437
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

عَهْدُ رَبِّي ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ إِلَيَّ، وَشَرْطُهُ عَلَيَّ وَأَمَانَتُهُ، وَقَدْ بَلَّغْتُ وَنَصَحْتُ۱ وَأَدَّيْتُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عليه‏السلام: وَأَنَا أَشْهَدُ لَكَ ـ بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ۲ ـ بِالْبَلاَغِ۳ وَالنَّصِيحَةِ وَالتَّصْدِيقِ عَلى مَا قُلْتَ، وَيَشْهَدُ لَكَ بِهِ سَمْعِي وَبَصَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه‏السلام: وَأَنَا لَكُمَا عَلى ذلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: يَا عَلِيُّ، أَخَذْتَ وَصِيَّتِي وَعَرَفْتَهَا وَضَمِنْتَ لِلّهِ وَلِيَ الْوَفَاءَ بِمَا فِيهَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عليه‏السلام: نَعَمْ ـ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ـ عَلَيَّ ضَمَانُهَا، وَعَلَى اللّهِ عَوْنِي وَتَوْفِيقِي عَلى أَدَائِهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: يَا عَلِيُّ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشْهِدَ عَلَيْكَ بِمُوَافَاتِي بِهَا۴ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه‏السلام: نَعَمْ أَشْهِدْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ الاْنَ، وَهُمَا حَاضِرَانِ، مَعَهُمَا الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ لِأُشْهِدَهُمْ عَلَيْكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، لِيَشْهَدُوا، وَأَنَا ـ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ـ أُشْهِدُهُمْ، فَأَشْهَدَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.
وَ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ بِأَمْرِ جَبْرَئِيلَ فِيمَا أَمَرَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، تَفِي بِمَا فِيهَا ؛ مِنْ مُوَالاَةِ مَنْ وَالَى اللّهَ وَرَسُولَهُ، وَالْبَرَاءَةِ وَالْعَدَاوَةِ لِمَنْ عَادَى اللّهَ وَرَسُولَهُ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ۵ عَلَى الصَّبْرِ مِنْكَ، وَ عَلى كَظْمِ الْغَيْظِ، وَعَلى ذَهَابِ حَقِّكَ

1.. قال ابن الأثير : «النصيحة : كلمة يعبّر بها عن جملة هي إرادة الغير للمنصوح له ، وليس يمكن أن يعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها . وأصل النصح في اللغة : الخلوص . يقال : نصحتُه ونصحت له . النهاية ، ج ۵ ، ص ۶۳ نصح .

2.. قوله : بأبي واُمّي أنت ، معترضة ، والجارّ متعلّق بمحذوف . وهو إمّا اسم ، أي أنت مُفَدّى بأبي واُمّي . أو فعل متكلّم معلوم ، أي فديتُك بأبي واُمّي . أو فعل مخاطب مجهول ، أي فُدِيتَ بأبي واُمّي . وحذف هذا المقدّر تخفيفا لكثرة الاستعمال وعلم المخاطب به . راجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۲۰ أبا ؛ مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۱۹۶ .

3.. في شرح المازندراني، ج۶، ص۸۷ : «قوله : بالبلاغ ، هو بالفتح اسم من التبليغ وهو ما بلّغه من القرآن والسنن ، وجميع ما جاء به . أو بالكسر مصدر بالغ في الأمر إذا اجتهد فيه» . وراجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۵۲ بلغ .

4.. في شرح المازندراني، ج۶، ص۸۸ : «قوله : بموافاتى بها ، أي بإتيانك إيّاي كما هي يوم القيامة . يقال : وافاه ، أي أتاه ، مفاعلة من الوفاء» . وراجع : المغرب ، ص ۴۹۰ وفى .

5.. في مرآة العقول، ج۳، ص۱۹۶ : «والبراءة منهم ، بالجرّ تأكيدا ، أو بالرفع على الابتداء ، والواو حاليّة . قوله : على الصبر ، خبر ، وعلى الأوّل حال عن فاعل تفي» .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
436

أَبِي مُوسَى الضَّرِيرِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليهماالسلام، قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: أَ لَيْسَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه‏السلام كَاتِبَ الْوَصِيَّةِ، وَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الْمُمْلِي ۱ عَلَيْهِ، وَجَبْرَئِيلُ وَ الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ عليهم‏السلام شُهُودٌ ؟».
قَالَ: «فَأَطْرَقَ۲ طَوِيلاً، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، قَدْ كَانَ مَا قُلْتَ، وَلكِنْ حِينَ نَزَلَ بِرَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الْأَمْرُ نَزَلَتِ الْوَصِيَّةُ مِنْ عِنْدِ اللّهِ كِتَاباً مُسَجَّلاً۳، نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ مَعَ أُمَنَاءِ اللّهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ بِإِخْرَاجِ مَنْ عِنْدَكَ إِلاَّ وَصِيَّكَ ؛ لِيَقْبِضَهَا مِنَّا، وَتُشْهِدَنَا بِدَفْعِكَ إِيَّاهَا إِلَيْهِ، ضَامِناً لَهَا ـ يَعْنِي عَلِيّاً عليه‏السلام ـ فَأَمَرَ ۱ / ۲۸۲
النَّبِيُّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بِإِخْرَاجِ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ مَا خَلاَ عَلِيّاً، وَفَاطِمَةُ فِيمَا بَيْنَ السِّتْرِ وَالْبَابِ.
فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، رَبُّكَ يُقْرِئُكَ۴ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: هذَا كِتَابُ مَا كُنْتُ عَهِدْتُ إِلَيْكَ، وَشَرَطْتُ عَلَيْكَ، وَشَهِدْتُ بِهِ عَلَيْكَ، وَأَشْهَدْتُ بِهِ عَلَيْكَ مَلاَئِكَتِي، وَكَفى بِي يَا مُحَمَّدُ شَهِيداً.
قَالَ: فَارْتَعَدَتْ مَفَاصِلُ النَّبِيِّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، رَبِّي هُوَ السَّلاَمُ، وَمِنْهُ السَّلاَمُ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ السَّلاَمُ، صَدَقَ عَزَّ وَجَلَّ وَبَرَّ۵، هَاتِ الْكِتَابَ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهِ إِلى أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليه‏السلام، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْهُ، فَقَرَأَهُ حَرْفاً حَرْفاً، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، هذَا

1.. «المُمْلِي» ، من الإملاء ، وهو الإلقاء على الكاتب ليكتب . راجع : المصباح المنير ، ص ۵۰۸ ملل .

2.. «فأطرق» ، أي سكت فلم يتكلّم ، وأرخى عينيه ينظر إلى الأرض. راجع : الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۱۵ طرق .

3.. «كتابا مُسَجَّلاً» ، أي كتابا محكما ، من قولك : سجّل القاضي لفلان بماله ، أي استوثق له به ؛ أو كتابا مكتوبا ، من قولك : سجّل القاضي ، أي كتب السِجِّلَ ؛ أو يقرأ كتابا مُسْجَلاً ، أي مُرْسَلاً ، من قولك : أسْجَلْتُ الكلامَ ، أي أرسلتُه ؛ أو كثيرَ الخير ، من قولك : أسجل الرجلُ ، أي كثر خيره . راجع : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۳۲۵ ـ ۳۲۶ سجل ؛ شرح المازندراني ، ج ۶ ، ص ۸۵ ؛ مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۱۹۳ .

4.. قال ابن الأثير : «يقال : أَقْرِئْ فلانا السلامَ ، واقْرَأ عليه السلامَ ، كأنّه حين يبلّغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويردّه . وإذا قرأ الرجل القرآن أو الحديث على الشيخ يقول : أقرأني فلان ، أي حملني على أن أقرأ عليه» . النهاية ، ج ۴ ، ص ۳۱ قرأ .

5.. «بَرَّ» ، أي أحسن ، من البِرّ بمعنى الإحسان ، أو وفى بالعهد والوعد ، من قولهم : «وأنّ البِرّ دون الإثم ، أي أنّ الوفاء بما جعل على نفسه دون الغَدْر والنكث» . راجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۱۷ برر .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16644
صفحه از 868
پرینت  ارسال به