عَهْدُ رَبِّي ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ إِلَيَّ، وَشَرْطُهُ عَلَيَّ وَأَمَانَتُهُ، وَقَدْ بَلَّغْتُ وَنَصَحْتُ۱ وَأَدَّيْتُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عليهالسلام: وَأَنَا أَشْهَدُ لَكَ ـ بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ۲ ـ بِالْبَلاَغِ۳ وَالنَّصِيحَةِ وَالتَّصْدِيقِ عَلى مَا قُلْتَ، وَيَشْهَدُ لَكَ بِهِ سَمْعِي وَبَصَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام: وَأَنَا لَكُمَا عَلى ذلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله: يَا عَلِيُّ، أَخَذْتَ وَصِيَّتِي وَعَرَفْتَهَا وَضَمِنْتَ لِلّهِ وَلِيَ الْوَفَاءَ بِمَا فِيهَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عليهالسلام: نَعَمْ ـ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ـ عَلَيَّ ضَمَانُهَا، وَعَلَى اللّهِ عَوْنِي وَتَوْفِيقِي عَلى أَدَائِهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله: يَا عَلِيُّ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشْهِدَ عَلَيْكَ بِمُوَافَاتِي بِهَا۴ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليهالسلام: نَعَمْ أَشْهِدْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلىاللهعليهوآله: إِنَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ الاْنَ، وَهُمَا حَاضِرَانِ، مَعَهُمَا الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ لِأُشْهِدَهُمْ عَلَيْكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، لِيَشْهَدُوا، وَأَنَا ـ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ـ أُشْهِدُهُمْ، فَأَشْهَدَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله.
وَ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ بِأَمْرِ جَبْرَئِيلَ فِيمَا أَمَرَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، تَفِي بِمَا فِيهَا ؛ مِنْ مُوَالاَةِ مَنْ وَالَى اللّهَ وَرَسُولَهُ، وَالْبَرَاءَةِ وَالْعَدَاوَةِ لِمَنْ عَادَى اللّهَ وَرَسُولَهُ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ۵ عَلَى الصَّبْرِ مِنْكَ، وَ عَلى كَظْمِ الْغَيْظِ، وَعَلى ذَهَابِ حَقِّكَ
1.. قال ابن الأثير : «النصيحة : كلمة يعبّر بها عن جملة هي إرادة الغير للمنصوح له ، وليس يمكن أن يعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها . وأصل النصح في اللغة : الخلوص . يقال : نصحتُه ونصحت له . النهاية ، ج ۵ ، ص ۶۳ نصح .
2.. قوله : بأبي واُمّي أنت ، معترضة ، والجارّ متعلّق بمحذوف . وهو إمّا اسم ، أي أنت مُفَدّى بأبي واُمّي . أو فعل متكلّم معلوم ، أي فديتُك بأبي واُمّي . أو فعل مخاطب مجهول ، أي فُدِيتَ بأبي واُمّي . وحذف هذا المقدّر تخفيفا لكثرة الاستعمال وعلم المخاطب به . راجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۲۰ أبا ؛ مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۱۹۶ .
3.. في شرح المازندراني، ج۶، ص۸۷ : «قوله : بالبلاغ ، هو بالفتح اسم من التبليغ وهو ما بلّغه من القرآن والسنن ، وجميع ما جاء به . أو بالكسر مصدر بالغ في الأمر إذا اجتهد فيه» . وراجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۵۲ بلغ .
4.. في شرح المازندراني، ج۶، ص۸۸ : «قوله : بموافاتى بها ، أي بإتيانك إيّاي كما هي يوم القيامة . يقال : وافاه ، أي أتاه ، مفاعلة من الوفاء» . وراجع : المغرب ، ص ۴۹۰ وفى .
5.. في مرآة العقول، ج۳، ص۱۹۶ : «والبراءة منهم ، بالجرّ تأكيدا ، أو بالرفع على الابتداء ، والواو حاليّة . قوله : على الصبر ، خبر ، وعلى الأوّل حال عن فاعل تفي» .