459
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

ثُمَّ قَالَ: لَأَبْعَثَنَّ رَجُلاً يُحِبُّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ ؛ يُعَرِّضُ۱ بِمَنْ رَجَعَ، يُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ يُجَبِّنُونَهُ.
وَ قَالَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: عَلِيٌّ سَيِّدُ الْمُؤمِنِينَ.
وَ قَالَ: عَلِيٌّ عَمُودُ الدِّينِ.
وَ قَالَ: هذَا هُوَ الَّذِي يَضْرِبُ النَّاسَ بِالسَّيْفِ عَلَى الْحَقِّ بَعْدِي.
وَ قَالَ: الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ أَيْنَمَا مَالَ.
وَ قَالَ: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ أَهْلَ بَيْتِي عِتْرَتِي ؛ أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا وَ قَدْ بَلَّغْتُ، إِنَّكُمْ سَتَرِدُونَ عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَأَسْأَلُكُمْ عَمَّا فَعَلْتُمْ فِي الثَّقَلَيْنِ، وَ الثَّقَلاَنِ كِتَابُ اللّهِ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ وَ أَهْلُ بَيْتِي، فَلاَ تَسْبِقُوهُمْ ؛ فَتَهْلِكُوا، وَ لاَ تُعَلِّمُوهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ.
فَوَقَعَتِ الْحُجَّةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وَ بِالْكِتَابِ الَّذِي يَقْرَؤُهُ النَّاسُ، فَلَمْ يَزَلْ يُلْقِي فَضْلَ أَهْلِ بَيْتِهِ بِالْكَلاَمِ، وَ يُبَيِّنُ لَهُمْ بِالْقُرْآنِ: «إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»۲ وَ قَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ: «وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَىْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبى»۳ ثُمَّ قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: «وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ»۴.
فَكَانَ عَلِيٌّ عليه‏السلام ۵، وَ كَانَ حَقُّهُ الْوَصِيَّةَ الَّتِي جُعِلَتْ لَهُ، وَ الاِسْمَ الْأَكْبَرَ، وَ مِيرَاثَ
الْعِلْمِ، وَ آثَارَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ، فَقَالَ: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى»۶ ثُمَّ قَالَ:

1.. في الوافي، ج۲، ص۳۲۲ «جملة حاليّة ، يعني قال : ليس بفرّار تعريضا بمن فرّ وجبّن أصحابه وجبّنوه» .

2.. الأحزاب ۳۳ : ۳۳ .

3.. الأنفال ۸ : ۴۱ .

4.. الإسراء ۱۷ : ۲۶ .

5.. «فكان عليّ عليه‏السلام» ، أي فكان عليه‏السلام ذا القربى ، على حذف الخبر بقرينة المقام . أو كان تامّة . راجع : شرح المازندراني ، ج ۶ ، ص ۱۲۶ ؛ مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۲۷۹ .

6.. الشورى ۴۲ : ۲۳ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
458

فَلَمْ تَزَلِ الْوَصِيَّةُ فِي عَالِمٍ بَعْدَ عَالِمٍ حَتّى دَفَعُوهَا إِلى مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَلَمَّا بَعَثَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مُحَمَّداً صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، أَسْلَمَ لَهُ الْعَقِبُ مِنَ الْمُسْتَحْفَظِينَ، وَ كَذَّبَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَ دَعَا إِلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ.
ثُمَّ أَنْزَلَ اللّهُ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ عَلَيْهِ: أَنْ أَعْلِنْ فَضْلَ وَصِيِّكَ، فَقَالَ: رَبِّ، إِنَّ الْعَرَبَ
قَوْمٌ جُفَاةٌ۱، لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِتَابٌ، وَ لَمْ يُبْعَثْ إِلَيْهِمْ نَبِيٌّ، وَ لاَ يَعْرِفُونَ فَضْلَ نُبُوَّاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَ لاَ شَرَفَهُمْ، وَ لاَ يُؤمِنُونَ بِي إِنْ أَنَا أَخْبَرْتُهُمْ بِفَضْلِ أَهْلِ بَيْتِي، فَقَالَ اللّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: «وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ»۲، «وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ»۳.
فَذَكَرَ مِنْ فَضْلِ وَصِيِّهِ ذِكْراً، فَوَقَعَ النِّفَاقُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَعَلِمَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ذلِكَ وَ مَا يَقُولُونَ، فَقَالَ اللّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: يَا مُحَمَّدُ، «وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ»۴، «فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ»۵ لكِنَّهُمْ يَجْحَدُونَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ لَهُمْ.
وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يَتَأَلَّفُهُمْ، وَ يَسْتَعِينُ بِبَعْضِهِمْ عَلى بَعْضٍ، وَ لاَ يَزَالُ يُخْرِجُ لَهُمْ شَيْئاً فِي فَضْلِ وَصِيِّهِ حَتّى نَزَلَتْ هذِهِ السُّورَةُ۶، فَاحْتَجَّ عَلَيْهِمْ حِينَ أُعْلِمَ بِمَوْتِهِ وَ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، فَقَالَ اللّهُ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ: «فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ»۷ يَقُولُ: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ۸ عَلَمَكَ، وَ أَعْلِنْ وَصِيَّكَ، فَأَعْلِمْهُمْ۹ فَضْلَهُ عَلاَنِيَةً، فَقَالَ عليه‏السلام: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ ؛ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.

1.. «الجُفاة» : جمع الجافي ؛ من الجفاء ، وهو الغلظ في العشرة ، والخرق في المعاملة ، وترك الرفق . راجع : المغرب ، ص ۸۶ جفا .

2.. الحجر ۱۵ : ۸۸ ؛ النحل (۱۶) : ۱۲۷ ؛ النمل (۲۷) : ۷۰ .

3.. الزخرف ۴۳ : ۸۹ .

4.. الحجر ۱۵ : ۹۷ .

5.. الأنعام ۶ : ۳۳ .

6.. قوله : «هذه السورة» ، أي سورة ألم نشرح ، بقرينة ما بعده . وجملة : «فاحتجّ عليهم» معترضة . راجع : شرح المازندراني ، ج ۶ ، ص ۱۲۰ .

7.. الشرح ۹۴ : ۷ ـ ۸ .

8.. «فانصب» ، بفتح الصاد من النَصَب بمعنى التعب والاجتهاد ، أي اتعب نفسك في نصب وصيّك بما تسمع من المنافقين في ذلك ، ولكنّ المستفاد من هذا الحديث أنّه بكسر الصاد من النَصْب بمعنى الرفع والوضع . وهذا مخالف لما في القرآن ، فيحتمل أن يقال : لعلّه ورد بالفتح أيضا بمعنى النَصْب وإن لم يذكر في كتب اللغة . راجع : مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۲۷۵ ـ ۲۷۶ .

9.. في بعض النسخ : «فأعْلَمَهم» بصيغة الماضي .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16857
صفحه از 868
پرینت  ارسال به