471
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَ اخْتَرْتُ أَنَا الْحُسَيْنَ عليه‏السلام ؟
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: أَنْتَ إِمَامٌ، وَ أَنْتَ وَسِيلَتِي إِلى مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؛ وَ اللّهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ نَفْسِي ذَهَبَتْ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ هذَا الْكَلاَمَ، أَلاَ وَ إِنَّ فِي رَأْسِي كَلاَماً لاَ تَنْزِفُهُ۱ الدِّلاَءُ، وَ لاَ تُغَيِّرُهُ نَغْمَةُ الرِّيَاحِ۲، كَالْكِتَابِ الْمُعْجَمِ۳، فِي الرَّقِّ۴ الْمُنَمْنَمِ۵، أَهُمُّ بِإِبْدَائِهِ، فَأَجِدُنِي سُبِقْتُ إِلَيْهِ، سَبَقَ۶ الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ أَوْ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَ إِنَّهُ لَكَلاَمٌ يَكِلُّ۷
بِهِ لِسَانُ النَّاطِقِ وَ يَدُ الْكَاتِبِ حَتّى لاَ يَجِدَ قَلَماً، وَ يُؤتَوْا بِالْقِرْطَاسِ حُمَماً۸، فَلاَ يَبْلُغُ فَضْلَكَ، وَ كَذلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُحْسِنِينَ، وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ:
الْحُسَيْنُ عليه‏السلام أَعْلَمُنَا عِلْماً، وَ أَثْقَلُنَا حِلْماً، وَ أَقْرَبُنَا مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله رَحِماً، كَانَ فَقِيهاً قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ، وَ قَرَأَ الْوَحْيَ قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ، وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِي أَحَدٍ خَيْراً مَا اصْطَفى مُحَمَّداً صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَلَمَّا اخْتَارَ اللّهُ مُحَمَّداً، وَ اخْتَارَ مُحَمَّدٌ عَلِيّاً عليه‏السلام، وَ اخْتَارَكَ عَلِيٌّ إِمَاماً، وَ اخْتَرْتَ الْحُسَيْنَ، سَلَّمْنَا وَ رَضِينَا ؛ مَنْ بِغَيْرِهِ يَرْضَى ؟ وَ مَنْ كُنَّا نَسْلَمُ۹ بِهِ مِنْ

1.. «لا تَنْزِفُهُ» ، أي لا تنزحه ولا تفنيه ؛ كنايةً عن كثرته . يقال : نَزَفْتُ ماء البئر ، أي نزحتُه كلَّه . راجع : الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۳۰ نزف .

2.. كناية عن ثباته وعذوبته . والنغمة : الصوت الخفيّ . وعبّر بالرياح عن الشبهات التي تخرج من أفواه المخالفين الطاعنين في الحقّ . راجع : مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۳۱۱ ؛ لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۵۹۰ نغم .

3.. «الكتاب المُعْجَمُ» ، أي المختوم المقفّل . من أعجمت الباب ، أي أقفلتُه ؛ أشار به إلى أنّه من الأسرار والرموز . راجع : الوافي ، ج ۲ ، ص ۳۳۹ .

4.. «الرَقُّ» و«الرِقُّ» : جِلْدٌ رقيق يكتب فيه ، والصحيفةُ البيضاء . القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۱۷۸ رقق .

5.. قوله: «المُنَمْنَمُ»: المُزَيَّن. يقال: نَمْنَمَ الشيءَ نَمْنَمَةً، أي زيّنه وزخرفه ورقّشه. أو الملتفّ الجتمع. يقال: النبتُ المُنَمْنَم، أي المُلتفّ المجتمع. راجع: مرآة العقول، ج ۳، ص ۳۱۱.

6.. قال المجلسي : «والحاصل : أنّي كلّما أقصد أن أذكر شيئا ممّا في رأسي من فضائلك ، أو فضائلك ومناقب أخيك ، أجده مذكورا في كتاب اللّه‏ وكتب الأنبياء» . مرآة العقول، ج۳، ص۳۱۲.

7.. «يكلّ»، من الكلّ بمعنى العجز والإعياء والثقل والتعب والوهن. راجع: لسان العرب، ج۱۱، ص۵۹۰ كلل.

8.. «الحمم» : الفحم ، واحدته : حُمَمَة . والحُمَم : الرماد والفحم وكلّ ما احترق من النار . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۱۵۷ (حمم) .

9.. في مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۳۱۳ : « ... ونسلم إمّا بالتشديد، فكلمة مِنْ تعليليّة ؛ أو بالتخفيف ، أي نصير به سالما من الابتلاء بالمشكلات» .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
470

قَالَ: هَلْ حَدَثَ إِلاَّ خَيْرٌ ؟ قُلْتُ: أَجِبْ أَبَا مُحَمَّدٍ، فَعَجَّلَ عَلى شِسْعِ نَعْلِهِ، فَلَمْ يُسَوِّهِ، وَ خَرَجَ مَعِي يَعْدُو.
فَلَمَّا قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، سَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام: اجْلِسْ ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلُكَ يَغِيبُ عَنْ سَمَاعِ كَلاَمٍ يَحْيَا بِهِ الْأَمْوَاتُ، وَ يَمُوتُ بِهِ الْأَحْيَاءُ، كُونُوا أَوْعِيَةَ الْعِلْمِ وَ مَصَابِيحَ الْهُدى ؛ فَإِنَّ ضَوْءَ النَّهَارِ بَعْضُهُ أَضْوَأُ مِنْ بَعْضٍ.۱
أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ـ جَعَلَ وُلْدَ إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام أَئِمَّةً، وَ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ، وَ آتى دَاوُدَ عليه‏السلام زَبُوراً، وَ قَدْ عَلِمْتَ بِمَا اسْتَأْثَرَ بِهِ مُحَمَّداً صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.
يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، إِنِّي أَخَافُ۲ عَلَيْكَ الْحَسَدَ، وَ إِنَّمَا وَصَفَ اللّهُ بِهِ الْكَافِرِينَ، فَقَالَ اللّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: «كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ»۳ وَ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْكَ سُلْطَاناً.
يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، أَ لاَ أُخْبِرُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ أَبِيكَ فِيكَ ؟ قَالَ: بَلى، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَاكَ عليه‏السلام يَقُولُ يَوْمَ الْبَصْرَةِ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَبَرَّنِي فِي الدُّنْيَا وَ الاْخِرَةِ، فَلْيَبَرَّ مُحَمَّداً وَلَدِي.
يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَكَ وَ أَنْتَ نُطْفَةٌ فِي ظَهْرِ أَبِيكَ، لَأَخْبَرْتُكَ.
يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهماالسلام بَعْدَ وَفَاةِ نَفْسِي وَ مُفَارَقَةِ رُوحِي جِسْمِي إِمَامٌ مِنْ بَعْدِي، وَ عِنْدَ اللّهِ ـ جَلَّ اسْمُهُ ـ فِي الْكِتَابِ۴ وِرَاثَةً مِنَ النَّبِيِّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أَضَافَهَا اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ لَهُ فِي وِرَاثَةِ أَبِيهِ وَ أُمِّهِ، فَعَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ خِيَرَةُ خَلْقِهِ، فَاصْطَفى مِنْكُمْ مُحَمَّداً صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وَ اخْتَارَ مُحَمَّدٌ عَلِيّاً عليه‏السلام، وَ اخْتَارَنِي عَلِيٌّ عليه‏السلام بِالاْءِمَامَةِ،

1.. في الوافي، ج۲، ص۳۳۹ : «يعني لاتستنكفوا من التعلّم وإن كنتم علماء ؛ فإنّ فوق كلّ ذي علم عليم » .

2.. في مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۳۰۸ : «في إعلام الورى : إنّي لا أخاف ، وهو أظهر وأنسب بحال المخاطَب بل المخاطِب أيضا» .

3.. البقرة ۲ : ۱۰۹.

4.. في الوافي، ج۲، ص۳۳۹ : «في الكتاب ، يعني في اُمّ الكتاب واللوح المحفوظ » .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16705
صفحه از 868
پرینت  ارسال به