245
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‏السلام عَنِ الاِسْتِطَاعَةِ، فَقَالَ: «يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ بَعْدَ أَرْبَعِ خِصَالٍ: ۱ / ۱۶۱
أَنْ يَكُونَ مُخَلَّى السَّرْبِ۱، صَحِيحَ الْجِسْمِ، سَلِيمَ الْجَوَارِحِ، لَهُ سَبَبٌ وَارِدٌ مِنَ اللّه‏ِ».
قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَسِّرْ لِي هذَا، قَالَ: «أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُخَلَّى السَّرْبِ، صَحِيحَ الْجِسْمِ، سَلِيمَ الْجَوَارِحِ يُرِيدُ أَنْ يَزْنِيَ، فَلاَ يَجِدُ امْرَأَةً ثُمَّ يَجِدُهَا، فَإِمَّا أَنْ يَعْصِمَ نَفْسَهُ، فَيَمْتَنِعَ كَمَا امْتَنَعَ يُوسُفُ عليه‏السلام، أَوْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِرَادَتِهِ، فَيَزْنِيَ، فَيُسَمّى زَانِياً، وَلَمْ يُطِعِ اللّه‏َ بِإِكْرَاهٍ، وَلَمْ يَعْصِهِ بِغَلَبَةٍ۲».

1.. «السَرْب» و«السَرَبُ» : المسلك والطريق . والمعنى: أنّ طريقه إلى الخير والشرّ موسَّع عليه غير مضيّق وخال بلامانع . و«السِرب» : النفس . والمعنى عليه: أنّه لا مانع لنفسه عن الميل إليهما . اُنظر : مرآة العقول ، ج ۲، ص ۲۱۳؛ لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۴۶۴ سرب.

2.. قال العلاّمة الطباطبائي قدس‏سره : «لا ريب أنّ كلّ أمر خارجي ـ ومنها أفعال الإنسان ـ لا يوجد ما لم يوجد جميع أجزاء علّته التامّة وما يحتاج إليه في وجوده ، فإذا وجدت جميعا ولم يبق ممّا يحتاج إليه وجوده شيء في العدم وجب وجوده ، وإلاّ كان وجود علّته التامّة وعدمها بالنسبة إليه على السواء ، مثلاً إذا نسب أكل لقمة من الغذاء إلى الإنسان ، وفرض وجود الإنسان وصحّة أدوات التغذي ، ووجود الغذاء بين يديه ، ووجود الإرادة الحتميّة ، وعدم شيء من الموانع مطلقا ، وجب تحقّق الأكل وكان بالضرورة ، فهذه نسبة الفعل وهو الأكل مثلاً إلى مجموع علّته التامّة ، وأمّا نسبة الفعل كالأكل مثلاً إلى الإنسان المجهّز بآلة الفعل فقط لا إلى مجموع أجزاء العلّة مع فرض وجودها ، فهي نسبة الإمكان والاستعداد التامّ الذي لايفارق الفعل لفرض وجود بقيّة أجزاء العلّة ، وإن لم تكن النسبة إلى جميعها بل إلى الإنسان فقط وهي المسمّاة بالاستطاعة ، فالإنسان مع فرض جميع ما يتوقّف عليه يستطيع أن يأكل بالإرادة وأن لا يأكل بعدمها ؛ وأمّا نسبة الفعل إلى الإنسان مع فرض عدم وجود جميع أجزاء العلّة كنسبة الأكل إلى الإنسان حيث لا غذاء عنده ، ومباشرة النساء حيث لامرأة ، فهي الإمكان والاستعداد الضعيف الناقص ، ولا تسمّى استطاعة ، فالإنسان لايستطيع أن يأكل حيث لا غذاء ، ولا أن يباشر حيث لامرأة ؛ فقوله عليه‏السلام في هذه الروايات : «إنّ الاستطاعة مع الفعل» يريد به الاستعداد التامّ الذي لا واسطة بينه و بين الفعل والترك إلاّ إرادة الإنسان ، وأمّا مطلق إمكان الفعل والقدرة عليه ، فليس بمراد ، وليس هذا من قول الأشاعرة : «إنّ القدرة على الفعل توجد مع الفعل لا قبله» في شيء؛ فإنّه مذهب فاسد كما بيّن في محلّه ، وبالتأمّل في ما ذكرناه يظهر معنى سائر روايات الباب ، واللّه‏ الهادي » . راجع: هامش الكافي ط ـ الإسلامية، ج۱، ص۱۶۲.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
244

شَيْءٍ تُرِيدُ۱».

۴۱۳.۱۳. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى، عَمَّنْ حَدَّثَهُ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام، قَالَ: «لاَ جَبْرَ وَلاَ تَفْوِيضَ، وَلكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ».
قَالَ: قُلْتُ: وَمَا أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ؟
قَالَ: «مَثَلُ ذلِكَ: رَجُلٌ رَأَيْتَهُ عَلى مَعْصِيَةٍ، فَنَهَيْتَهُ، فَلَمْ يَنْتَهِ، فَتَرَكْتَهُ، فَفَعَلَ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ؛ فَلَيْسَ حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْ مِنْكَ فَتَرَكْتَهُ كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَهُ بِالْمَعْصِيَةِ».

۴۱۴.۱۴. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام، قَالَ: «اللّه‏ُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُكَلِّفَ النَّاسَ مَا لاَ يُطِيقُونَ، وَاللّه‏ُ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي سُلْطَانِهِ مَا لاَ يُرِيدُ».

۳۱ ـ بَابُ الاِسْتِطَاعَةِ

۴۱۵.۱. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ۲، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ، عَنْ

1.. قال العلاّمة الطباطبائي : «معنى الرواية مبنيّ على القدر ، وهو أنّ الإنسان إنّما يفعل ما يفعل بمشيئة وقوّة ، واللّه‏ سبحانه هو الذي شاء أن يشاء الإنسان ، ولو لم يشأ لم تكن من الإنسان مشيئة ، وهو الذي ملك الإنسان قوّة من قوّته ، وأنّ القوّة للّه‏ جميعا ، فلا استغناء للإنسان في فعله عنه تعالى ، ثمّ إنّهما نعمتان قوي الإنسان بهما على المعصية ، كما قوي على الطاعة ، ولازم ذلك أن تكون الحسنات للّه‏ وهو أولى بها ؛ لأنّ اللّه‏ هو المعطي للقوّة عليها والأمر بإتيانها و فعلها ؛ وأن تكون السيّئات للإنسان وهو أولى بها دون اللّه‏ ؛ لأنّه تعالى لم يعطها إلاّ نعمة للحسنة ونهى عن استعمالها في السيّئة ، فاللؤم على الإنسان ، وذلك أنّه تعالى لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون ، لأنّه تعالى إنّما يفعل الجميل وهو إفاضة النعمة والهداية إلى الحسنة ، والنهي عن السيّئة ، وكلّ ذلك جميل ، ولا سؤال عن الجميل ، والإنسان إنّما يفعل الحسنة بنعمة من اللّه‏ ، والسيّئة بنعمة منه ، فهو المسؤول عن النعمة التي اُعطيها ما صنع بها ، ثمّ أتمّ اللّه‏ الحجّة ، وأقام المحنة بأن نظم كلّ ما يريده الإنسان ، ليعلم ماذا يصير إليه حال الإنسان بفعاله؛ وللرواية معنى آخر أدقّ، يطلب من مظانّه». راجع: هامش: الكافي ط ـ الإسلامية، ج۱، ص۱۶۰.

2.. لم يعهد وجود راوٍ باسم الحسن بن محمّد في مشايخ عليّ بن إبراهيم، بل في هذه الطبقة . والظاهر وقوع خلل في السند . يؤكّد ذلك توسّط الحسن بن محمّد بين عليّ بن إبراهيم وبين شيخه عليّ بن محمّد القاساني . راجع: معجم رجال الحديث ، ج ۱۱ ، ص ۴۷۷ ـ ۴۷۸.

تعداد بازدید : 14045
صفحه از 868
پرینت  ارسال به