263
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

يَتَشَتَّتُوا، أَوْ يَخْتَلِفُوا، يَتَأَلَّفُهُمْ، وَ يُقِيمُ أَوَدَهُمْ۱، وَ يُخْبِرُهُمْ بِفَرْضِ رَبِّهِمْ، قَالَ: فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، قَالَ هِشَامٌ: فَبَعْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مَنْ؟ قَالَ: الْكِتَابُ وَ السُّنَّةُ، قَالَ هِشَامٌ: فَهَلْ نَفَعَنَا الْيَوْمَ الْكِتَابُ وَ السُّنَّةُ فِي رَفْعِ الاِخْتِلاَفِ عَنَّا؟ قَالَ الشَّامِيُّ: نَعَمْ، قَالَ: فَلِمَ اخْتَلَفْنَا أَنَا وَ أَنْتَ، وَ صِرْتَ إِلَيْنَا مِنَ الشَّامِ فِي مُخَالَفَتِنَا إِيَّاكَ؟
قَالَ: فَسَكَتَ الشَّامِيُّ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام لِلشَّامِيِّ: «مَا لَكَ لاَ تَتَكَلَّمُ؟» قَالَ الشَّامِيُّ: إِنْ قُلْتُ: لَمْ نَخْتَلِفْ، كَذَبْتُ؛ وَإِنْ قُلْتُ: إِنَّ الْكِتَابَ وَ السُّنَّةَ يَرْفَعَانِ عَنَّا الاِخْتِلاَفَ، أَبْطَلْتُ۲؛ لِأَنَّهُمَا يَحْتَمِلاَنِ الْوُجُوهَ؛ وَ إِنْ قُلْتُ: قَدِ اخْتَلَفْنَا وَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَدَّعِي الْحَقَّ، فَلَمْ يَنْفَعْنَا إِذَنِ الْكِتَابُ وَ السُّنَّةُ إِلاَّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ هذِهِ الْحُجَّةَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «سَلْهُ تَجِدْهُ مَلِيّاً».۳
فَقَالَ الشَّامِيُّ: يَا هذَا، مَنْ أَنْظَرُ لِلْخَلْقِ؟ أَ رَبُّهُمْ أَوْ أَنْفُسُهُمْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ: رَبُّهُمْ أَنْظَرُ لَهُمْ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ الشَّامِيُّ: فَهَلْ أَقَامَ لَهُمْ مَنْ يَجْمَعُ لَهُمْ كَلِمَتَهُمْ، وَ يُقِيمُ أَوَدَهُمْ، وَ يُخْبِرُهُمْ بِحَقِّهِمْ مِنْ بَاطِلِهِمْ؟ قَالَ هِشَامٌ: فِي وَقْتِ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أَوِ السَّاعَةِ؟ ۱ / ۱۷۳
قَالَ الشَّامِيُّ: فِي وَقْتِ رَسُولِ اللّهِ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وَ السَّاعَةِ مَنْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ: هذَا الْقَاعِدُ الَّذِي تُشَدُّ إِلَيْهِ الرِّحَالُ، وَ يُخْبِرُنَا بِأَخْبَارِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وِرَاثَةً عَنْ أَبٍ عَنْ جَدٍّ.
قَالَ الشَّامِيُّ: فَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ ذلِكَ ؟ قَالَ هِشَامٌ: سَلْهُ عَمَّا بَدَا لَكَ، قَالَ الشَّامِيُّ: قَطَعْتَ عُذْرِي فَعَلَيَّ السُّؤالُ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «يَا شَامِيُّ، أُخْبِرُكَ كَيْفَ كَانَ سَفَرُكَ، وَ كَيْفَ كَانَ طَرِيقُكَ، كَانَ كَذَا وَ كَانَ كَذَا».
فَأَقْبَلَ الشَّامِيُّ يَقُولُ: صَدَقْتَ، أَسْلَمْتُ لِلّهِ السَّاعَةَ.

1.. «الأوَد» : الاعوجاج. يقال: أوِدَ الشيء يأود أوَدا ، أي اعوجّ . الصحاح ، ج ۲، ص ۴۴۲ أود.

2.. «أبطلتُ»، أي أتيتُ بالباطل . يقال: أبطل ، إذا جاء بالباطل . اُنظر : النهاية ، ج ۱، ص ۱۳۶ بطل .

3.. في شرح المازندراني، ج۵، ص۱۲۱ : «المليء، بالهمزة : الغنيّ المقتدر ، وقد يترك الهمزة ويشدّ الياء، أي تجده غنيّا مقتدرا على المناظرة» . وانظر : النهاية ، ج۴ ، ص ۳۵۲ ملأ ؛ مرآة العقول ، ج ۲ ، ص ۲۷۲.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
262

فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِنَا الْمَجْلِسُ ـ وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام قَبْلَ الْحَجِّ يَسْتَقِرُّ أَيَّاماً فِي جَبَلٍ فِي طَرَفِ الْحَرَمِ فِي فَازَةٍ۱ لَهُ مَضْرُوبَةٍ ـ قَالَ: فَأَخْرَجَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام رَأْسَهُ مِنْ فَازَتِهِ، فَإِذَا هُوَ بِبَعِيرٍ يَخُبُّ۲، فَقَالَ: «هِشَامٌ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ». قَالَ: فَظَنَنَّا أَنَّ هِشَاماً رَجُلٌ مِنْ ۱ / ۱۷۲
وُلْدِ عَقِيلٍ كَانَ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لَهُ، قَالَ: فَوَرَدَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَوَّلَ مَا اخْتَطَّتْ لِحْيَتُهُ۳، وَ لَيْسَ فِينَا إِلاَّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ سِنّاً مِنْهُ، قَالَ: فَوَسَّعَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام وَ قَالَ: «نَاصِرُنَا بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ».
ثُمَّ قَالَ: «يَا حُمْرَانُ، كَلِّمِ الرَّجُلَ». فَكَلَّمَهُ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ.
ثُمَّ قَالَ: «يَا طَاقِيُّ، كَلِّمْهُ». فَكَلَّمَهُ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْأَحْوَلُ.
ثُمَّ قَالَ: «يَا هِشَامَ بْنَ سَالِمٍ، كَلِّمْهُ». فَتَعَارَفَا.۴
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام لِقَيْسٍ الْمَاصِرِ: «كَلِّمْهُ». فَكَلَّمَهُ، فَأَقْبَلَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام يَضْحَكُ مِنْ كَلاَمِهِمَا مِمَّا قَدْ أَصَابَ الشَّامِيَّ، فَقَالَ لِلشَّامِيِّ: «كَلِّمْ هذَا الْغُلاَمَ» يَعْنِي هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لِهِشَامٍ: يَا غُلاَمُ، سَلْنِي فِي إِمَامَةِ هذَا، فَغَضِبَ هِشَامٌ حَتَّى ارْتَعَدَ۵، ثُمَّ قَالَ لِلشَّامِيِّ: يَا هذَا، أَرَبُّكَ أَنْظَرُ۶ لِخَلْقِهِ أَمْ خَلْقُهُ لِأَنْفُسِهِمْ؟ فَقَالَ الشَّامِيُّ: بَلْ رَبِّي أَنْظَرُ لِخَلْقِهِ، قَالَ: فَفَعَلَ بِنَظَرِهِ لَهُمْ مَا ذَا؟ قَالَ: أَقَامَ لَهُمْ حُجَّةً وَ دَلِيلاً كَيْلاَ

1.. «الفازة»: مِظَلَّة تمدّ بعمود أو عمودين، أي الخيمة . اُنظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۸۹۱ .

2.. «يخبّ» من الخبب ، وهو ضرب من العَدْو ، تقول : خَبّ الفرس يَخُبُّ خبّا وخَبَبا وخبيبا ، إذا راوح بين يديه ورجليه، أي قام على إحداهما مرّة وعلى الاُخرى مرّة . اُنظر : الصحاح ، ج ۱، ص ۱۱۷ خبب.

3.. «اختطّت لحيتُه»، أي نبتت . يقال: اختطّ الغلام، أي نبت عِذاره . اُنظر : الصحاح، ج ۳، ص ۱۱۲۳ خطط .

4.. قوله : «فتعارفا» ، أي تكلّما بما عرف كلّ منهما صاحبه وكلامه بلا غلبة لأحدهما على الآخر. اُنظر : مرآة العقول، ج ۲ ، ص ۲۷۱.

5.. «ارتعد»، أي اضطرب . يقال: أرعده فارتعد . الصحاح ، ج ۲، ص ۴۷۵ رعد.

6.. «أنظر»، أي أرحم وأعطف وأحفظ ؛ من النظر بمعنى الرحمة والعطف والحفظ . اُنظر : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۲۱۸ نظر.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18787
صفحه از 868
پرینت  ارسال به