31
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

دَهْرِنَا هذَا، وَفِي غَابِرِهِ۱ إِلَى انْقِضَاءِ الدُّنْيَا ؛ إِذِ الرَّبُّ ـ عَزَّوَجَلَّ ـ وَاحِدٌ، وَالرَّسُولُ مُحَمَّدٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ـ صَلَوَاتُ اللّه‏ِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ـ وَاحِدٌ، وَالشَّرِيعَةُ وَاحِدةٌ، وَحَلاَلُ مُحَمَّدٍ حَلاَلٌ، وَحَرَامُهُ حَرَامٌ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَوَسَّعْنَا قَلِيلاً كِتَابَ الْحُجَّةِ وَإِنْ لَمْ نُكَمِّلْهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ ؛ لِأَنَّا كَرِهْنَا أَنْ نَبْخَسَ حُظُوظَهُ كُلَّهَا.

وَأَرْجُو أَنْ يُسَهِّلَ اللّه‏ُ ـ عَزَّوَجَلَّ ـ إِمْضَاءَ مَا قَدَّمْنَا مِنَ النِّيَّةِ، إِنْ تَأَخَّرَ الْأَجَلُ صَنَّفْنَا كِتَابا أَوْسَعَ وَأَكْمَلَ مِنْهُ، نُوَفِّيهِ حُقُوقَهُ كُلَّهَا إِنْ شَاءَ اللّه‏ُ تَعَالى، وَبِهِ الْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ، وَإِلَيْهِ الرَّغْبَةُ فِي الزِّيَادَةِ فِي الْمَعُونَةِ وَالتَّوْفِيقِ. وَالصَّلاَةُ عَلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ.

وَأَوَّلُ مَا أَبْتَدِئُ بِهِ وَأَفْتَتِحُ بِهِ كِتَابِي هذَا كِتَابُ الْعَقْلِ وَفَضَائِلِ الْعِلْمِ، وَارْتِفَاعِ دَرَجَةِ أَهْلِهِ، وَعُلُوِّ قَدْرِهِمْ، وَنَقْصِ الْجَهْلِ، وَخَسَاسَةِ أَهْلِهِ، وَسُقُوطِ مَنْزِلَتِهِمْ ؛ إِذْ كَانَ الْعَقْلُ هُوَ الْقُطْبَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَدَارُ۲، وَبِهِ يُحْتَجُّ، وَلَهُ الثَّوَابُ، وَعَليْهِ الْعِقَابُ، وَاللّه‏ُ المُوَفِّقُ.

1.. «الغابر : الماضي والمستقبل ، وهو من الأضداد ، والمراد هنا الثاني» . كذا في شرح المازندراني ، ج۱ ، ص۶۴ . وراجع : الصحاح ، ج۲ ، ص۷۶۵ ؛ النهاية ، ج۳ ، ص۳۳۷ غبر .

2.. قال صدر المتألّهين في شرحه ، ج۱ ، ص۲۱۲ : «عليه المدار في الحركات الفكريّة والأنظار العقليّة ، و هو أصل القوى المدركة والمحرّكة ، وهو المركز الذي يرجع إليه المدارك والحواسّ ، والنور الذي به يهتدي في ظلمات برّ الدنيا و بحر الآخرة». وقال العلاّمة المازندراني في شرحه ، ج۱ ، ص۶۶ : «أي مدار التكليف والحكم بين الحقّ والباطل من الأفكار ، وبين الصحيح والسقيم من الأنظار ، وسائر القوى تابعة له ، منقادة لأمره ونهيه ، وهو الحاكم على جميعها». وللمزيد راجع : الرواشح ، ص۶۹ ـ ۷۰.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
30

وَأَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ اخْتِلاَفَ الرِّوايَةِ فِيهَا لاِخْتِلاَفِ عِلَلِهَا وَأَسْبَابِهَا، وَأَنَّكَ لاَ تَجِدُ بِحَضْرَتِكَ مَنْ تُذَاكِرُهُ وَتُفَاوِضُهُ مِمَّنْ تَثِقُ بِعِلْمِهِ فِيهَا.

وَقُلْتَ: إِنَّكَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ عِندَكَ كِتَابٌ كَافٍ يُجْمَعُ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ فُنُونِ عِلْمِ الدِّينِ، مَايَكْتَفِي بِهِ الْمُتَعَلِّمُ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ الْمُسْتَرْشِدُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَنْ يُرِيدُ عِلْمَ الدِّينِ وَالْعَمَلَ بِهِ بِالاْثارِ الصَّحِيحَةِ عَنِ الصَّادِقِينَ عليهم‏السلام وَالسُّنَنِ الْقَائِمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْعَمَلُ، وَبِهَا يُؤَدَّى فَرْضُ اللّه‏ِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَسُنَّةُ نَبيِّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

وَقُلْتَ: لَوْ كَانَ ذلِكَ، رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ ذلِكَ سَبَبا يَتَدَارَكُ اللّه‏ُ تَعَالى بِمَعُونَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ إِخْوَانَنَا وَأَهْلَ مِلَّتِنَا، وَيُقْبِلُ بِهِمْ إِلى مَرَاشِدِهِمْ۱.

فَاعْلَمْ يَا أَخِي ـ أَرْشَدَكَ اللّه‏ُ ـ أَنَّهُ لاَ يَسَعُ أَحَدا تَمْيِيزُ شَيْءٍ مِمَّا اخْتَلفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنِ الْعُلَمَاءِ عليهم‏السلام بِرَأْيِهِ، إِلاَّ عَلى مَا أَطْلَقَهُ الْعَالِمُ عليه‏السلام بِقَوْلِهِ: «اِعْرِضُوهَا عَلى كِتَابِ اللّه‏ِ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللّه‏ِ ـ عَزَّوَجَلَّ ـ فَخُذُوهُ، وَمَا خَالَفَ كِتَابَ اللّه‏ِ فرُدُّوهُ».

وَقَوْلِهِ عليه‏السلام: «دَعُوا مَا وَافَقَ القَوْمَ ؛ فَإِنَّ الرُّشْدَ فِي خِلاَفِهِمْ».

۱ / ۹

وَقَوْلِهِ عليه‏السلام: «خُذُوا بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لاَرَيْبَ فِيهِ».

وَنَحْنُ لاَ نَعْرِفُ مِنْ جَمِيعِ ذلِكَ إِلاَّ أَقَلَّهُ، وَلاَ نَجِدُ شَيْئا أَحْوَطَ وَلاَ أَوْسَعَ مِنْ رَدِّ عِلْمِ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى الْعَالِمِ عليه‏السلام، وَقَبُولِ مَا وَسَّعَ مِنَ الْأَمْرِ فِيهِ بِقَوْلِهِ عليه‏السلام: «بِأَيِّمَا أَخَذْتُمْ مِنْ بَابِ التَّسْلِيمِ وَسِعَكُمْ».

وَقَدْ يَسَّرَ اللّه‏ُ ـ وَلَه الْحَمْدُ ـ تَأْلِيفَ مَا سَأَلْتَ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تَوَخَّيْتَ۲، فَمَهْمَا كَانَ فِيهِ مِنْ تَقْصِيرٍ فَلَمْ تُقَصِّرْ نِيَّتُنَا فِي إِهْدَاءِ النَّصِيحَةِ ؛ إِذْ كَانَتْ وَاجِبَةً لاِءِخْوَانِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا، مَعَ مَا رَجَوْنَا أَنْ نَكُونَ مُشَارِكِينَ لِكُلِّ مَنِ اقْتَبَسَ مِنْهُ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ فِي

1.. «المراشد» : جمع ليس له واحد من لفظه ، وهي المقاصد . لسان العرب ، ج۳ ، ص۱۷۶ رشد .

2.. توخّيتُ الأمرَ : قصدت إليه وتعمّدت فعله وتحرّيت فيه . راجع : الصحاح ، ج۶ ، ص۲۵۲۱ ؛ النهاية ، ج۵ ، ص۱۶۴ ـ ۱۶۵ وخا .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16661
صفحه از 868
پرینت  ارسال به