يَا هِشَامُ، إِنَّ الْعَاقِلَ لاَ يَكْذِبُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَوَاهُ.
يَا هِشَامُ، لاَ دِينَ لِمَنْ لا مُرُوءَةَ۱ لَهُ، وَلاَ مُرُوءَةَ لِمَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ۲، وَإِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ قَدْراً الَّذِي لاَ يَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ خَطَراً ۳، أَمَا إِنَّ أَبْدَانَكُمْ لَيْسَ لَهَا ثَمَنٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ، فَلاَ تَبِيعُوهَا بِغَيْرِهَا.
يَا هِشَامُ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام كَانَ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ عَلاَمَةِ الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلاَثُ خِصَالٍ: يُجِيبُ إِذَا سُئِلَ، وَيَنْطِقُ إِذَا عَجَزَ الْقَوْمُ عَنِ الْكَلاَمِ، وَيُشِيرُ بِالرَّأْيِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ صَلاَحُ أَهْلِهِ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ هذِهِ الْخِصَالِ الثَّلاَثِ شَيْءٌ ؛ فَهُوَ أَحْمَقُ ؛ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام قَالَ: لاَ يَجْلِسُ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ إِلاَّ رَجُلٌ فِيهِ هذِهِ الْخِصَالُ الثَّلاَثُ، أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُنَّ فَجَلَسَ، فَهُوَ أَحْمَقُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام: إِذَا طَلَبْتُمُ الْحَوَائِجَ، فَاطْلُبُوهَا مِنْ أَهْلِهَا، قِيلَ: ۱ / ۲۰
يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، وَمَنْ أَهْلُهَا؟ قَالَ: الَّذِينَ قَصَّ اللّهُ فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَهُمْ، فَقَالَ: «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ»۴ قَالَ: هُمْ أُولُو الْعُقُولِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام: مُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ دَاعِيَةٌ إِلَى الصَّلاحِ، وَإِدْآبُ الْعُلَمَاءِ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ، وَطَاعَةُ وُلاَةِ الْعَدْلِ تَمَامُ الْعِزِّ، وَاسْتِثْمَارُ۵ الْمَالِ تَمَامُ الْمُرُوءَةِ، وَإِرْشَادُ
1.. الزمر ۳۹ : ۹ .
2.. المروءة والمروّة : الإنسانية وكمال الرجولية. وقال العلاّمة المجلسي : «وهي الصفة الجامعة لمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب». راجع : مرآة العقول ، ج ۱ ، ص ۶۳ ؛ الصحاح ، ج ۱ ، ص۷۲ ؛ المغرب ، ص ۴۲۶ مرأ.
3.. وذلك لأنّ من لا عقل له لا يكون عارفا بما يليق به ويحسن ، وما لا يليق به ولا يحسن ؛ فقد يترك اللائق ويجيء بما لا يليق ، ومن يكون كذلك لا يكون ذا دين. حاشية ميرزا رفيعا ، ص ۵۷.
4.. «الخطر» بمعنى الحظّ والنصيب ، والقدر والمنزلة ، والسَبَق الذي يتراهن عليه ، والكلّ محتمل . مرآة العقول ، ج۱ ، ص۶۳ ، الصحاح ، ج۲ ، ص۶۴۸ خطر .
5.. قال المجلسي : «واستثمار المال ، أي استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الإنسانيّة وموجب له أيضا ؛ لأنّه لا يحتاج إلى غيره ، ويتمكّن من أن يأتي بما يليق به» . وبعبارة أخرى قوله عليهالسلام : «واستثمار المال ...» لأنّ التجارة تتولّد منها حركة في المجتمع ، وتنشأ منها منفعة للجميع ، وبذلك يربو ماله في التجارة ، وليست المروءة إلاّ الإنسانية ، وهي حبّ الخير للغير والنظر في المصلحة العامّة» . اُنظر : مرآة العقول ، ج۱ ، ص۶۴ ؛ الشافي للمظفّر ، ج۱ ، ص۱۲۲ .