وَصَبَرَ لِرَبِّهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى النَّجَاةِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الذِّكْرِ، ۱ / ۴
وَدَلَّهُمْ عَلى سَبِيلِ الْهُدى مِنْ بَعْدِهِ، بِمَنَاهِجَ وَدَوَاعٍ أَسَّسَ لِلْعِبَادِ أَسَاسَهَا، وَمَنَائِرَ رَفَعَ لَهُمْ أَعْلاَمَهَا ؛ لِكَيْ لاَ يَضِلُّوا مِنْ بَعدِهِ، وَكَانَ بِهِمْ رَؤُوفا رَحِيما.
فَلَمَّا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ، وَاستُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ، تَوَفَّاهُ اللّهُ وَقَبَضَهُ إِلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَ اللّهِ مَرْضِيٌّ عَمَلُهُ، وَافِرٌ حَظُّهُ، عَظِيمٌ خَطَرُهُ. فَمَضى صلىاللهعليهوآله وَخَلَّفَ فِي أُمَّتِهِ كِتَابَ اللّهِ، وَوَصِيَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ، صَاحِبَيْنِ مُؤْتَلِفَيْنِ، يَشْهَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِالتَّصْدِيقِ. يَنْطِقُ الاْءِمَامُ عَنِ اللّهِ فِي الْكِتَابِ بمَا أَوْجَبَ اللّهُ فِيهِ عَلَى الْعِبادِ مِنْ طَاعَتِهِ، وطَاعَةِ الإِمَامِ وَوِلاَيَتِهِ، وَوَاجِبِ حَقِّهِ، الَّذِي أَرَادَ مِنِ اسْتِكْمَالِ دِينِهِ، وَإِظْهَارِ أَمْرِهِ، وَالاْحْتِجَاجِ بِحُجَجِهِ، وَالاْسْتِضَاءَةِ بِنُورِهِ، فِي مَعَادِنِ أَهْلِ صَفْوَتِهِ، وَمُصْطَفَيْ أَهْلِ خِيَرَتِهِ.
فَأَوْضَحَ اللّهُ تَعَالى بِأَئِمَّةِ الْهُدى مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا عَنْ دِينِهِ، وَأَبْلَجَ۱ بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ مَنَاهِجِهِ، وَفَتَحَ بِهِمْ عَنْ بَاطِنِ يَنَابِيعِ عِلْمِهِ، وَجَعَلَهُمْ مَسَالِكَ لِمَعْرِفَتِهِ، وَمَعَالِمَ لِدِينِهِ، وَحُجَّابا۲ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَالْبَابَ الْمُؤَدِّيَ إِلى مَعْرِفَةِ حَقِّهِ، وَ أَطْلَعَهُمْ عَلَى الْمَكْنُونِ مِنْ غَيْبِ سِرِّهِ.
كُلَّمَا مَضى مِنْهُمْ إمَامٌ، نَصَبَ لِخَلْقِهِ مِنْ عَقِبِهِ إِمَاما بَيِّنا، وَهادِيا نَيِّرا، وَإِمَاما قَيِّما، يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وبِهِ يَعْدِلُونَ. حُجَجُ اللّهِ وَدُعَاتُهُ وَرُعَاتُهُ عَلى خَلْقِهِ، يَدِينُ بَهَدْيِهِمُ الْعِبَادُ، وَتَسْتَهِلُّ بِنُورِهِمُ الْبِلاَدُ. جَعَلَهُمُ اللّهُ حَيَاةً لِلْأَنَامِ، وَمَصَابِيحَ لِلظَّلاَمِ، وَمَفَاتِيحَ لِلْكَلاَمِ، وَدَعَائِمَ لِلاْءِسْلاَمِ. وَجَعَلَ نِظَامَ طَاعَتِهِ وَتَمَامَ فَرْضِهِ التَّسْلِيمَ لَهُمْ فِيمَا عُلِمَ، وَالرَّدَّ إِلَيْهِمْ