305
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

الْخَلِيلُ عليه‏السلام سُرُوراً بِهَا۱: «وَ مِن ذُرِّيَّتِى» قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالى: «لاَ يَنَالُ عَهْدِى الظَّلِمِينَ»۲ فَأَبْطَلَتْ هذِهِ الاْيَةُ إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ صَارَتْ فِي الصَّفْوَةِ۳.
ثُمَّ أَكْرَمَهُ اللّهُ تَعَالى بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِهِ أَهْلِ الصَّفْوَةِ وَ الطَّهَارَةِ، فَقَالَ: «وَ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَ يَعْقُوبَ نَافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنَا صَلِحِينَ وَ جَعَلْنَهُمْ أَلءِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَ تِ وَ إِقَامَ الصَّلَوةِ وَ إِيتَآءَ الزَّكَوةِ وَ كَانُوا لَنَا عَبِدِينَ»۴.
فَلَمْ تَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ، يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ قَرْناً۵ فَقَرْناً حَتّى وَرَّثَهَا اللّهُ تَعَالَى النَّبِيَّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَقَالَ جَلَّ وَ تَعَالى: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ ۱ / ۲۰۰
ءَامَنُوا وَاللَّهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ»۶ فَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً، فَقَلَّدَهَا۷ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عَلِيّاً عليه‏السلام بِأَمْرِ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلى رَسْمِ۸ مَا فَرَضَ اللّهُ، فَصَارَتْ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْأَصْفِيَاءِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللّهُ الْعِلْمَ وَ الاْءِيمَانَ بِقَوْلِهِ تَعَالى: «وَ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الاْءِيمَنَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَبِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ»۹ فَهِيَ فِي وُلْدِ عَلِيٍّ عليه‏السلام خَاصَّةً إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؛ إِذْ لاَ نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَمِنْ أَيْنَ يَخْتَارُ هؤلاَءِ الْجُهَّالُ؟
إِنَّ الاْءِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَ إِرْثُ۱۰ الْأَوْصِيَاءِ، إِنَّ الاْءِمَامَةَ خِلاَفَةُ اللّهِ وَ خِلاَفَةُ الرَّسُولِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وَ مَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليه‏السلام، وَ مِيرَاثُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليهماالسلام.

1.. في مرآة العقول : «سرورا بها، مفعول له لقال».

2.. البقرة ۲ : ۱۲۴.

3.. في مرآة العقول، ج۲، ص۳۸۰ : «الصفوة ، مثلّثة ، أي أهل الطهارة والعصمة ، من صفا الجوّ إذا لم يكن فيه غيم ، أو أهل الاصطفاء والاختيار الذين اختارهم اللّه‏ من بين عباده لذلك؛ لعصمتهم وفضلهم وشرفهم» . وانظر : القاموس المحيط ، ج ۲، ص ۱۷۰۸ صفو.

4.. الأنبياء ۲۱: ۷۲ ـ ۷۳.

5.. راجع في تفسيره ما تقدّم ذيل ح ۵۰۰.

6.. آل عمران ۳ : ۶۸.

7.. يقال : قلّدتُها قِلادةً ، أي جعلتها في عنقها ، ومنه تقليد الولاة الأعمال . القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۴۵۲ قلد.

8.. في مرآة العقول، ج۲، ص۳۸۱ : «الرسم: السنّة والطريقة».

9.. الروم ۳۰ : ۵۶.

10.. «الإرث»: مصدر ، وأصله الوِرْث ، فقُلبت الواو همزةً . وكثيرا مايطلق على الشيء الموروث ، كما في هذا المقام. اُنظر : لسان العرب ، ج ۲، ص ۱۱۱ ـ ۱۱۲ أرث ؛ مرآة العقول ، ج ۲ ، ص ۳۸۳.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
304

۱ / ۱۹۹
فَأَدَارُوا أَمْرَ الاْءِمَامَةِ، وَ ذَكَرُوا كَثْرَةَ اخْتِلاَفِ النَّاسِ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلى سَيِّدِي عليه‏السلام، فَأَعْلَمْتُهُ خَوْضَ النَّاسِ فِيهِ، فَتَبَسَّمَ عليه‏السلام، ثُمَّ قَالَ:
«يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ، جَهِلَ الْقَوْمُ، وَ خُدِعُوا عَنْ آرَائِهِمْ؛ إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّهُ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حَتّى أَكْمَلَ لَهُ الدِّينَ، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ، بَيَّنَ فِيهِ الْحَلاَلَ وَ الْحَرَامَ، وَ الْحُدُودَ وَ الْأَحْكَامَ، وَ جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ كَمَلاً۱، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: «مَا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَبِ مِن شَىْ‏ءٍ»۲ وَ أَنْزَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ـ وَ هِيَ آخِرُ عُمُرِهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ـ: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الاْءِسْلَمَ دِينًا»۳ وَ أَمْرُ الاْءِمَامَةِ مِنْ تَمَامِ الدِّينِ، وَ لَمْ يَمْضِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حَتّى بَيَّنَ لِأُمَّتِهِ مَعَالِمَ دِينِهِمْ، وَ أَوْضَحَ لَهُمْ سَبِيلَهُمْ، وَ تَرَكَهُمْ عَلى قَصْدِ۴ سَبِيلِ الْحَقِّ، وَ أَقَامَ لَهُمْ عَلِيّاً عليه‏السلام عَلَماً وَ إِمَاماً، وَ مَا تَرَكَ شَيْئاً يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ إِلاَّ بَيَّنَهُ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ لَمْ يُكْمِلْ دِينَهُ، فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ اللّهِ، وَ مَنْ رَدَّ كِتَابَ اللّهِ، فَهُوَ كَافِرٌ بِهِ.
هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الاْءِمَامَةِ وَ مَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ؛ فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ؟ إِنَّ الاْءِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً، وَ أَعْظَمُ شَأْناً، وَ أَعْلى مَكَاناً، وَ أَمْنَعُ جَانِباً، وَ أَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ، أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ، أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ.
إِنَّ الاْءِمَامَةَ خَصَّ اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ بِهَا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عليه‏السلام بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَ الْخُلَّةِ مَرْتَبَةً ثَالِثَةً، وَ فَضِيلَةً شَرَّفَهُ بِهَا، وَ أَشَادَ بِهَا۵ ذِكْرَهُ، فَقَالَ: «إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا»فَقَالَ

1.. «الكمال» : التمام . وفيه ثلاث لغات : كَمَلٌ ، كَمُلٌ ، كَمِلٌ . والكسر أردؤها . ويقال: أعطه هذا المال كملاً ، أي كلّه. الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۱۳ كمل.

2.. الأنعام ۶: ۳۸.

3.. المائدة ۵ : ۳.

4.. في مرآة العقول ، ج ۲ ، ص ۳۷۹: «القصد : الوسط بين الطرفين. وإضافته إلى السبيل وإضافة السبيل إلى الحقّ بيانيّتان، وتحتملان اللاميّة».

5.. يقال : أشاده وأشاد به، إذا أشاعه ورفع ذكره، من أشَدْتُ البُنيان فهو مُشادٍ ، و شيّدته إذا طوّلته، فاستعير لرفع صوتك بما يكرهه صاحبك . النهاية ، ج ۲ ، ص ۵۱۷ شيد.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17021
صفحه از 868
پرینت  ارسال به