ؟ فَقَالَ أَبِي لِمَنْ عِنْدَهُ الرِّقَاعُ: أَحْضِرُوا الرِّقَاعَ، فَأَحْضَرُوهَا، فَقَالَ لَهُمْ: هذَا مَا أُمِرْتُ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ كُنَّا نُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ فِي هذَا الْأَمْرِ شَاهِدٌ آخَرُ، فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ أَتَاكُمُ اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ بِهِ، هذَا أَبُو جَعْفَرٍ الْأَشْعَرِيُّ يَشْهَدُ لِي بِسَمَاعِ هذِهِ الرِّسَالَةِ، وَ سَأَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا عِنْدَهُ، فَأَنْكَرَ أَحْمَدُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ هذَا شَيْئاً، فَدَعَاهُ أَبِي إِلَى الْمُبَاهَلَةِ، فَقَالَ: لَمَّا حَقَّقَ عَلَيْهِ، قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ ذلِكَ، وَ هذِهِ مَكْرُمَةٌ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ، لاَ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَجَمِ، فَلَمْ يَبْرَحِ الْقَوْمُ حَتّى قَالُوا بِالْحَقِّ جَمِيعاً.
۸۴۹.۳. وَ فِي نُسْخَةِ الصَّفْوَانِيِّ: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْوَاسِطِيِّ:
أَنَّهُ سَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ ـ مَوْلى أَبِي جَعْفَرٍ ـ يَحْكِي أَنَّهُ أَشْهَدَهُ عَلى هذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمَنْسُوخَةِ۳:
شَهِدَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ مَوْلى أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهمالسلام أَشْهَدَهُ أَنَّهُ أَوْصى
إِلى عَلِيٍّ ابْنِهِ بِنَفْسِهِ وَ أَخَوَاتِهِ، وَ جَعَلَ أَمْرَ مُوسى۴ ـ إِذَا بَلَغَ ـ إِلَيْهِ، وَ جَعَلَ
1.. في الوافي، ج۵، ص۳۸۴: «حتّى قطع على يديه، حتّى جزم بمعرفة الإمام بعد أبي جعفر عليهالسلام بسببه وبإخباره عنه».
2.. قوله : «يتفاوضون هذا الأمر» ، أي يأخذون فيه ويتكلّمون فيه . راجع : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۲۱۰ فوض .
3.. «المنسوخة» : المكتوبة . النَسْخُ : اكتتابك كتابا عن كتاب حرفا بحرف ، والأصل نسخة ، والمكتوب عنه نسخة ؛ لأنّه قائم مقامة . راجع : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۶۱ نسخ .
4.. في الوافي، ج۵، ص۳۸۵ : «موسى، يعني ابنه الملقّب بالمبرقع المدفون بقمّ».