وَ قَدْ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ»۱وَ لَعَمْرِي لَقَدْ ضَرَبْتِ أَنْتِ لِأَبِيكِ وَ فَارُوقِهِ عِنْدَ أُذُنِ رَسُولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله الْمَعَاوِلَ۲، وَ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: «إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى»وَ لَعَمْرِي لَقَدْ أَدْخَلَ أَبُوكِ وَ فَارُوقُهُ عَلى رَسُولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله بِقُرْبِهِمَا مِنْهُ الْأَذى، وَ مَا رَعَيَا مِنْ حَقِّهِ مَا أَمَرَهُمَا اللّهُ بِهِ عَلى لِسَانِ رَسُولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله: إِنَّ اللّهَ حَرَّمَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ أَمْوَاتاً مَا حَرَّمَ مِنْهُمْ أَحْيَاءً ؛ وَ تَاللّهِ يَا عَائِشَةُ، لَوْ كَانَ هذَا الَّذِي كَرِهْتِيهِ ـ مِنْ دَفْنِ الْحَسَنِ عِنْدَ أَبِيهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِمَا ـ جَائِزاً فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ اللّهِ، لَعَلِمْتِ أَنَّهُ سَيُدْفَنُ وَ إِنْ رَغِمَ۳ مَعْطِسُكِ۴».
قَالَ: «ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَ قَالَ: يَا عَائِشَةُ، يَوْماً عَلى بَغْلٍ، وَ يَوْماً عَلى جَمَلٍ، فَمَا تَمْلِكِينَ نَفْسَكِ، وَ لاَ تَمْلِكِينَ الْأَرْضَ عَدَاوَةً لِبَنِي هَاشِمٍ.
قَالَ: «فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ، هؤلاَءِ الْفَوَاطِمُ يَتَكَلَّمُونَ، فَمَا كَلاَمُكَ ؟ فَقَالَ لَهَا الْحُسَيْنُ عليهالسلام: وَ أَنّى تُبْعِدِينَ مُحَمَّداً مِنَ الْفَوَاطِمِ، فَوَ اللّهِ، لَقَدْ وَلَدَتْهُ ثَلاَثُ فَوَاطِمَ: فَاطِمَةُ بِنْتُ عِمْرَانَ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ، وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ، وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ زَائِدَةَ بْنِ الْأَصَمِّ بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ حِجْرِ بْنِ عَبْدِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرٍ».
قَالَ: «فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِلْحُسَيْنِ عليهالسلام: نَحُّوا ابْنَكُمْ، وَ اذْهَبُوا بِهِ۵ ؛ فَإِنَّكُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ».
قَالَ: «فَمَضَى الْحُسَيْنُ عليهالسلام إِلى قَبْرِ أُمِّهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ، فَدَفَنَهُ بِالْبَقِيعِ».
1.. الحجرات ۴۹ : ۲ .
2.. «المَعاوِل» : جمع المِعْوَل ، وهو حديدة يُنْقَر بها الجبال . ترتيب كتاب العين ، ج ۲ ، ص ۱۳۱۵ عول .
3.. أرغم اللّه أنفَه ، أي ألصقه بالرَغام . هذا هو الأصل ، ثمّ استعمل في الذُلّ والعجز عن الانتصاف ، والانقياد على كُرْه . النهاية ، ج ۲ ، ص ۲۳۸ رغم .
4.. «المَعْطِسُ» : الأنف ؛ لأنّ العُطاس منه يخرج . راجع : لسانالعرب ، ج ۶ ، ص ۱۴۲ عطس .
5.. في بعض النسخ وحاشية بدرالدين : «بحقّ أبيكم اذهبوا» بدل «نحّوا ابنكم واذهبوا به» .