491
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

ثُمَّ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: «وَ رَأَيْتُ وُلْدِي جَمِيعاً: الْأَحْيَاءَ مِنْهُمْ وَ الْأَمْوَاتَ، فَقَالَ لِي أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه‏السلام: هذَا سَيِّدُهُمْ ـ وَ أَشَارَ إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ ـ فَهُوَ مِنِّي، وَ أَنَا مِنْهُ، وَ اللّهُ مَعَ الْمُحْسِنِينَ».
قَالَ يَزِيدُ: ثُمَّ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: «يَا يَزِيدُ، إِنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ، فَلاَ تُخْبِرْ بِهَا إِلاَّ عَاقِلاً، أَوْ عَبْداً تَعْرِفُهُ صَادِقاً، وَ إِنْ سُئِلْتَ عَنِ الشَّهَادَةِ، فَاشْهَدْ بِهَا، وَ هُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها»۱ وَ قَالَ لَنَا أَيْضاً: «وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّهِ%«$.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: «فَأَقْبَلْتُ عَلى رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَقُلْتُ: قَدْ جَمَعْتَهُمْ لِي ـ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ـ فَأَيُّهُمْ هُوَ ؟ فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَسْمَعُ بِفَهْمِهِ، وَيَنْطِقُ بِحِكْمَتِهِ، يُصِيبُ فَلاَ يُخْطِئُ، وَيَعْلَمُ فَلاَ يَجْهَلُ، مُعَلَّماً حُكْماً وَعِلْماً، هُوَ هذَا ـ وَ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ ابْنِي ـ ثُمَّ قَالَ: مَا أَقَلَّ مُقَامَكَ مَعَهُ! فَإِذَا رَجَعْتَ مِنْ سَفَرِكَ فَأَوْصِ، وَأَصْلِحْ أَمْرَكَ، وَافْرُغْ مِمَّا أَرَدْتَ ؛ فَإِنَّكَ مُنْتَقِلٌ عَنْهُمْ، وَمُجَاوِرٌ غَيْرَهُمْ، فَإِذَا أَرَدْتَ فَادْعُ عَلِيّاً فَلْيُغَسِّلْكَ وَلْيُكَفِّنْكَ ؛ فَإِنَّهُ طُهْرٌ لَكَ، وَلاَ يَسْتَقِيمُ إِلاَّ ذلِكَ، وَذلِكَ سُنَّةٌ قَدْ مَضَتْ؛ فَاضْطَجِعْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَصُفَّ إِخْوَتَهُ خَلْفَهُ وَعُمُومَتَهُ، وَمُرْهُ فَلْيُكَبِّرْ عَلَيْكَ تِسْعاً ؛ فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَقَامَتْ وَصِيَّتُهُ، وَوَلِيَكَ وَأَنْتَ حَيٌّ، ثُمَّ اجْمَعْ لَهُ وُلْدَكَ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَأَشْهِدْ عَلَيْهِمْ، وَأَشْهِدِ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَفى بِاللّهِ شَهِيداً».
قَالَ يَزِيدُ: ثُمَّ قَالَ لِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: «إِنِّي أُؤخَذُ فِي هذِهِ السَّنَةِ، وَالْأَمْرُ هُوَ إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ، سَمِيِّ عَلِيٍّ وَعَلِيٍّ: فَأَمَّا عَلِيٌّ الْأَوَّلُ، فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه‏السلام، وَأَمَّا الاْخِرُ، فَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام، أُعْطِيَ فَهْمَ الْأَوَّلِ وَحِلْمَهُ وَنَصْرَهُ وَوُدَّهُ وَدِينَهُ وَمِحْنَتَهُ وَمِحْنَةَ الاْخِرِ، وَصَبْرَهُ عَلى مَا يَكْرَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ هَارُونَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ».

1.. النساء ۴ : ۵۸ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
490

نَاشِىًٔ، قَوْلُهُ حُكْمٌ، وَصَمْتُهُ عِلْمٌ، يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَيَسُودُ عَشِيرَتَهُ مِنْ قَبْلِ أَوَانِ حُلُمِهِ».
فَقَالَ لَهُ أَبِي: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، وَ هَلْ وُلِدَ ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَ مَرَّتْ بِهِ سِنُونَ».
قَالَ يَزِيدُ: فَجَاءَنَا مَنْ لَمْ نَسْتَطِعْ مَعَهُ كَلاَماً، قَالَ يَزِيدُ: فَقُلْتُ لِأَبِي إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: فَأَخْبِرْنِي أَنْتَ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُوكَ عليه‏السلام، فَقَالَ لِي: «نَعَمْ، إِنَّ أَبِي عليه‏السلام كَانَ فِي زَمَانٍ لَيْسَ هذَا زَمَانَهُ».
فَقُلْتُ لَهُ: فَمَنْ يَرْضى مِنْكَ بِهذَا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللّهِ.
قَالَ: فَضَحِكَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام ضَحِكاً شَدِيداً، ثُمَّ قَالَ: «أُخْبِرُكَ يَا أَبَا عُمَارَةَ، إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي، فَأَوْصَيْتُ إِلَى ابْنِي فُلاَنٍ، وَ أَشْرَكْتُ مَعَهُ بَنِيَّ فِي الظَّاهِرِ، وَ أَوْصَيْتُهُ فِي الْبَاطِنِ، فَأَفْرَدْتُهُ وَحْدَهُ، وَ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيَّ لَجَعَلْتُهُ فِي الْقَاسِمِ ابْنِي ؛ لِحُبِّي إِيَّاهُ، وَ رَأْفَتِي عَلَيْهِ، وَ لكِنْ ذلِكَ إِلَى اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، يَجْعَلُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، وَ لَقَدْ جَاءَنِي بِخَبَرِهِ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، ثُمَّ أَرَانِيهِ، وَ أَرَانِي مَنْ يَكُونُ مَعَهُ ؛ وَ كَذلِكَ لاَ يُوصى إِلى أَحَدٍ مِنَّا حَتّى يَأْتِيَ بِخَبَرِهِ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وَ جَدِّي عَلِيٌّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ، وَ رَأَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله خَاتَماً وَ سَيْفاً وَ عَصًا وَ كِتَاباً وَ عِمَامَةً، فَقُلْتُ: مَا هذَا يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ فَقَالَ لِي: أَمَّا الْعِمَامَةُ، فَسُلْطَانُ اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؛ وَ أَمَّا السَّيْفُ، فَعِزُّ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ؛ وَ أَمَّا الْكِتَابُ، فَنُورُ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ؛ وَ أَمَّا الْعَصَا، فَقُوَّةُ اللّهِ ؛ وَ أَمَّا الْخَاتَمُ، فَجَامِعُ هذِهِ الْأُمُورِ.
ثُمَّ قَالَ لِي: وَ الْأَمْرُ قَدْ خَرَجَ مِنْكَ إِلى غَيْرِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ، أَرِنِيهِ أَيُّهُمْ هُوَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَا رَأَيْتُ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَحَداً أَجْزَعَ عَلى فِرَاقِ هذَا الْأَمْرِ
مِنْكَ، وَ لَوْ كَانَتِ الاْءِمَامَةُ بِالْمَحَبَّةِ، لَكَانَ إِسْمَاعِيلُ أَحَبَّ إِلى أَبِيكَ مِنْكَ، وَ لكِنْ ذلِكَ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ».

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13982
صفحه از 868
پرینت  ارسال به