25
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَصَبَرَ لِرَبِّهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى النَّجَاةِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الذِّكْرِ، ۱ / ۴

وَدَلَّهُمْ عَلى سَبِيلِ الْهُدى مِنْ بَعْدِهِ، بِمَنَاهِجَ وَدَوَاعٍ أَسَّسَ لِلْعِبَادِ أَسَاسَهَا، وَمَنَائِرَ رَفَعَ لَهُمْ أَعْلاَمَهَا ؛ لِكَيْ لاَ يَضِلُّوا مِنْ بَعدِهِ، وَكَانَ بِهِمْ رَؤُوفا رَحِيما.

فَلَمَّا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ، وَاستُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ، تَوَفَّاهُ اللّه‏ُ وَقَبَضَهُ إِلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَ اللّه‏ِ مَرْضِيٌّ عَمَلُهُ، وَافِرٌ حَظُّهُ، عَظِيمٌ خَطَرُهُ. فَمَضى صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وَخَلَّفَ فِي أُمَّتِهِ كِتَابَ اللّه‏ِ، وَوَصِيَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ صَلَوَاتُ اللّه‏ِ عَلَيْهِ، صَاحِبَيْنِ مُؤْتَلِفَيْنِ، يَشْهَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِالتَّصْدِيقِ. يَنْطِقُ الاْءِمَامُ عَنِ اللّه‏ِ فِي الْكِتَابِ بمَا أَوْجَبَ اللّه‏ُ فِيهِ عَلَى الْعِبادِ مِنْ طَاعَتِهِ، وطَاعَةِ الإِمَامِ وَوِلاَيَتِهِ، وَوَاجِبِ حَقِّهِ، الَّذِي أَرَادَ مِنِ اسْتِكْمَالِ دِينِهِ، وَإِظْهَارِ أَمْرِهِ، وَالاْحْتِجَاجِ بِحُجَجِهِ، وَالاْسْتِضَاءَةِ بِنُورِهِ، فِي مَعَادِنِ أَهْلِ صَفْوَتِهِ، وَمُصْطَفَيْ أَهْلِ خِيَرَتِهِ.

فَأَوْضَحَ اللّه‏ُ تَعَالى بِأَئِمَّةِ الْهُدى مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا عَنْ دِينِهِ، وَأَبْلَجَ۱ بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ مَنَاهِجِهِ، وَفَتَحَ بِهِمْ عَنْ بَاطِنِ يَنَابِيعِ عِلْمِهِ، وَجَعَلَهُمْ مَسَالِكَ لِمَعْرِفَتِهِ، وَمَعَالِمَ لِدِينِهِ، وَحُجَّابا۲ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَالْبَابَ الْمُؤَدِّيَ إِلى مَعْرِفَةِ حَقِّهِ، وَ أَطْلَعَهُمْ عَلَى الْمَكْنُونِ مِنْ غَيْبِ سِرِّهِ.

كُلَّمَا مَضى مِنْهُمْ إمَامٌ، نَصَبَ لِخَلْقِهِ مِنْ عَقِبِهِ إِمَاما بَيِّنا، وَهادِيا نَيِّرا، وَإِمَاما قَيِّما، يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وبِهِ يَعْدِلُونَ. حُجَجُ اللّه‏ِ وَدُعَاتُهُ وَرُعَاتُهُ عَلى خَلْقِهِ، يَدِينُ بَهَدْيِهِمُ الْعِبَادُ، وَتَسْتَهِلُّ بِنُورِهِمُ الْبِلاَدُ. جَعَلَهُمُ اللّه‏ُ حَيَاةً لِلْأَنَامِ، وَمَصَابِيحَ لِلظَّلاَمِ، وَمَفَاتِيحَ لِلْكَلاَمِ، وَدَعَائِمَ لِلاْءِسْلاَمِ. وَجَعَلَ نِظَامَ طَاعَتِهِ وَتَمَامَ فَرْضِهِ التَّسْلِيمَ لَهُمْ فِيمَا عُلِمَ، وَالرَّدَّ إِلَيْهِمْ

1.. «أبلج» إمّا لازم بمعنى أَنارَ وأضاء ، وإمّا متعدّ بمعنى أظهره وأوضحه وجعله مشرقا أو واضحا . والمراد هاهنا الثاني ، وعليه فكلمة «عن» زائدة للمبالغة في الربط والإيصال ، كما هو ظاهر الشروح . راجع : الصحاح ، ج۱ ، ص۳۰۰ ؛ لسان العرب ، ج۲ ، ص۲۱۵ ـ ۲۱۶ بلج .

2.. «الحجّاب» جمع حاجب بمعنى البوّاب . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۲۹۸ ؛ القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۴۶ حجب.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
24

اِحْتَجَّ عَلى خَلْقِهِ بِرُسُلِهِ، وَأَوْضَحَ الأُْمُورَ بِدَلاَئِلِهِ، وَابْتَعَثَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ؛ «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَىَّ عَنْ بَيِّنَةٍ»، وَلِيَعْقِلَ الْعِبَادُ عَن رَبِّهِمْ مَا جَهِلُوهُ ؛ فَيَعْرِفُوهُ بِرُبُوِبِيَّتِهِ بَعْدَ مَا أَنْكَرُوهُ، وَيُوَحِّدُوهُ بِالاْءِلهِيَّةِ بَعْدَ مَا أَضَدُّوهُ.

أَحْمَدُهُ حَمْدَا يَشْفِي النُّفُوسَ، وَيَبْلُغُ رِضَاهُ، وَيُؤَدِّي شُكْرَ مَا وَصَلَ إِلَيْنَا مِنْ سَوَابِغِ النَّعْمَاءِ، وَجَزِيلِ الاْلاَءِ، وَجَميلِ الْبَلاَءِ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّه‏ُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، إِلها وَاحِدا أَحَدا صَمَدا لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَدا. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عَبْدٌ انْتَجَبَهُ، وَرَسُولٌ ابْتَعَثَهُ، عَلى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَطُولِ هَجْعَةٍ۱ مِنَ الْأُمَمِ، وَانْبِسَاطٍ مِنَ الْجَهْلِ، وَاعْتِرَاضٍ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَانْتِقَاضٍ مِنَ الْمُبْرَمِ،۲ وَعَمىً عَنِ الْحَقِّ، وَاعْتِسَافٍ۳ مِنَ الْجَوْرِ، وَامْتِحَاقٍ۴ مِنَ الدِّينِ.

وَأَنْزَلَ إِلَيْهِ الْكِتَابَ، فِيهِ الْبَيَانُ والتِّبْيَانُ «قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِى عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»۵ قَد بَيَّنَهُ لِلنّاسِ وَنَهَجَهُ، بِعِلْمٍ قَدْ فَصَّلَهُ، وَدِينٍ قَدْ أَوْضَحَهُ، وَفَرَائِضَ قَدْ أَوْجَبَهَا، وَأُمُورٍ قَدْ كَشَفَهَا لِخَلْقِهِ وَأَعْلَنَهَا، فِيهَا دَلاَلَةٌ إِلَى النَّجَاةِ، وَمَعَالِمُ تَدْعُو إِلى هُدَاهُ.

فَبَلَّغَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مَا أُرْسِلَ بِهِ، وَصَدَعَ بِمَا أُمِرَ،۶ وَأَدَّى مَا حُمِّلَ مِنْ أَثْقَالِ النُّبُوَّةِ،

1.. «الهَجْعة» : نومة خفيفة من أوّل الليل ، وهي هاهنا بمعنى الغفلة والجهالة ، يقال : رجل هُجَع وهُجَعَة ومِهْجَع ، أي غافل أحمق . راجع : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۳۰۶ هجع .

2.. «الإبرام» : إحكام الشيء ، وأبرمتُ الأمرَ : أحكمتُه . وفي «ف» والرواشح : «البَرَم» بالتحريك . قال في الرواشح : «وفي نسخ جَمَّة : من المبرم . وهو الأصحّ» . اُنظر : الصحاح ، ج۵ ، ص۱۸۷۰ برم ؛ الرواشح ، ص۴۷ .

3.. «العَسَف» ـ بالتحريك ـ : الأخذ على غير طريق ، والقطع على غير هداية ، وكذلك التعسّف والاعتساف . والعَسْف ـ بالتسكين ـ : الظلم ، كما قاله الداماد ، وهكذا في اللغة بدون ضبط الحركات . والمراد هاهنا المعنى الأوّل كما هو ظاهر الشروح . اُنظر : الصحاح ، ج۴ ، ص۱۴۰۳ ؛ لسان العرب ، ج۹ ، ص۲۴۵ عسف .

4.. «الامتحاق» : ذهابُ خَيرِ الشيء وبركتِهِ ونقصانُه ، من قولهم : محقه اللّه‏ ، أي ذهب ببركته ؛ أو البطلانُ والمحو ، من قولهم : مَحَقه يَمْحَقُه مَحْقا ، أي أبطله ومحاه ، وتمحّق الشيء وامتحق ، أي بطل . والمراد هاهنا المعنى الثاني ، كما هو ظاهر الشروح . اُنظر : ترتيب كتاب العين ، ج۳ ، ص۱۶۸۰ ؛ الصحاح ، ج۴ ، ص۱۵۵۳ محق .

5.. الزمر ۳۹ : ۲۸ .

6.. «صدع بما أُمر» أي أجهر به وتكلّم به جهارا ، أو أظهره ، أو فرّق به بين الحقّ والباطل . والكلّ محتمل ، كما هو الظاهر من الشروح . اُنظر : الصحاح ، ج۳ ، ص۱۲۴۱ ـ ۱۲۴۲ ؛ لسان العرب ، ج۸ ، ص۱۹۵ صدع .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16829
صفحه از 868
پرینت  ارسال به