قَالَ صلىاللهعليهوآله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ وَلِيُّكُمْ وَ أَوْلى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ؟ فَقَالُوا: اللّهُ وَ رَسُولُهُ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ ؛ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
فَوَقَعَتْ حَسَكَةُ۱ النِّفَاقِ فِي قُلُوبِ الْقَوْمِ، وَقَالُوا: مَا أَنْزَلَ اللّهُ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ هذَا عَلى مُحَمَّدٍ قَطُّ، وَمَا يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يَرْفَعَ بِضَبْعِ۲ ابْنِ عَمِّهِ.
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، أَتَتْهُ الْأَنْصَارُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ، إِنَّ اللّهَ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا، وَشَرَّفَنَا بِكَ وَبِنُزُولِكَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا۳، فَقَدْ فَرَّحَ اللّهُ صَدِيقَنَا، وَكَبَتَ۴ عَدُوَّنَا، وَقَدْ يَأْتِيكَ وُفُودٌ، فَلاَ تَجِدُ مَا تُعْطِيهِمْ، فَيَشْمَتُ بِكَ الْعَدُوُّ۵، فَنُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ ثُلُثَ أَمْوَالِنَا حَتّى إِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ وَفْدُ مَكَّةَ، وَجَدْتَ مَا تُعْطِيهِمْ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله عَلَيْهِمْ شَيْئاً، وَكَانَ يَنْتَظِرُ مَا يَأْتِيهِ مِنْ رَبِّهِ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام، وَقَالَ: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى»۶، وَلَمْ يَقْبَلْ أَمْوَالَهُمْ.
فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا أَنْزَلَ اللّهُ هذَا عَلى مُحَمَّدٍ، وَمَا يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يَرْفَعَ بِضَبْعِ ابْنِ عَمِّهِ، وَيَحْمِلَ عَلَيْنَا أَهْلَ بَيْتِهِ، يَقُولُ أَمْسِ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، وَالْيَوْمَ: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى»، ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الْخُمُسِ، فَقَالُوا: يُرِيدُ أَنْ
1.. الشورى ۴۲ : ۲۳ .
2.. «الحَسَكَةُ» : واحدة الحَسَك ، وهي نبات تَعْلَق ثمرته بصوف الغنم ، وَرَقُه كورق الرِجْلَة وأدقّ ، وعند وَرَقه شوك مُلَزَّز صُلْب ذو ثلاثة شعب . والحَسَك أيضا : الحقد والعداوة . القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۲۴۰ حسك .
3.. «الضَبْعُ» : العَضُد كلّها ، أو وسطها بلحمها ، أو الإبط ، أو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه . القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹۹۲ ضبع .
4.. «بَيْنَ ظَهْرانَيْنا» ، المراد بها أنّه صلىاللهعليهوآله أقام بينهم على سبيل الاستظهار والاستناد إليهم . زيدت فيه ألف ونون مفتوحة للتأكيد . ومعناه : كأنّ ظهرا منّا قدّامك وظهرا منّا وراءك فأنت مكنوف من جانبيك ومن جوانبك ـ إذا قيل : بين أظْهُرِنا ـ ثمّ كثر حتّى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۶۶ ظهر .
5.. «كَبَتَ» ، من باب ضرب ، من الكَبْت بمعنى الصرف والإذلال . يقال : كَبَتَ اللّه العدوَّ ، أي صرفه وأذلّه ، وكَبَتَهُ لوجهه ، أي صرعه . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۶۲ كبت .
6.. «فيشمت بك العدوّ» ، أي يفرح ببليّتك ، من الشَماتَة ، وهو الفرح ببليّة العدوّ . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص۲۵۵ شمت .