497
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: وَ اللّهِ، مَا هُوَ كَذلِكَ، وَ مَا جَعَلَ اللّهُ لَكَ مِنْ رَأْيٍ عَلَيْنَا، وَ لكِنْ حَسَدُ أَبِينَا لَنَا وَ إِرَادَتُهُ مَا أَرَادَ مِمَّا لاَ يُسَوِّغُهُ اللّهُ إِيَّاهُ، وَ لاَ إِيَّاكَ، وَ إِنَّكَ لَتَعْرِفُ أَنِّي أَعْرِفُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيى بَيَّاعَ السَّابِرِيِّ۱ بِالْكُوفَةِ، وَ لَئِنْ سَلِمْتُ لَأُغْصِصَنَّهُ۲ بِرِيقِهِ وَ أَنْتَ مَعَهُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عليه‏السلام: «لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، أَمَّا إِنِّي يَا إِخْوَتِي، فَحَرِيصٌ عَلى مَسَرَّتِكُمْ، اللّهُ يَعْلَمُ ؛ اللّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ صَلاَحَهُمْ، وَ أَنِّي بَارٌّ بِهِمْ، وَاصِلٌ لَهُمْ، رَفِيقٌ عَلَيْهِمْ، أُعْنى بِأُمُورِهِمْ لَيْلاً وَ نَهَاراً، فَاجْزِنِي بِهِ خَيْراً، وَ إِنْ كُنْتُ عَلى غَيْرِ ذلِكَ، فَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، فَاجْزِنِي بِهِ مَا أَنَا أَهْلُهُ، إِنْ كَانَ شَرّاً فَشَرّاً، وَ إِنْ كَانَ خَيْراً فَخَيْراً ؛ اللّهُمَّ أَصْلِحْهُمْ، وَ أَصْلِحْ لَهُمْ، وَ اخْسَأْ۳ عَنَّا وَ عَنْهُمُ الشَّيْطَانَ، وَ أَعِنْهُمْ عَلى طَاعَتِكَ، وَ وَفِّقْهُمْ لِرُشْدِكَ ؛ أَمَّا أَنَا يَا أَخِي، فَحَرِيصٌ عَلى مَسَرَّتِكُمْ، جَاهِدٌ عَلى صَلاَحِكُمْ، وَ اللّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ».
فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا أَعْرَفَنِي۴ بِلِسَانِكَ! وَ لَيْسَ لِمِسْحَاتِكَ۵ عِنْدِي طِينٌ. فَافْتَرَقَ الْقَوْمُ عَلى هذَا، وَ صَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ.

۸۳۲.۱۶. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليه‏السلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْدَمَ الْعِرَاقَ بِسَنَةٍ وَ عَلِيٌّ ابْنُهُ

1.. «السابِريُّ» : ضرب من الثياب رقيق يُعمل بسابُور موضع بفارس . والسابِريّ أيضا : ضرب من التمر . راجع : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۷۶ .

2.. المراد من الإغصاص بريقه : جعله بحيث لا يتمكّن من إساقة ريقه ، أي ماء فيه؛ كنايةً عن تشديد الأمر عليه . راجع: النهاية، ج۳، ص۳۷۰ غصص.

3.. «اخْسَأْ» ، أي اطرُدْ وأبْعِدْ . راجع : النهاية ، ج ۲ ، ص ۳۱ خسأ .

4.. في شرح المازندراني، ج۶، ص۱۸۸ : «قوله : ما أعرفني بلسانك ، صيغة التعجّب ، ويحتمل أن يكون «ما» نافية ، والفاعل محذوف ، أي ما أعرفني شيء بلسانك» .

5.. هذا مثل يقال لمن لا يؤثر كلامه او حيلته في غيره. راجع: الصحاح، ج ۶، ص ۲۳۷۶ سحا .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
496

وَ قَدْ وَسَّعَ لَكَ أَبُوكَ، وَ لاَ وَ اللّهِ، مَا أَحَدٌ أَعْرَفَ بِالْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِ، وَ لاَ وَ اللّهِ، مَا كَانَ أَبُوكَ عِنْدَنَا بِمُسْتَخَفٍّ فِي عَقْلِهِ، وَ لاَ ضَعِيفٍ فِي رَأْيِهِ.
فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلْقَاضِي: أَصْلَحَكَ اللّهُ، فُضَّ الْخَاتَمَ وَ اقْرَأْ مَا تَحْتَهُ، فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لاَ أَفُضُّهُ، حَسْبِي مَا لَعَنَنِي أَبُوكَ مُنْذُ الْيَوْمِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: فَأَنَا أَفُضُّهُ، فَقَالَ: ذَاكَ إِلَيْكَ، فَفَضَّ الْعَبَّاسُ الْخَاتَمَ، فَإِذَا فِيهِ إِخْرَاجُهُمْ وَ إِقْرَارُ عَلِيٍّ لَهَا وَحْدَهُ، وَ إِدْخَالُهُ إِيَّاهُمْ فِي وَلاَيَةِ عَلِيٍّ إِنْ أَحَبُّوا أَوْ كَرِهُوا، وَ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ حَدِّ الصَّدَقَةِ وَ غَيْرِهَا، وَ كَانَ فَتْحُهُ عَلَيْهِمْ بَلاَءً وَ فَضِيحَةً وَ ذِلَّةً، وَ لِعَلِيٍّ عليه‏السلام خِيَرَةً.
وَ كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ الَّتِي فَضَّ الْعَبَّاسُ تَحْتَ الْخَاتَمِ: هؤلاَءِ الشُّهُودُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ صَالِحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عِمْرَانَ؛ وَأَبْرَزُوا وَجْهَ أُمِّ أَحْمَدَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَادَّعَوْا أَنَّهَا لَيْسَتْ إِيَّاهَا حَتّى كَشَفُوا عَنْهَا وَعَرَفُوهَا، فَقَالَتْ عِنْدَ ذلِكَ: قَدْ وَاللّهِ، قَالَ سَيِّدِي هذَا: إِنَّكِ سَتُؤخَذِينَ جَبْراً، وَ تُخْرَجِينَ إِلَى الْمَجَالِسِ؛ فَزَجَرَهَا إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَ قَالَ: اسْكُتِي؛ فَإِنَّ النِّسَاءَ إِلَى الضَّعْفِ، مَا أَظُنُّهُ قَالَ مِنْ هذَا شَيْئاً.
ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً عليه‏السلام الْتَفَتَ إِلَى الْعَبَّاسِ، فَقَالَ: «يَا أَخِي، إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَكُمْ عَلى هذِهِ الْغَرَائِمُ وَ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَيْكُمْ، فَانْطَلِقْ يَا سَعِيدُ، فَتَعَيَّنْ لِي مَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اقْضِ عَنْهُمْ، وَ لاَ وَ اللّهِ، لاَ أَدَعُ مُؤَاسَاتَكُمْ وَ بِرَّكُمْ مَا مَشَيْتُ عَلَى الْأَرْضِ، فَقُولُوا مَا شِئْتُمْ».
فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا تُعْطِينَا إِلاَّ مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِنَا، و مَا لَنَا عِنْدَكَ أَكْثَرُ، فَقَالَ: «قُولُوا مَا شِئْتُمْ، فَالْعِرْضُ عِرْضُكُمْ، فَإِنْ تُحْسِنُوا فَذَاكَ لَكُمْ عِنْدَ اللّهِ، وَ إِنْ تُسِيئُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ؛ وَ اللّهِ، إِنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ أَنَّهُ مَا لِي يَوْمِي هذَا وَلَدٌ وَ لاَ وَارِثٌ غَيْرُكُمْ، وَ لَئِنْ
حَبَسْتُ شَيْئاً مِمَّا تَظُنُّونَ، أَوِ ادَّخَرْتُهُ، فَإِنَّمَا هُوَ لَكُمْ، وَ مَرْجِعُهُ إِلَيْكُمْ، وَ اللّهِ، مَا مَلَكْتُ مُنْذُ مَضى أَبُوكُمْ ـ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ ـ شَيْئاً إِلاَّ وَ قَدْ سَيَّبْتُهُ۱ حَيْثُ رَأَيْتُمْ».

1.. وقوله : «سَيَّبْتُهُ» ، أي أعطيته ، من السَيْب بمعنى العطاء . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۵۰ سيب .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13824
صفحه از 868
پرینت  ارسال به