387
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

الدِّينُ مِنَّا حَتّى لاَ يَكُونَ بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلاَفٌ ـ فَإِنَّ لَهُ أَجَلاً مِنْ مَمَرِّ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ إِذَا أَتى ظَهَرَ، وَكَانَ الْأَمْرُ وَاحِداً.
وَ ايْمُ اللّهِ، لَقَدْ قُضِيَ الْأَمْرُ أَنْ لاَ يَكُونَ بَيْنَ الْمُؤمِنِينَ اخْتِلاَفٌ، وَلِذلِكَ جَعَلَهُمْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ لِيَشْهَدَ مُحَمَّدٌ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عَلَيْنَا، وَلِنَشْهَدَ عَلى شِيعَتِنَا، وَلِتَشْهَدَ شِيعَتُنَا عَلَى النَّاسِ، أَبَى اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِهِ اخْتِلاَفٌ، أَوْ بَيْنَ أَهْلِ عِلْمِهِ تَنَاقُضٌ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‏السلام: «فَضْلُ إِيمَانِ الْمُؤمِنِ بِجُمْلَةِ «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ»وَبِتَفْسِيرِهَا عَلى مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الاْءِيمَانِ بِهَا كَفَضْلِ الاْءِنْسَانِ عَلَى الْبَهَائِمِ، وَإِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَيَدْفَعُ بِالْمُؤمِنِينَ بِهَا عَنِ الْجَاحِدِينَ لَهَا فِي الدُّنْيَا ـ لِكَمَالِ عَذَابِ الاْخِرَةِ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لاَ يَتُوبُ مِنْهُمْ ـ مَا يَدْفَعُ بِالْمُجَاهِدِينَ عَنِ الْقَاعِدِينَ، وَلاَ أَعْلَمُ أَنَّ۱ فِي هذَا الزَّمَانِ جِهَاداً إِلاَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَالْجِوَارَ۲».

۶۵۲.۸. قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه‏السلام: يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، لاَ تَغْضَبْ عَلَيَّ، قَالَ: «لِمَا ذَا ؟» قَالَ: لِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ، قَالَ: «قُلْ». قَالَ: وَلاَ تَغْضَبُ؟ قَالَ: «وَ لاَ أَغْضَبُ».
قَالَ: أَ رَأَيْتَ قَوْلَكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَتَنَزُّلِ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ فِيهَا إِلَى الْأَوْصِيَاءِ: يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قَدْ عَلِمَهُ، أَوْ يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يَعْلَمُهُ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مَاتَ وَلَيْسَ مِنْ عِلْمِهِ شَيْءٌ إِلاَّ وَعَلِيٌّ عليه‏السلام لَهُ وَاعٍ۳ ؟
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‏السلام: «مَا لِي وَلَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ ؟ وَمَنْ أَدْخَلَكَ عَلَيَّ ؟» قَالَ: أَدْخَلَنِي

1.. في مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۹۵ : «ولمّا ذكر الجهاد هنا وفي الآية المشار إليها سابقا ، وكان مظنّة أن يفهم السائل وجوب الجهاد في زمانه عليه‏السلام مع عدم تحققّ شرائطه مع المخالفين ، أو مع من يخرج من الجاهلين ، أزال عليه‏السلامذلك التوهّم بقوله «لا أعلم » ، أي هذه الأعمال قائمة مقام الجهاد لمن لم يتمكّن عنه ؛ أو قوله تعالى : «جَـهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ » [الحج ۲۲ : ۷۸] شاملة لهذه الاُمور أيضا » .

2.. «الجِوار» : أن تعطي الرجلَ ذِمّةً فيكون بها جارك فتُجيره ، وبمعنى المجاورة يقال : جاوره مجاوَرَةً وجِوارا ، أي صار جاره . والمراد به هنا : المحافظة على الذمّة والأمان ، أو قضاء حقّ المجاورة وحسن المعاشرة مع الجار والصبر على أذاه . وقال العلاّمة المجلسي في المرآة ، ج۳، ص۹۵ : «وقيل : المراد بالجوار مجاورة العلماء وكسب التفقّه في الدين . ولا يخفى بُعده» . راجع : القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۵۲۵ جور .

3.. «الواعي» : الحافظ والفاهم . تقول : وعيتُ الحديث أعِيه وَعيا فأنَا واعٍ ، إذا حفظتَه وفهمته ، وفلان أوعى من فلان ، أي أحفظ وأفهم . راجع : النهاية ، ج ۵ ، ص ۲۰۷ وعا .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
386

وَ ايْمُ اللّهِ، لَقَدْ نَزَلَ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ بِالْأَمْرِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلى آدَمَ ؛ وَ ايْمُ اللّهِ، مَا مَاتَ آدَمُ إِلاَّ وَلَهُ وَصِيٌّ، وَكُلُّ مَنْ بَعْدَ آدَمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ أَتَاهُ الْأَمْرُ فِيهَا، وَوَضَعَ۱ لِوَصِيِّهِ مِنْ بَعْدِهِ.
وَ ايْمُ اللّهِ، إِنْ كَانَ النَّبِيُّ لَيُؤمَرُ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنَ الْأَمْرِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ آدَمَ إِلى مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أَنْ أَوْصِ إِلى فُلاَنٍ، وَلَقَدْ قَالَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي كِتَابِهِ لِوُلاَةِ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله خَاصَّةً: «وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الْأَرْضِ كَمَا ۱ / ۲۵۱
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» إِلى قَوْلِهِ: «فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ»۲ يَقُولُ: أَسْتَخْلِفُكُمْ لِعِلْمِي وَدِينِي وَعِبَادَتِي بَعْدَ نَبِيِّكُمْ كَمَا اسْتَخْلَفَ وُصَاةَ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ حَتّى يَبْعَثَ النَّبِيَّ الَّذِي يَلِيهِ «يَعْبُدُونَنِى لا يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً»يَقُولُ: يَعْبُدُونَنِي بِإِيمَانٍ لاَ نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ۳، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذلِكَ «فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ».
فَقَدْ مَكَّنَ وُلاَةَ الْأَمْرِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بِالْعِلْمِ، وَنَحْنُ هُمْ ؛ فَاسْأَلُونَا، فَإِنْ صَدَقْنَاكُمْ فَأَقِرُّوا، وَمَا أَنْتُمْ بِفَاعِلِينَ ؛ أَمَّا عِلْمُنَا فَظَاهِرٌ ؛ وَأَمَّا إِبَّانُ أَجَلِنَا ـ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ

1.. في الوافي، ج۲، ص۵۷ : «وَوَضَع ، أي النبيّ الأمر ؛ أو على البناء للمفعول ؛ أو بالتنوين عوضا عن المضاف إليه ، عطف على الأمر» .

2.. النور ۲۴ : ۵۵ .

3.. في الوافي، ج۲، ص۵۸ : «بإيمان لا نبيّ بعد محمّد ، يعني أنّ نفي الشرك عبارة عن أن لايعتقد النبوّة في الخليفة الظاهر الغالب أمره . «ومن قال غير ذلك » هذا تفسير لقوله تعالى : «وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَ لِكَ فَأُوْلَـلـءِكَ هُمُ الْفَـسِقُونَ»يعني ومن كفر بهذا الوعد بأن قال : إنّ مثل هذا الخليفة لايكون إلاّ نبيّا ، ولا نبيّ بعد محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، فهذا الوعد غير صادق أو كفر بهذا الموعود، بأن قال إذا ظهر أمره: هذا نبيّ، أو قال: هذا ليس بخليفة؛ لاعتقاده الملازمة بين الأمرين، فقوله عليه‏السلام : «غير ذلك » إشارة إلى الأمرين . والسرّ في هذا التفسير أنّ العامة لايعتقدون مرتبة متوسّطة بين مرتبة النبوّة ومرتبة آحاد أهل الإيمان من الرعيّة في العلم اللدنّي بالأحكام ، ولهذا ينكرون إمامة أئمّتنا عليهم‏السلامزعما منهم أنّهم كسائر آحاد الناس ، فإذا سمعوا منهم من غرائب العلم أمرا زعموا أنّهم عليهم‏السلاميدّعون النبوّة لأنفسهم».

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15782
صفحه از 868
پرینت  ارسال به