461
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

قَالَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ وَلِيُّكُمْ وَ أَوْلى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ؟ فَقَالُوا: اللّهُ وَ رَسُولُهُ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ ؛ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
فَوَقَعَتْ حَسَكَةُ۱ النِّفَاقِ فِي قُلُوبِ الْقَوْمِ، وَقَالُوا: مَا أَنْزَلَ اللّهُ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ هذَا عَلى مُحَمَّدٍ قَطُّ، وَمَا يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يَرْفَعَ بِضَبْعِ۲ ابْنِ عَمِّهِ.
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، أَتَتْهُ الْأَنْصَارُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ، إِنَّ اللّهَ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا، وَشَرَّفَنَا بِكَ وَبِنُزُولِكَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا۳، فَقَدْ فَرَّحَ اللّهُ صَدِيقَنَا، وَكَبَتَ۴ عَدُوَّنَا، وَقَدْ يَأْتِيكَ وُفُودٌ، فَلاَ تَجِدُ مَا تُعْطِيهِمْ، فَيَشْمَتُ بِكَ الْعَدُوُّ۵، فَنُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ ثُلُثَ أَمْوَالِنَا حَتّى إِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ وَفْدُ مَكَّةَ، وَجَدْتَ مَا تُعْطِيهِمْ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عَلَيْهِمْ شَيْئاً، وَكَانَ يَنْتَظِرُ مَا يَأْتِيهِ مِنْ رَبِّهِ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عليه‏السلام، وَقَالَ: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى»۶، وَلَمْ يَقْبَلْ أَمْوَالَهُمْ.
فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا أَنْزَلَ اللّهُ هذَا عَلى مُحَمَّدٍ، وَمَا يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يَرْفَعَ بِضَبْعِ ابْنِ عَمِّهِ، وَيَحْمِلَ عَلَيْنَا أَهْلَ بَيْتِهِ، يَقُولُ أَمْسِ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، وَالْيَوْمَ: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى»، ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الْخُمُسِ، فَقَالُوا: يُرِيدُ أَنْ

1.. الشورى ۴۲ : ۲۳ .

2.. «الحَسَكَةُ» : واحدة الحَسَك ، وهي نبات تَعْلَق ثمرته بصوف الغنم ، وَرَقُه كورق الرِجْلَة وأدقّ ، وعند وَرَقه شوك مُلَزَّز صُلْب ذو ثلاثة شعب . والحَسَك أيضا : الحقد والعداوة . القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۲۴۰ حسك .

3.. «الضَبْعُ» : العَضُد كلّها ، أو وسطها بلحمها ، أو الإبط ، أو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه . القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹۹۲ ضبع .

4.. «بَيْنَ ظَهْرانَيْنا» ، المراد بها أنّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أقام بينهم على سبيل الاستظهار والاستناد إليهم . زيدت فيه ألف ونون مفتوحة للتأكيد . ومعناه : كأنّ ظهرا منّا قدّامك وظهرا منّا وراءك فأنت مكنوف من جانبيك ومن جوانبك ـ إذا قيل : بين أظْهُرِنا ـ ثمّ كثر حتّى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۶۶ ظهر .

5.. «كَبَتَ» ، من باب ضرب ، من الكَبْت بمعنى الصرف والإذلال . يقال : كَبَتَ اللّه‏ العدوَّ ، أي صرفه وأذلّه ، وكَبَتَهُ لوجهه ، أي صرعه . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۶۲ كبت .

6.. «فيشمت بك العدوّ» ، أي يفرح ببليّتك ، من الشَماتَة ، وهو الفرح ببليّة العدوّ . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص۲۵۵ شمت .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
460

«وَإِذَا (الْمَوَدَّةُ)۱ سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ»۲ يَقُولُ: أَسْأَلُكُمْ عَنِ الْمَوَدَّةِ ـ الَّتِي أَنْزَلْتُ۳ عَلَيْكُمْ فَضْلَهَا ـ مَوَدَّةِ الْقُرْبى بِأَيِّ ذَنْبٍ قَتَلْتُمُوهُمْ.
وَ قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»۴ قَالَ: الْكِتَابُ: الذِّكْرُ، وَ أَهْلُهُ: آلُ مُحَمَّدٍ عليهم‏السلام، أَمَرَ اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ بِسُؤالِهِمْ، وَ لَمْ يُؤمَرُوا بِسُؤالِ الْجُهَّالِ، وَ سَمَّى اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ الْقُرْآنَ۵ ذِكْراً، فَقَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالى: «وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»۶ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ»۷.
وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: «أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ»۸ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ»۹ فَرَدَّ الْأَمْرَ ـ أَمْرَ النَّاسِ ـ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمُ الَّذِينَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ وَ بِالرَّدِّ إِلَيْهِمْ.
فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، نَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليه‏السلام، فَقَالَ: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ‏إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَ‏اللّهَ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكافِرِينَ»۱۰ فَنَادَى النَّاسَ؛ فَاجْتَمَعُوا، وَ أَمَرَ بِسَمُرَاتٍ۱۱؛ فَقُمَّ۱۲ شَوْكُهُنَّ، ثُمَّ

1.. كانت القراءة المشهورة «المَوْؤُدَةُ » من الوأد ، وعليها ظاهر بعض النسخ . وفي الوافي، ج۲، ص۳۲۲ : «يستفاد من تأويله أنّهم عليهم‏السلام هكذا كانوا يقرؤونه».

2.. التكوير ۸۱ : ۸ و ۹ . وفي البحار ، ج ۷ : + «قال» .

3.. في بعض النسخ والبحار ، ج ۷ : «نزلت» .

4.. النحل ۱۶ : ۴۳ ؛ الأنبياء (۲۱) : ۷ .

5.. في شرح المازندراني : «الكتاب» .

6.. النحل ۱۶ : ۴۴ .

7.. الزخرف ۴۳ : ۴۴ .

8.. النساء ۴ : ۵۹ .

9.. النساء ۴ : ۸۳ .

10.. المائدة ۵ : ۶۷ .

11.. «سَمُرات» : جمع سَمُرَة ، وهي من شجر الطَلْح ـ وهو شجر عظيم من شجر العِضاه له شوك . راجع : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۳۷۹ سمر .

12.. «فَقُمَّ» ، أي كُنِسَ ، من القُمامة بمعنى الكُناسة . يقال : قَمَّ البيتَ قَمّا : كَنَسَهُ . والمراد : اُزيل . راجع : المصباح المنير ، ص ۵۱۶ قمم .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16787
صفحه از 868
پرینت  ارسال به