49
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

«إِنَّ اللّه‏َ ـ عَزَّوَجَلَّ ـ خَلَقَ الْعَقْلَ ـ وَهُوَ أَوَّلُ خَلْقٍ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ۱ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ ـ مِنْ نُورِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَدْبِرْ، فَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقْبِلْ، فَأَقْبَلَ، فَقَالَ اللّه‏ُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً، وَكَرَّمْتُكَ عَلى جَمِيعِ خَلْقِي».
قَالَ: «ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الْأُجَاجِ۲ ظُلْمَانِيّاً، فَقَالَ لَهُ: أَدْبِرْ، فَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقْبِلْ، فَلَمْ يُقْبِلْ، فَقَالَ لَهُ: اسْتَكْبَرْتَ، فَلَعَنَهُ.
ثُمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ جُنْداً، فَلَمَّا رَأَى الْجَهْلُ مَا أَكْرَمَ اللّه‏ُ بِهِ الْعَقْلَ وَمَا أَعْطَاهُ، أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ، فَقَالَ الْجَهْلُ: يَا رَبِّ، هذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَقَوَّيْتَهُ، وَأَنَا ضِدُّهُ وَلاَ قُوَّةَ لِي بِهِ، فَأَعْطِنِي مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذلِكَ، أَخْرَجْتُكَ وَجُنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي، قَالَ: قَدْ رَضِيتُ، فَأَعْطَاهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ۳ جُنْداً.
فَكَانَ مِمَّا أَعْطَى الْعَقْلَ مِنَ الْخَمْسَةِ وَالسَّبْعِينَ الْجُنْدَ:

1.. «الروحانيّين» ـ بضمّ الراء ـ نسبة إلى الروح، والألف والنون من مزيدات النسبة ، وهم الجواهر النورانيّة التي وجودها غير متعلّق بالأجسام . راجع: شرح صدر المتألّهين، ج۱ ، ص۴۰۰ ؛ و شرح المازندراني، ج ۱ ، ص ۲۶۲؛ والوافي، ج ۱ ، ص ۶۱.

2.. «الاُجاج»: الشديد الملوحة والمرارة. لسان العرب، ج ۲، ص ۲۰۷ أجج.

3.. المذكور بالتفصيل فيما يلي : ثمانية وسبعون ، ولا منافاة؛ إمّا لعدم اعتبار مفهوم العدد ، أو لكون التكرار منه عليه‏السلام للتأكيد، أو لكون الزيادة من النسّاخ، أو لجمع النسّاخ بين البدلين في بعض الفقرات غافلين عن البدليّة . وفي هامش الوافي نقلاً عن كتاب الهدايا مخطوط : «قال الشيخ بهاء الملّة والدين رحمه اللّه‏ : لعلّ الثلاثة الزائدة إحدى فقرتي الرجاء والطمع ، وإحدى فقرتي الفهم ، وإحدى فقرتي السلامة والعافية ، فجمع الناسخون بين البدلين غافلين عن البدليّة . وقال الفاضل صدر الدين محمّد الشيرازي : لعلّ الثلاثة الزائدة الطمع والعافية والفهم ؛ لاتّحاد الأوّلين مع الرجاء والسلامة المذكورين ، وذكر الفهم مرّتين في مقابلة اثنين متقاربين ، ولعلّ الوجه في ذلك أنّه لمّا كان كلّ منها غير صاحبته في دقيق النظر ، ذكرت على حِدَة ، ولمّا كان الفرق دقيقا خفيّا لم يحسب من العدد . ذكره في الهدايا ، ثمّ قال : وقال بعض المعاصرين مثله . ومراده من بعض المعاصرين الفيض رحمه اللّه‏ » . اُنظر : شرح المازندراني ، ج ۱، ص ۲۶۹؛ الوافي ، ج ۱ ، ص ۶۴ ؛ مرآة العقول ، ج ۱، ص ۶۷.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
48

الْمُسْتَشِيرِ قَضَاءٌ لِحَقِّ النِّعْمَةِ، وَكَفُّ الْأَذى مِنْ كَمَالِ الْعَقْلِ، وَفِيهِ رَاحَةُ الْبَدَنِ عَاجِلاً وَآجِلاً.
يَا هِشَامُ، إِنَّ الْعَاقِلَ لاَ يُحَدِّثُ مَنْ يَخَافُ تَكْذِيبَهُ، وَلاَ يَسْأَلُ مَنْ يَخَافُ مَنْعَهُ، وَلاَ يَعِدُ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَرْجُو مَا يُعَنَّفُ بِرَجَائِهِ۱، وَلاَ يُقْدِمُ عَلى مَا يَخَافُ فَوْتَهُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ۲».

۱۳.۱۳. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، رَفَعَهُ، قَالَ:
قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عليه‏السلام: «العَقْلُ غِطَاءٌ سَتِيرٌ، وَالْفَضْلُ جَمَالٌ۳ ظَاهِرٌ، فَاسْتُرْ خَلَلَ خُلُقِكَ بِفَضْلِكَ، وَقَاتِلْ هَوَاكَ بِعَقْلِكَ، تَسْلَمْ لَكَ الْمَوَدَّةُ، وَتَظْهَرْ لَكَ الْمَحَبَّةُ».

۱۴.۱۴. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ ۱ / ۲۱
مِهْرَانَ، قَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِيهِ، فَجَرى ذِكْرُ الْعَقْلِ وَالْجَهْلِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «اعْرِفُوا الْعَقْلَ وَجُنْدَهُ، وَالْجَهْلَ وَجُنْدَهُ، تَهْتَدُوا».
قَالَ سَمَاعَةُ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لاَ نَعْرِفُ إِلاَّ مَا عَرَّفْتَنَا، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام:

1.. أي أنّ العاقل لا يرجو فوق ما يستحقّه ولا يتطلّع إلى ما لا يستعدّه . كذا في الوافي ، ج۱ ، ص۱۰۶ .

2.. قال صدر المتألّهين في شرحه ، ج ۱۷ ص ۳۹۷: «أي لا يقدم العاقل على فعل قبل وقته خوفا وحذرا عن فوت وقته بالإقدام أوّلاً فربّما يريده حين لا يقدر عليه؛ إذ قد خرج عن قدرته بإتيانه مرّة». وقيل غير ذلك . راجع : شرح المازندراني ، ج۱ ، ص۲۵۱ ؛ الوافي ، ج۱ ، ص۱۰۶.

3.. في مرآة العقول ، ج۱ ، ص۶۵ : «الفضل ما يعدّ من المحاسن والمحامد ، أو خصوص الإحسان إلى الخلق ، والجمال يطلق على حسن الخَلْق والخُلْق والفعل » .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17045
صفحه از 868
پرینت  ارسال به