ثُمَّ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام: «وَ رَأَيْتُ وُلْدِي جَمِيعاً: الْأَحْيَاءَ مِنْهُمْ وَ الْأَمْوَاتَ، فَقَالَ لِي أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام: هذَا سَيِّدُهُمْ ـ وَ أَشَارَ إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ ـ فَهُوَ مِنِّي، وَ أَنَا مِنْهُ، وَ اللّهُ مَعَ الْمُحْسِنِينَ».
قَالَ يَزِيدُ: ثُمَّ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام: «يَا يَزِيدُ، إِنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ، فَلاَ تُخْبِرْ بِهَا إِلاَّ عَاقِلاً، أَوْ عَبْداً تَعْرِفُهُ صَادِقاً، وَ إِنْ سُئِلْتَ عَنِ الشَّهَادَةِ، فَاشْهَدْ بِهَا، وَ هُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها»۱ وَ قَالَ لَنَا أَيْضاً: «وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّهِ%«$.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام: «فَأَقْبَلْتُ عَلى رَسُولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله، فَقُلْتُ: قَدْ جَمَعْتَهُمْ لِي ـ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ـ فَأَيُّهُمْ هُوَ ؟ فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَسْمَعُ بِفَهْمِهِ، وَيَنْطِقُ بِحِكْمَتِهِ، يُصِيبُ فَلاَ يُخْطِئُ، وَيَعْلَمُ فَلاَ يَجْهَلُ، مُعَلَّماً حُكْماً وَعِلْماً، هُوَ هذَا ـ وَ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ ابْنِي ـ ثُمَّ قَالَ: مَا أَقَلَّ مُقَامَكَ مَعَهُ! فَإِذَا رَجَعْتَ مِنْ سَفَرِكَ فَأَوْصِ، وَأَصْلِحْ أَمْرَكَ، وَافْرُغْ مِمَّا أَرَدْتَ ؛ فَإِنَّكَ مُنْتَقِلٌ عَنْهُمْ، وَمُجَاوِرٌ غَيْرَهُمْ، فَإِذَا أَرَدْتَ فَادْعُ عَلِيّاً فَلْيُغَسِّلْكَ وَلْيُكَفِّنْكَ ؛ فَإِنَّهُ طُهْرٌ لَكَ، وَلاَ يَسْتَقِيمُ إِلاَّ ذلِكَ، وَذلِكَ سُنَّةٌ قَدْ مَضَتْ؛ فَاضْطَجِعْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَصُفَّ إِخْوَتَهُ خَلْفَهُ وَعُمُومَتَهُ، وَمُرْهُ فَلْيُكَبِّرْ عَلَيْكَ تِسْعاً ؛ فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَقَامَتْ وَصِيَّتُهُ، وَوَلِيَكَ وَأَنْتَ حَيٌّ، ثُمَّ اجْمَعْ لَهُ وُلْدَكَ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَأَشْهِدْ عَلَيْهِمْ، وَأَشْهِدِ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَفى بِاللّهِ شَهِيداً».
قَالَ يَزِيدُ: ثُمَّ قَالَ لِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام: «إِنِّي أُؤخَذُ فِي هذِهِ السَّنَةِ، وَالْأَمْرُ هُوَ إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ، سَمِيِّ عَلِيٍّ وَعَلِيٍّ: فَأَمَّا عَلِيٌّ الْأَوَّلُ، فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليهالسلام، وَأَمَّا الاْخِرُ، فَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام، أُعْطِيَ فَهْمَ الْأَوَّلِ وَحِلْمَهُ وَنَصْرَهُ وَوُدَّهُ وَدِينَهُ وَمِحْنَتَهُ وَمِحْنَةَ الاْخِرِ، وَصَبْرَهُ عَلى مَا يَكْرَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ هَارُونَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ».