505
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَ اعْمَلُوا بِمَا فِيهَا، فَلَمَّا مَضى أَبُو جَعْفَرٍ عليه‏السلام، ذَكَرَ أَبِي أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتّى قَطَعَ عَلى يَدَيْهِ۱ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ إِنْسَانٍ، وَ اجْتَمَعَ رُؤسَاءُ الْعِصَابَةِ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ يَتَفَاوَضُونَ۲ هذَا الْأَمْرَ، فَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ إِلى أَبِي يُعْلِمُهُ بِاجْتِمَاعِهِمْ عِنْدَهُ، وَ أَنَّهُ لَوْ لاَ مَخَافَةُ الشُّهْرَةِ لَصَارَ مَعَهُمْ إِلَيْهِ، وَ يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَرَكِبَ أَبِي وَ صَارَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَ الْقَوْمَ مُجْتَمِعِينَ عِنْدَهُ، فَقَالُوا لِأَبِي: مَا تَقُولُ فِي هذَا الْأَمْرِ ؟ فَقَالَ أَبِي لِمَنْ عِنْدَهُ الرِّقَاعُ: أَحْضِرُوا الرِّقَاعَ، فَأَحْضَرُوهَا، فَقَالَ لَهُمْ: هذَا مَا أُمِرْتُ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ كُنَّا نُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ فِي هذَا الْأَمْرِ شَاهِدٌ آخَرُ، فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ أَتَاكُمُ اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ بِهِ، هذَا أَبُو جَعْفَرٍ الْأَشْعَرِيُّ يَشْهَدُ لِي بِسَمَاعِ هذِهِ الرِّسَالَةِ، وَ سَأَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا عِنْدَهُ، فَأَنْكَرَ أَحْمَدُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ هذَا شَيْئاً، فَدَعَاهُ أَبِي إِلَى الْمُبَاهَلَةِ، فَقَالَ: لَمَّا حَقَّقَ عَلَيْهِ، قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ ذلِكَ، وَ هذِهِ مَكْرُمَةٌ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ، لاَ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَجَمِ، فَلَمْ يَبْرَحِ الْقَوْمُ حَتّى قَالُوا بِالْحَقِّ جَمِيعاً.

۸۴۹.۳. وَ فِي نُسْخَةِ الصَّفْوَانِيِّ: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْوَاسِطِيِّ:
أَنَّهُ سَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ ـ مَوْلى أَبِي جَعْفَرٍ ـ يَحْكِي أَنَّهُ أَشْهَدَهُ عَلى هذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمَنْسُوخَةِ۳:
شَهِدَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ مَوْلى أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم‏السلام أَشْهَدَهُ أَنَّهُ أَوْصى
إِلى عَلِيٍّ ابْنِهِ بِنَفْسِهِ وَ أَخَوَاتِهِ، وَ جَعَلَ أَمْرَ مُوسى۴ ـ إِذَا بَلَغَ ـ إِلَيْهِ، وَ جَعَلَ

1.. في الوافي، ج۵، ص۳۸۴: «حتّى قطع على يديه، حتّى جزم بمعرفة الإمام بعد أبي جعفر عليه‏السلام بسببه وبإخباره عنه».

2.. قوله : «يتفاوضون هذا الأمر» ، أي يأخذون فيه ويتكلّمون فيه . راجع : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۲۱۰ فوض .

3.. «المنسوخة» : المكتوبة . النَسْخُ : اكتتابك كتابا عن كتاب حرفا بحرف ، والأصل نسخة ، والمكتوب عنه نسخة ؛ لأنّه قائم مقامة . راجع : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۶۱ نسخ .

4.. في الوافي، ج۵، ص۳۸۵ : «موسى، يعني ابنه الملقّب بالمبرقع المدفون بقمّ».


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
504

فَكَرَّ بِوَجْهِهِ إِلَيَّ ضَاحِكاً، وَ قَالَ: «لَيْسَ الْغَيْبَةُ حَيْثُ ظَنَنْتَ فِي هذِهِ السَّنَةِ».
فَلَمَّا أُخْرِجَ بِهِ الثَّانِيَةَ إِلَى الْمُعْتَصِمِ، صِرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَنْتَ خَارِجٌ، فَإِلى مَنْ هذَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ ؟
فَبَكى حَتَّى اخْضَلَّتْ۱ لِحْيَتُهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: «عِنْدَ هذِهِ يُخَافُ عَلَيَّ، الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِي إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ».

۸۴۸.۲. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْخَيْرَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ:
كَانَ يَلْزَمُ بَابَ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‏السلام لِلْخِدْمَةِ الَّتِي كَانَ وُكِّلَ بِهَا، وَ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى يَجِيءُ فِي السَّحَرِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِيَعْرِفَ خَبَرَ عِلَّةِ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‏السلام، وَ كَانَ الرَّسُولُ ـ الَّذِي يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَبِي جَعْفَرٍ وَ بَيْنَ أَبِي ـ إِذَا حَضَرَ، قَامَ أَحْمَدُ وَ خَلاَ بِهِ أَبِي، فَخَرَجْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَ قَامَ أَحْمَدُ عَنِ الْمَجْلِسِ وَ خَلاَ أَبِي بِالرَّسُولِ، وَ اسْتَدَارَ أَحْمَدُ، فَوَقَفَ حَيْثُ يَسْمَعُ الْكَلاَمَ، فَقَالَ الرَّسُولُ لِأَبِي: إِنَّ مَوْلاَكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَ يَقُولُ لَكَ: «إِنِّي مَاضٍ وَ الْأَمْرُ صَائِرٌ إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ، وَ لَهُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ بَعْدَ أَبِي» ثُمَّ مَضَى الرَّسُولُ وَ رَجَعَ أَحْمَدُ إِلى مَوْضِعِهِ، وَ قَالَ لِأَبِي: مَا الَّذِي قَدْ قَالَ لَكَ ؟ قَالَ: خَيْراً. قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ مَا قَالَ فَلِمَ تَكْتُمُهُ ؟ وَ أَعَادَ مَا سَمِعَ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: قَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْكَ مَا فَعَلْتَ ؛ لِأَنَّ اللّهَ تَعَالى يَقُولُ: «وَ لا تَجَسَّسُوا»۲ فَاحْفَظِ الشَّهَادَةَ، لَعَلَّنَا نَحْتَاجُ إِلَيْهَا يَوْماً مَا، وَ إِيَّاكَ أَنْ تُظْهِرَهَا إِلى وَقْتِهَا.
فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبِي، كَتَبَ نُسْخَةَ الرِّسَالَةِ فِي عَشْرِ رِقَاعٍ، وَ خَتَمَهَا، وَ دَفَعَهَا إِلى عَشْرَةٍ مِنْ وُجُوهِ الْعِصَابَةِ۳، وَ قَالَ: إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثُ الْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ أُطَالِبَكُمْ بِهَا فَافْتَحُوهَا،

1.. «اخضلّت» ، أي ابتلّت . راجع : الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۶۸۵ خضل .

2.. الحجرات ۴۹ : ۱۲ .

3.. «العصابة» : هم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين . ولا واحد لها من لفظها . النهاية ، ج ۳ ، ص ۲۴۳ عصب .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13924
صفحه از 868
پرینت  ارسال به