فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: وَ اللّهِ، مَا هُوَ كَذلِكَ، وَ مَا جَعَلَ اللّهُ لَكَ مِنْ رَأْيٍ عَلَيْنَا، وَ لكِنْ حَسَدُ أَبِينَا لَنَا وَ إِرَادَتُهُ مَا أَرَادَ مِمَّا لاَ يُسَوِّغُهُ اللّهُ إِيَّاهُ، وَ لاَ إِيَّاكَ، وَ إِنَّكَ لَتَعْرِفُ أَنِّي أَعْرِفُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيى بَيَّاعَ السَّابِرِيِّ۱ بِالْكُوفَةِ، وَ لَئِنْ سَلِمْتُ لَأُغْصِصَنَّهُ۲ بِرِيقِهِ وَ أَنْتَ مَعَهُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عليهالسلام: «لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، أَمَّا إِنِّي يَا إِخْوَتِي، فَحَرِيصٌ عَلى مَسَرَّتِكُمْ، اللّهُ يَعْلَمُ ؛ اللّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ صَلاَحَهُمْ، وَ أَنِّي بَارٌّ بِهِمْ، وَاصِلٌ لَهُمْ، رَفِيقٌ عَلَيْهِمْ، أُعْنى بِأُمُورِهِمْ لَيْلاً وَ نَهَاراً، فَاجْزِنِي بِهِ خَيْراً، وَ إِنْ كُنْتُ عَلى غَيْرِ ذلِكَ، فَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، فَاجْزِنِي بِهِ مَا أَنَا أَهْلُهُ، إِنْ كَانَ شَرّاً فَشَرّاً، وَ إِنْ كَانَ خَيْراً فَخَيْراً ؛ اللّهُمَّ أَصْلِحْهُمْ، وَ أَصْلِحْ لَهُمْ، وَ اخْسَأْ۳ عَنَّا وَ عَنْهُمُ الشَّيْطَانَ، وَ أَعِنْهُمْ عَلى طَاعَتِكَ، وَ وَفِّقْهُمْ لِرُشْدِكَ ؛ أَمَّا أَنَا يَا أَخِي، فَحَرِيصٌ عَلى مَسَرَّتِكُمْ، جَاهِدٌ عَلى صَلاَحِكُمْ، وَ اللّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ».
فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا أَعْرَفَنِي۴ بِلِسَانِكَ! وَ لَيْسَ لِمِسْحَاتِكَ۵ عِنْدِي طِينٌ. فَافْتَرَقَ الْقَوْمُ عَلى هذَا، وَ صَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ.
۸۳۲.۱۶. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليهالسلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْدَمَ الْعِرَاقَ بِسَنَةٍ وَ عَلِيٌّ ابْنُهُ
1.. «السابِريُّ» : ضرب من الثياب رقيق يُعمل بسابُور موضع بفارس . والسابِريّ أيضا : ضرب من التمر . راجع : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۷۶ .
2.. المراد من الإغصاص بريقه : جعله بحيث لا يتمكّن من إساقة ريقه ، أي ماء فيه؛ كنايةً عن تشديد الأمر عليه . راجع: النهاية، ج۳، ص۳۷۰ غصص.
3.. «اخْسَأْ» ، أي اطرُدْ وأبْعِدْ . راجع : النهاية ، ج ۲ ، ص ۳۱ خسأ .
4.. في شرح المازندراني، ج۶، ص۱۸۸ : «قوله : ما أعرفني بلسانك ، صيغة التعجّب ، ويحتمل أن يكون «ما» نافية ، والفاعل محذوف ، أي ما أعرفني شيء بلسانك» .
5.. هذا مثل يقال لمن لا يؤثر كلامه او حيلته في غيره. راجع: الصحاح، ج ۶، ص ۲۳۷۶ سحا .