349
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

ثُمَّ انْدَفَعَ۱ فِيهِ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، فَلاَ وَ اللّهِ، مَا رَأَيْنَا قَسّاً۲ وَ لاَ جَاثَلِيقاً۳ أَفْصَحَ لَهْجَةً۴ مِنْهُ بِهِ.
ثُمَّ فَسَّرَهُ لَنَا بِالْعَرَبِيَّةِ، فَقَالَ: «كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِي وَ قَدْ أَظْمَأْتُ۵ لَكَ هَوَاجِرِي۶؟ أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِي وَ قَدْ عَفَّرْتُ لَكَ فِي التُّرَابِ وَجْهِي۷؟ أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِي وَ قَدِ اجْتَنَبْتُ لَكَ الْمَعَاصِيَ؟ أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِي وَ قَدْ أَسْهَرْتُ لَكَ لَيْلِي».
قَالَ: «فَأَوْحَى اللّهُ إِلَيْهِ: أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ؛ فَإِنِّي غَيْرُ مُعَذِّبِكَ».
قَالَ: «فَقَالَ: إِنْ قُلْتَ: لاَ أُعَذِّبُكَ ثُمَّ عَذَّبْتَنِي مَا ذَا؟ أَ لَسْتُ عَبْدَكَ وَ أَنْتَ رَبِّي؟».
قَالَ: «فَأَوْحَى اللّهُ إِلَيْهِ: أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ؛ فَإِنِّي غَيْرُ مُعَذِّبِكَ؛ إِنِّي إِذَا وَعَدْتُ وَعْداً وَفَيْتُ بِهِ».

1.. «اندفع» ، أي أفاض ، وأسرع . يقال : اندفع في الحديث : أفاض ، واندفع الفرس : أسرع في سيره، أو ابتدأ بها وشرع، من دفع من كذا ، أي ابتدأ السير ، فكأنّه دفع نفسه من تلك المقالة وابتدأ بالسريانيّة . راجع: النهاية ، ج ۲ ، ص ۱۲۴؛ القاموس المحيط ، ج ۲، ص ۹۶۱ دفع ؛ شرح المازندراني ، ج ۵، ص ۳۵۹.

2.. «القَسُّ»: رئيس من رؤساء النصارى في الدين والعلم، وكذلك القِسّيس ، والجاثليق يكون فوقه . الوافي ، ج ۳ ، ص ۵۵۹ ؛ الصحاح ، ج ۳ ، ص ۹۶۳ قسس .

3.. «الجاثَليق» : رئيس للنصارى في بلاد الإسلام بمدينة السلام، ويكون تحت يد بِطْرِيقِ أنطاكيةَ ، ثمّ المَطْران تحت يده، ثمّ الأُسْقُفُّ يكون في كلّ بلد من تحت المَطْران ، ثمّ القِسّيسُ ، ثمّ الشَمّاس . قال الفيض : الجاثليق يطلق على قاضيهم . راجع: الوافي ، ج ۳، ص ۵۵۹؛ القاموس المحيط ، ج ۲، ص ۱۱۵۸ جاثليق .

4.. «اللَهْجَةُ» : طَرَف اللسان، ويقال: جَرْس الكلام ، ويقال: فصيح اللَهْجَة واللَهَجَة ، وهي لغته التي جُبِل عليها فاعتادها ونشأ عليها . ترتيب كتاب العين ، ج ۳، ص ۱۶۵۷ لهج .

5.. «أَظْمَأْتُ» ، أي أعطشتُ ، من الظَمَأ بمعنى العطش ، أو شدّ العطش . راجع: لسان العرب ، ج ۱، ص ۱۱۶ ظمأ .

6.. في القاموس المحيط ، ج ۱، ص ۶۸۶ : «الهَواجِر» : جمعُ الهاجرة ، وهي نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر ، أو من عند زوالها إلى العصر؛ لأنّ الناس يستكنّون في بيوتهم كأنّهم قد تهاجروا؛ وشدّةُ الحرّ . وقال المجلسي في مرآة العقول : «ونسبة الإظماء إلى الهواجر على الإسناد المجازي، كقولهم: صام نهاره. أو المفعول مقدّر ، أي أظمأت نفسي وهواجري. والأوّل أظهر. وكذا القول في نسبة الإسهار إلى الليل».

7.. «عَفّرْت لك في التراب وجهي» ، أي مرّغتُه وقلّبته فيه، يقال : عفره في التراب يَعْفِرُهُ عَفْرا ، وعَفَّرَه تعفيرا ، أي مرّغه، والعَفَر : التراب. راجع: الصحاح ، ج ۲، ص ۷۵۱ عفر .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
348

جَعْفَرٍ عليه‏السلام، فَحَكى لَهُ هِشَامٌ الْحِكَايَةَ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه‏السلام لِبُرَيْهٍ: «يَا بُرَيْهُ، كَيْفَ عِلْمُكَ بِكِتَابِكَ؟»، قَالَ: أَنَا بِهِ عَالِمٌ۱، ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ ثِقَتُكَ بِتَأْوِيلِهِ؟» قَالَ: مَا أَوْثَقَنِي۲ بِعِلْمِي فِيهِ! قَالَ: فَابْتَدَأَ أَبُو الْحَسَنِ عليه‏السلام يَقْرَأُ الاْءِنْجِيلَ، فَقَالَ بُرَيْهٌ: إِيَّاكَ كُنْتُ أَطْلُبُ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ مِثْلَكَ.
قَالَ: فَآمَنَ بُرَيْهٌ، وَحَسُنَ إِيمَانُهُ، وَآمَنَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ، فَدَخَلَ هِشَامٌ وَبُرَيْهٌ وَالْمَرْأَةُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، فَحَكَى لَهُ هِشَامٌ الْكَلاَمَ الَّذِي جَرى بَيْنَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليه‏السلام وَبَيْنَ بُرَيْهٍ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام«: «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»۳».
فَقَالَ بُرَيْهٌ: أَنّى لَكُمُ التَّوْرَاةُ وَالاْءِنْجِيلُ وَكُتُبُ الْأَنْبِيَاءِ؟
قَالَ: «هِيَ عِنْدَنَا وِرَاثَةً مِنْ عِنْدِهِمْ، نَقْرَؤُهَا كَمَا قَرَؤُوهَا، وَنَقُولُهَا كَمَا قَالُوا؛ إِنَّ اللّهَ لاَ يَجْعَلُ حُجَّةً فِي أَرْضِهِ يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ، فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي».

۶۰۹.۲. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:
أَتَيْنَا بَابَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام وَ نَحْنُ نُرِيدُ الاْءِذْنَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ لَيْسَ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَتَوَهَّمْنَا أَنَّهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، ثُمَّ بَكى فَبَكَيْنَا لِبُكَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا الْغُلاَمُ، فَأَذِنَ لَنَا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللّهُ، أَتَيْنَاكَ نُرِيدُ الاْءِذْنَ عَلَيْكَ، فَسَمِعْنَاكَ تَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ لَيْسَ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَتَوَهَّمْنَا أَنَّهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، ثُمَّ بَكَيْتَ فَبَكَيْنَا لِبُكَائِكَ.
۱ / ۲۲۸
فَقَالَ: «نَعَمْ، ذَكَرْتُ إِلْيَاسَ النَّبِيَّ، وَ كَانَ مِنْ عُبَّادِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقُلْتُ كَمَا كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ».

1.. تقديم الظرف لإفادة الحصر الداّل على كمال العلم . مرآة العقول ، ج ۳ ، ص ۲۷ .

2.. «ما أوثقني» : صيغة تعجّب ، مثل: ما أحسن زيدا ، أي أنا واثق وثوقا تامّا بما أعرف من تأويله. راجع: شرح المازندراني ، ج ۵، ص ۳۵۸؛ مرآة العقول ، ج ۳، ص ۲۷.

3.. آل عمران ۳ : ۳۴.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16697
صفحه از 868
پرینت  ارسال به