وَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اخْتَارَهُ اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ لِأُمُورِ عِبَادِهِ، شَرَحَ صَدْرَهُ۱ لِذلِكَ، وَ أَوْدَعَ قَلْبَهُ يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ، وَ أَلْهَمَهُ الْعِلْمَ إِلْهَاماً؛ فَلَمْ يَعْيَ۲ بَعْدَهُ بِجَوَابٍ، وَ لاَ تَحَيَّزَ ۱ / ۲۰۳
فِيهِ عَنِ الصَّوَابِ؛ فَهُوَ مَعْصُومٌ مُؤيَّدٌ، مُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ۳، قَدْ أَمِنَ مِنَ الْخَطَأِ وَ الزَّلَلِ وَ الْعِثَارِ۴، يَخُصُّهُ اللّهُ بِذلِكَ لِيَكُونَ حُجَّتَهُ عَلى عِبَادِهِ، وَ شَاهِدَهُ عَلى خَلْقِهِ، وَ«ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»۵.
فَهَلْ يَقْدِرُونَ عَلى مِثْلِ هذَا فَيَخْتَارُونَهُ ؟ أَوْ يَكُونُ مُخْتَارُهُمْ بِهذِهِ الصِّفَةِ فَيُقَدِّمُونَهُ؟ تَعَدَّوْا ـ وَ بَيْتِ اللّهِ ـ الْحَقَّ، وَ نَبَذُوا كِتَابَ اللّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ، وَ فِي كِتَابِ اللّهِ الْهُدى وَ الشِّفَاءُ، فَنَبَذُوهُ وَ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ، فَذَمَّهُمُ اللّهُ وَ مَقَّتَهُمْ۶ وَ أَتْعَسَهُمْ۷، فَقَالَ جَلَّ وَ تَعَالى: «وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَلهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّلِمِينَ»۸ وَ قَالَ: «فَتَعْسًا لَّهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمَلَهُمْ»۹ وَ قَالَ: «كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَ عِندَ الَّذِينَ ءَامَنُوا كَذ لِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ»۱۰ وَ صَلَّى اللّهُ عَلَى النَّبِيِّ
1.. «شرح صدره»، أي وسّعه لقبول الحقّ . اُنظر : المصباح المنير ، ج ۳۰۸ شرح .
2.. «فلم يَعْيَ» ، أي لم يعجز ، من العيّ بمعنى العجز وعدم الاهتداء لوجه المراد. أو لم يجهل، من العيّ أيضا بمعنى الجهل وعدم البيان. اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۱۱ .
3.. «مسدّد» : من التسديد بمعنى التوفيق للسداد ، وهو الصواب والقصد من القول والعمل، ورجل مُسَدَّد ، إذا كان يعمل بالسداد والقصد. اُنظر : الصحاح ، ج ۲، ص ۴۸۵ سدد.
4.. «العثار»: السقوط، يقال: عثر الرجل يعثر عُثورا ، وعثر الفرس عِثارا ، إذا أصاب قوائمه شيء فيُصرَع، أي يسقط. ويقال للزلّة : عَثْرَة؛ لأنّها سقوط في الاسم. اُنظر : ترتيب كتاب العين ، ج ۲، ص ۱۱۳۸ عثر .
5.. الحديد ۵۷ : ۲۱ ؛ الجمعة (۶۲) : ۴ .
6.. مَقَتَةُ مَقْتا ومَقَاتَةً : أبغضه، كمقّته ، فهو مَقيت ومَمْقوت . القاموس المحيط ، ج ۱، ص ۲۵۸ مقت .
7.. «أتْعَسَهُمْ» أي أهلكهم ، من التَعْس بمعنى الهلاك ، وأصله الكبّ ، وهو ضدّ الانتعاش بمعنى الانتهاض ، يقال: تَعْسا لفلان ، أي ألزمه اللّه هلاكا . اُنظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۹۱۰ تعس .
8.. القصص ۲۸ : ۵۰.
9.. محمّد ۴۷ : ۸ .
10.. غافر ۴۰ : ۳۵.