الْأَسْفَلَ۱، فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللّهِ وَ غَضَبُهُ، وَ لَعْنَةُ اللاَّعِنِينَ وَ الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَ جَمَاعَةِ الْمُرْسَلِينَ وَ الْمُؤمِنِينَ وَ الْمُسْلِمِينَ، وَ عَلى مَنْ فَضَّ كِتَابِي هذَا. وَ كَتَبَ وَ خَتَمَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ وَ الشُّهُودُ، وَ صَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ».
قَالَ أَبُو الْحَكَمِ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَلِيطٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو عِمْرَانَ الطَّلْحِيُّ قَاضِيَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا مَضى مُوسى عليهالسلام قَدَّمَهُ إِخْوَتُهُ إِلَى الطَّلْحِيِّ الْقَاضِي، فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسى: أَصْلَحَكَ اللّهُ وَ أَمْتَعَ بِكَ، إِنَّ
فِي أَسْفَلِ هذَا الْكِتَابِ كَنْزاً وَ جَوْهَراً، وَ يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجِبَهُ وَ يَأْخُذَهُ دُونَنَا، وَ لَمْ يَدَعْ أَبُونَا ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ شَيْئاً إِلاَّ أَلْجَأَهُ إِلَيْهِ۲، وَ تَرَكَنَا عَالَةً۳، وَ لَوْ لاَ أَنِّي أَكُفُّ نَفْسِي، لَأَخْبَرْتُكَ بِشَيْءٍ عَلى رُؤُوسِ الْمَلأََ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: إِذاً وَاللّهِ تُخْبِرُ بِمَا لاَ نَقْبَلُهُ مِنْكَ وَ لاَ نُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَكُونُ عِنْدَنَا مَلُوماً مَدْحُوراً ؛ نَعْرِفُكَ بِالْكَذِبِ صَغِيراً وَ كَبِيراً، وَ كَانَ أَبُوكَ أَعْرَفَ بِكَ لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ، وَ إِنْ كَانَ أَبُوكَ لَعَارِفاً بِكَ فِي الظَّاهِرِ وَ الْبَاطِنِ، وَ مَا كَانَ لِيَأْمَنَكَ عَلى تَمْرَتَيْنِ.
ثُمَّ وَثَبَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ عَمُّهُ، فَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ۴، فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ لَسَفِيهٌ ضَعِيفٌ أَحْمَقُ، اجْمَعْ هذَا مَعَ مَا كَانَ بِالْأَمْسِ مِنْكَ، وَ أَعَانَهُ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ.
فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْقَاضِي لِعَلِيٍّ: قُمْ يَا أَبَا الْحَسَنِ، حَسْبِي مَا لَعَنَنِي أَبُوكَ الْيَوْمَ۵،
1.. في شرح المازندراني، ج۶، ص۱۸۳ : «قوله : الأسفل ، بدل الكلّ من ضمير الغائب في «عليه» ، وهو جائز . أو مفعول فيه بتقدير في» ، وفي مرآة العقول، ج۳، ص۳۶۴ : «الأسفل صفة كتابي» . وفي الوافي، ج۲، ص۳۷۲ : «أي ختمت على مطويّة الأسفل » .
2.. «ألجأه إليه» ، أي أسنده إليه وجعله له . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۷۱ لجأ .
3.. «العالة» : جمع العائل ، وهو الفقير ، أو كثير العيال . راجع : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۴۸۲ عول .
4.. قال ابن الأثير : «لَبَبْتُ الرجلَ ولَبَّبْتُهُ ، إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره وجَرَرْته به . وأخذتُ بتلبيب فلان ، إذا جمعتَ عليه ثوبه الذي هو لابسه وقبضت عليه تجرّه . والتلبيب : مَجْمَع ما في موضع اللَبَب من ثياب الرجل» . النهاية ، ج ۴ ، ص ۲۲۳ لبب .
5.. في الوافي، ج۲، ص۳۷۲ : «لمّا رأى القاضي مكتوبا في أعلى الكتاب «لعن اللّه من فضّه » خاف على نفسه أن يلجئوه إلى الفضّ ، فقال : قم يا أباالحسن ، فإنّي أخاف أن أفضّ الكتاب ، فينالني لعن أبيك وكفاني ذلك شقاءً وبُعدا» .