375
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَ تُلْحِقُ بِهِمْ أَرْوَاحَ أَشْبَاهِهِمْ مِنَ الْأَحْيَاءِ.
ثُمَّ أَخْرَجَ سَيْفاً، ثُمَّ قَالَ: هَا، إِنَّ هذَا مِنْهَا، قَالَ: فَقَالَ أَبِي: إِي وَ الَّذِي اصْطَفى مُحَمَّداً عَلَى الْبَشَرِ.
قَالَ: فَرَدَّ الرَّجُلُ اعْتِجَارَهُ، وَ قَالَ: أَنَا إِلْيَاسُ، مَا سَأَلْتُكَ عَنْ أَمْرِكَ وَ بِي مِنْهُ جَهَالَةٌ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ هذَا الْحَدِيثُ قُوَّةً لِأَصْحَابِكَ، وَ سَأُخْبِرُكَ بِآيَةٍ أَنْتَ تَعْرِفُهَا، إِنْ خَاصَمُوا بِهَا فَلَجُوا۱.

1.. فَلَجَ الرجل على خصمه ، إذا غلبه . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۳۵ فلج .
وفي الوافي ، ج ۲ ، ص ۳۸ : «وتقرير هذه الحجّة على ما يطابق عبارة الحديث مع مقدّماتها المطويّة ، أن يقال : قد ثبت أنَّ اللّه‏ سبحانه أنزل القرآن في ليلة القدر على رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، وأنّه كان تنزّل الملائكة والروح فيها من كلّ أمر ببيان وتأويل سنة فسنة، كما يدلّ عليه فعل المستقبل الدالّ على التجدّد في الاستقبال ، فنقول :
هل كان لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله طريق إلى العلم الذي يحتاج إليه الاُمّة سوى ما يأتيه من السماء من عند اللّه‏ سبحانه ، إِمّا في ليلة القدر ، أو في غيرها، أم لا ؟ والأوّل باطل ؛ لما أجمع عليه الاُمّة من أنّ علمه ليس إِلاّ من عند اللّه‏ سبحانه ، كما قال تعالى : «اِنْ هُوَ اِلاّ وَحْىٌ يُوحى» [النجم (۵۳) : ۴] ؛ فثبت الثاني .
ثمّ نقول : فهل يجوز أن لا يظهر هذا العلم الذي يحتاج إليه الاُمّة ، أم لابدّ من ظهوره لهم ؟ والأوّل باطل ؛ لأنّه يوحى إليه ليبلغ إليهم ويهديهم إلى اللّه‏ عزّوجلّ ؛ فثبت الثاني .
ثمّ نقول : فهل في ذلك العلم النازل من السماء من عند اللّه‏ جلّ وعلا إلى الرسول اختلافٌ ، بأن يحكم في أمر في زمان بحكم ، ثمّ يحكم في ذلك الأمر بعينه في ذلك الزمان بعينه بحكم آخر يخالفه ، أم لا ؟ والأوّل باطل ؛ لأنّ الحكم إنّما هو من عند اللّه‏ جلّ وعزّ ، وهو متعال عن ذلك ، كما قال : «وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاْفَا كَثيرا» [النساء (۴) : ۸۲] .
ثمّ نقول : فمن حكم بحكم فيه اختلاف ، كالذي يجتهد في الحكم الشرعي بتأويله المتشابه برأيه ، ثمّ ينقض ذلك الحكم راجعا عن ذلك الرأي لزعمه أنّه قد أخطأ فيه ، هل وافَقَ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في فعله ذلك وحكمه ، أم خالَفَه؟ والأوّل باطل ؛ لأنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لم يكن في حكمه اختلاف ؛ فثبت الثاني .
ثمّ نقول: فمن لم يكن في حكمه اختلاف، فهل له طريق إلى ذلك الحكم من غير جهة اللّه‏ سبحانه إمّا بواسطة أو بغير واسطة، ومن دون أن يعلم تأويل المتشابه الذي بسببه يقع الاختلاف أم لا ؟ والأوّل باطل ؛ فثبت الثاني .
ثمّ نقول: فهل يعلم تأويل المتشابه الذي بسببه يقع الاختلاف إلاّ اللّه‏ والراسخون في العلم الذين ليس في علمهم اختلاف، أم لا؟ والأوّل باطل؛ لأنّ اللّه‏ سبحانه يقول : «وَما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إلاّ اللّه‏ُ وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلِم»[آل عمران (۳) : ۷] .
ثمّ نقول : فرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الذي هو من الراسخين في العلم ، هل مات وذهب بعلمه ذلك ولم يبلّغ طريق علمه بالمتشابه إلى خليفته من بعده ، أم بلّغه ؟ والأوّل باطل ؛ لأنّه لو فعل ذلك فقد ضيّع مَن في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده ؛ فثبت الثاني .
ثمَّ نقول : فهل خليفته من بعده ، كسائر آحاد الناس يجوز عليه الخطأ والاختلاف في العلم ، أم هو مؤيّد من عند اللّه‏ ، يحكم بحكم رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بأن يأتيه ويحدّثه من غير وحي ورؤية، أو ما يجري مجرى ذلك ، وهو مثله إلاّ في النبوّة ؟ والأوّل باطل ؛ لعدم إغنائه حينئذٍ؛ لأنّ من يجوز عليه الخطأ لا يؤمن عليه الاختلاف في الحكم ، ويلزم التضييع من ذلك أيضا ؛ فثبت الثاني .
فلابدّ من خليفة بعد رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله راسِخ في العلم ، عالم بتأويل المتشابه ، مؤيّد من عند اللّه‏ ، لايجوز عليه الخطأ ولا الاختلاف في العلم ، يكون حجّة على العباد ؛ وهو المطلوب .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
374

قَالَ: أَمَّا جُمْلَةُ الْعِلْمِ، فَعِنْدَ اللّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ. وَأَمَّا مَا لاَ بُدَّ لِلْعِبَادِ مِنْهُ، فَعِنْدَ الْأَوْصِيَاءِ.
قَالَ: فَفَتَحَ الرَّجُلُ عَجِيرَتَهُ۱، وَاسْتَوى جَالِساً، وَتَهَلَّلَ وَجْهُهُ۲، وَقَالَ: هذِهِ أَرَدْتُ، وَلَهَا أَتَيْتُ، زَعَمْتَ أَنَّ عِلْمَ مَا لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ عِنْدَ الْأَوْصِيَاءِ؛ فَكَيْفَ يَعْلَمُونَهُ؟
قَالَ: كَمَا كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يَعْلَمُهُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لاَ يَرَوْنَ مَا كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يَرى ؛ لِأَنَّهُ كَانَ نَبِيّاً وَ هُمْ مُحَدَّثُونَ۳ ؛ وَ أَنَّهُ كَانَ يَفِدُ۴ إِلَى اللّهِ جَلَّ جَلاَلُهُ، فَيَسْمَعُ الْوَحْيَ، وَ هُمْ لاَ يَسْمَعُونَ.
فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، سَآتِيكَ بِمَسْأَلَةٍ صَعْبَةٍ: أَخْبِرْنِي عَنْ هذَا الْعِلْمِ، مَا لَهُ لاَ يَظْهَرُ كَمَا كَانَ يَظْهَرُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟
قَالَ: فَضَحِكَ أَبِي عليه‏السلام ۵، وَ قَالَ: أَبَى اللّهُ أَنْ يُطْلِعَ عَلى عِلْمِهِ إِلاَّ مُمْتَحَناً لِلاْءِيمَانِ بِهِ، كَمَا قَضى عَلى رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أَنْ يَصْبِرَ عَلى أَذى قَوْمِهِ، وَ لاَ يُجَاهِدَهُمْ إِلاَّ بِأَمْرِهِ، فَكَمْ مِنِ اكْتِتَامٍ قَدِ اكْتَتَمَ بِهِ حَتّى قِيلَ لَهُ: «فَاصْدَعْ۶ بِما تُؤمَرُ وَ أَعْرِضْ ۱ / ۲۴۴
عَنِ‏الْمُشْرِكِينَ»۷ وَ ايْمُ اللّهِ۸ أَنْ لَوْ صَدَعَ قَبْلَ ذلِكَ لَكَانَ آمِناً، وَ لكِنَّهُ إِنَّمَا نَظَرَ فِي الطَّاعَةِ وَ خَافَ الْخِلاَفَ، فَلِذلِكَ كَفَّ، فَوَدِدْتُ أَنَّ عَيْنَكَ تَكُونُ مَعَ مَهْدِيِّ هذِهِ الْأُمَّةِ، وَ الْمَلاَئِكَةُ بِسُيُوفِ آلِ دَاوُدَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ تُعَذِّبُ أَرْوَاحَ الْكَفَرَةِ مِنَ الْأَمْوَاتِ،

1.. في مرآة العقول، ج۳، ص۶۳ : «ففتح الرجل عجيرته ، أي اعتجاره ، أو طرف العمامة الذي اعتجر به» .

2.. «تهلّل وجْهُه» ، أي استنار وتلألأ فرحا وظهرت عليه أمارات السرور . النهاية ، ج ۵ ، ص ۲۷۲ هلل .

3.. في الوافي، ج۲، ص۳۷ : «محدّثون » يعني يحدّثهم الملك ولايرونه .

4.. يقال : وَفَد إليه وعليه يَفِد وَفْدا ، ووفودا ، ووِفادةً ، وإفادةً ، أي قَدِم وورد . القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۴۷۰ وفد .

5.. في المرآة ، ج۳، ص۶۳: «لعلّ ضحكه عليه‏السلام كان لهذا النوع من السؤال الذي ظاهرة الامتحان تجاهلاً ، مع علمه بأنه عارف بحاله ؛ أو لعدّه المسألة صعبة ، وليست عنده عليه‏السلام كذلك » .

6.. قوله تعالى : «فَاصْدَعْ» أي تكلّم به جهارا ، يقال : صدعتُ الشيءَ ، أي أظهرته وبيّنته ، وصدعتُ بالحقِّ ، أي تكلّمتُ به جهارا . راجع : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۱۴۴۲ صدع.

7.. الحجر ۱۵ : ۹۴ .

8.. راجع: ح ۵۴۴ الهامش ۲.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 19263
صفحه از 868
پرینت  ارسال به