هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الاْخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ»۱ وَقَالَ: «كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ»۲ وَقَالَ: «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنَا بَنِى إِسْرائِيلَ الْكِتَابَ هُدىً وَذِكْرى لِأُولِى الْأَلْبَابِ»۳ وَقَالَ: «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤمِنِينَ»۴.
يَا هِشَامُ، إِنَّ اللّهَ تَعَالى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: «إِنَّ فِى ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ»۵ يَعْنِي عَقْلٌ، وَقَالَ: «وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ»۶ قَالَ: الْفَهْمَ وَالْعَقْلَ.
يَا هِشَامُ، إِنَّ لُقْمَانَ قَالَ لاِبْنِهِ: تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ، وَإِنَّ الْكَيْسَ۷ لَدَى الْحَقِّ يَسِيرٌ، يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ غَرِقَ فِيهَا عَالَمٌ كَثِيرٌ، فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللّهِ، وَحَشْوُهَا۸ الاْءِيمَانَ، وَشِرَاعُهَا۹ التَّوَكُّلَ، وَقَيِّمُهَا الْعَقْلَ، وَدَلِيلُهَا الْعِلْمَ، وَسُكَّانُهَا۱۰ الصَّبْرَ.
يَا هِشَامُ، إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ دَلِيلاً، وَدَلِيلُ الْعَقْلِ التَّفَكُّرُ، وَدَلِيلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ ؛ وَلِكُلِّ
1.. الزمر ۳۹ : ۹ .
2.. ص ۳۸ : ۲۹ .
3.. غافر ۴۰ : ۵۳ ـ ۵۴ .
4.. الذاريات ۵۱ : ۵۵ .
5.. ق ۵۰ : ۳۷ .
6.. لقمان ۳۱ : ۱۲ .
7.. «الكيْس» يقرأ بوجهين : بفتح الكاف وسكون الياء ، بمعنى العقل والفطانة ، وهو مختار السيّد الداماد في التعليقة، ص۳۴ وصدر المتألّهين في شرحه، ج۱ ، ص۳۵۹ ؛ وبفتح الكاف وكسر الياء المشدّدة بمعنى ذي الكيس ، وهو مختار الفيض في الوافي، ج۱ ، ص۹۷ والمازندراني في شرحه، ج۱ ، ص۱۷۹. و«اليسير» : القليل ، أو الهيّن ومقابل العسير.
والمعنى على الوجه الأوّل : أنّ فطانة الإنسان وعقله سهلٌ هيّنٌ عند الحق لا قَدْر له ؛ أو إدراكه عنده قليل. وعلى الثاني : العاقل الذي يعمل بمقتضى عقله عند ظهور الحقّ قليل ، أو منقاد له غير صعب ولا عسير. واحتمل العلاّمة المجلسي كون «يسير» على كلا الوجهين فعلاً. راجع : النهاية ، ج۴ ، ص۲۱۷ ـ ۲۱۸ كيس ؛ و ج۵ ، ص۲۹۵ (يسر).
8.. «الحَشْوُ» : ما ملأتَ به ـ كالقطن ـ الفراشَ وغيرَه . راجع : لسان العرب ، ج۱۴ ، ص۱۸۰ حشا .
9.. شِراع السفينة : ما يرفع فوقها من ثوب لتدخل فيه الريح ، فتُجريها . النهاية ، ج۲ ، ص۴۶۱ شرع .
10.. سُكّان السفينة هو ذَنَبُ السفينة ؛ لأنّها به تقوم وتُسكَّن وتعدّل وتمنع من الحركة والاضطراب . راجع : المغرب ، ص۲۳۰ ؛ لسان العرب ، ج۱۳ ، ص۲۱۱ سكن.