231
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَمَرَ اللّه‏ُ وَلَمْ يَشَأْ، وَشَاءَ وَلَمْ يَأْمُرْ؛ أَمَرَ إِبْلِيسَ أَنْ يَسْجُدَ لاِدَمَ، وَشَاءَ أَنْ لاَ يَسْجُدَ، وَلَوْ شَاءَ لَسَجَدَ، وَنَهى آدَمَ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ، وَشَاءَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، وَلَوْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَأْكُلْ».

۳۹۰.۴. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيِّ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللّه‏ِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَوِيِّ جَمِيعاً، عَنِ الْفَتْحِ بْنِ يَزِيدَ الْجُرْجَانِيِّ:
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه‏السلام، قَالَ: «إِنَّ لِلّهِ اِءِرَادَتَيْنِ وَمَشِيئَتَيْنِ: إِرَادَةَ حَتْمٍ، وَإِرَادَةَ عَزْمٍ، يَنْهى وَهُوَ يَشَاءُ، وَيَأْمُرُ وَهُوَ لاَ يَشَاءُ؛ أَ وَمَا رَأَيْتَ أَنَّهُ نَهى آدَمَ وَزَوْجَتَهُ أَنْ يَأْكُلاَ مِنَ الشَّجَرَةِ وَشَاءَ ذلِكَ؟ وَلَوْ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْكُلاَ، لَمَا غَلَبَتْ مَشِيئَتُهُمَا مَشِيئَةَ اللّه‏ِ تَعَالى، وَأَمَرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَذْبَحَ إِسْحَاقَ۱ وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَذْبَحَهُ، وَلَوْ شَاءَ، لَمَا غَلَبَتْ مَشِيئَةُ إِبْرَاهِيمَ مَشِيئَةَ اللّه‏ِ تَعَالى۲».

1.. في حاشية بعض النسخ والتوحيد : «إسماعيل» . وكون الذبيح إسحاق عليه‏السلام خلاف المشهور بأنّه إسماعيل عليه‏السلام ، ودلّت عليه الأخبار المستفيضة ، فيحمل الخبر على التقيّة ، أو يأوّل بأنّ المأمور به أوّلاً ذبح إسحاق عليه‏السلامثمّ نسخ واُمر بذبح إسماعيل عليه‏السلام . اُنظر : مرآة العقول ، ج ۲، ص ۱۶۲.

2.. قال العلاّمة الطباطبائي قدس‏سره : «للمشيئة والإرادة انقسام إلى الإرادة التكوينيّة الحقيقيّة ، والإرادة التشريعيّة الاعتباريّة ، فإنّ إرادة الإنسان التي تتعلّق بفعل نفسه نسبة حقيقيّة تكوينيّة تؤثّر في الأعضاء الانبعاث إلى الفعل ، ويستحيل معها تخلّفها عن المطاوعة إلاّ لمانع ؛ وأمّا الإرادة التي تتعلّق منّا بفعل الغير ، كما إذا أمرنا بشيء ، أو نهينا عن شيء، فإنّها إرادة بحسب الوضع والاعتبار ، لا تتعلّق بفعل الغير تكوينيّا ؛ فإنّ إرادة كلّ شخص إنّما تتعلّق بفعل نفسه من طريق الأعضاء والعضلات ، ومن هنا كانت إرادة الفعل أو الترك من الغير لا تؤثّر في الفعل بالإيجاد والإعدام ، بل تتوقّف على الإرادة التكوينيّة من الغير بفعل نفسه حتّى يوجد أو يترك عن اختيار فاعله ، لا عن اختيار آمره وناهيه . إذا عرفت ذلك علمت أنّ الإرادتين يمكن أن تختلفا من غير ملازمة ، كما أنّ المعتاد بفعل قبيح ربّما ينهى نفسه عن الفعل بالتلقين ، وهو يفعل من جهة إلزام ملكته الرذيلة الراسخة ، فهو يشاء الفعل بإرادة تكوينيّة ، ولا يشاؤه بإرادة تشريعيّة ، ولا يقع إلاّ ما تعلّقت به الإرادة التكوينيّة ، والإرادة التكوينيّة هي التي يسمّيها عليه‏السلام بإرادة حتم ، والتشريعيّة هي التي يسمّيها بإرادة عزم .
وإرادته تعالى التكوينيّة تتعلّق بالشيء من حيث هو موجود ، ولا موجود إلاّ وله نسبة الإيجاد إليه تعالى بوجوده ، بنحو يليق بساحة قدسه تعالى ؛ وإرادته التشريعيّة تتعلّق بالفعل من حيث أنّه حسن و صالح غير القبيح الفاسد ، فإذا تحقّق فعل موجود قبيح ، كان منسوبا إليه تعالى من حيث الإرادة التكوينيّة بوجه ، ولو لم يرده لم يوجد؛ ولم يكن منسوبا إليه تعالى من حيث الإرادة التشريعيّة ؛ فإنّ اللّه‏ لا يأمر بالفحشاء .
فقوله عليه‏السلام: إنّ اللّه‏ نهى آدم عليه‏السلام عن الأكل، وشاء ذلك ، وأمر إبراهيم عليه‏السلام بالذبح، ولم يشأه، أراد بالأمر والنهي التشريعيّين منهما، وبالمشيئة وعدمها التكوينيّين منهما. راجع: هامش الكافي ط ـ الإسلامية، ج۱، ص۱۵۱، ذيل ح۵ .
واعلم أنّ الرواية مشتملة على كون المأمور بالذبح إسحاق ، دون إسماعيل ، و هو خلاف ما تظافرت عليه أخبار الشيعة».


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
230

قُلْتُ: مَا مَعْنى «قَضى»؟ قَالَ: «إِذَا قَضى أَمْضَاهُ، فَذلِكَ الَّذِي لاَ مَرَدَّ لَهُ۱».

۳۸۸.۲. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: شَاءَ وَأَرَادَ، وَقَدَّرَ وَقَضى؟ قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: وَأَحَبَّ؟ قَالَ: «لاَ». قُلْتُ: وَكَيْفَ شَاءَ وَأَرَادَ، وَقَدَّرَ وَقَضى وَلَمْ يُحِبَّ؟!
قَالَ: «هكَذَا خَرَجَ إِلَيْنَا۲».

۳۸۹.۳. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ ۱ / ۱۵۱
عَبْدِ اللّه‏ِ بْنِ سِنَانٍ:

1.. قال العلاّمة الطباطبائي قدس‏سره : «لاريب أنّ لنا في أفعالنا الاختياريّة مشيئة وإرادة وتقديرا وقضاء وهو الحكم البتّي ، وحيث عدّ اللّه‏ سبحانه الموجودات أفعالاً لنفسه ، صادرة عن علمه وقدرته ، لم يكن بدّ من أن نذعن في فعله بالجهات التي لايخلو عنها فعل اختياريّ من المشيئة والإرادة والتقدير والقضاء؛ فالمشيئة والإرادة هما المعنى الذي لابدّ في الفعل الاختياري من تحقّقه في نفس الفاعل منّا بعد العلم وقبل الفعل ، وهذا المعنى من حيث ارتباطه بالفاعل يسمّى مشيئة ، ومن حيث ارتباطه بالفعل يسمّى إرادة ، والتقدير تعيين مقدار الفعل من حيث تعلّق المشيئة به . والقضاء هو الحكم الأخير الذي لاواسطة بينه و بين الفعل ؛ مثلاً إذا قرّبنا نارا من قطن ، والنار مقتضية للاحتراق ، ينتزع من المورد مشيئة الإحراق ، ثمّ بزيادة قربها إرادة الإحراق ، ثمّ من كيفيّة قربها وشكل القطن ووضعه منها وسائر ما يقارن المورد تقدير الإحراق ، فإن كان القطن مثلاً مرطوبا لايؤثّر فيه النار ، كان ذلك بداء لظهور ما كان خفيّا من الفعل ، وإن كان يابسا لا مانع معه من الاحتراق ، كان ذلك قضاء وإمضاء وهو الاحتراق والإحراق ؛ وبذلك يتحقّق في كلّ حادث حدث عن أسبابه من حيث تهيّؤ سببه مشيئة وتمام التهيّؤ وتحقّق محلّ الفعل ، وتحقّق آخر جزء من سببه مشيئة وإرادة وقدر، وقضاء هو الإمضاء والإجراء» . راجع: هامش الكافي ط ـ الإسلامية، ج۱، ص ۱۵۰، ذيل ح۱.

2.. لايبعد أن يكون إمساكه عليه‏السلام عن الجواب والكلام في حبّ اللّه‏ تعالى لأجل ما يتوهّم فيه من الحدوث والتغيّر مع دقّة الجواب وقصور فهم الأكثرين. اُنظر : شرح صدر المتألّهين ، ج۴، ص۲۳۲ ؛ الوافي ، ج ۱، ص ۵۲۰؛ مرآة العقول ، ج ۱، ص ۱۵۶.
وقال العلاّمة الطباطبائي قدس‏سره : «الحبّ حبّان : حبّ تكوينيّ يتعلّق بوجود الشيء من حيث هو وجوده ، وحبّ تشريعيّ يتعلّق بالشيء من حيث هو حسن جميل ، ولا يتعلّق بالقبيح أبدا ؛ وكأنّ عدم استعداد ذهن السائل عن إدراك الفرق بينهما استدعى إضرابه عليه‏السلام عن جواب سؤاله». راجع: هامش الكافي ط ـ الإسلامية، ج۱، ص۱۵۰.

تعداد بازدید : 15865
صفحه از 868
پرینت  ارسال به