خطبة الكتاب
۱ / ۲
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الْحَمْدُ لِلّهِ الْمَحْمُودِ لِنِعْمَتِهِ، الْمَعْبُودِ لِقُدْرَتِهِ، الْمُطَاعِ فِي سُلْطَانِهِ، الْمَرْهُوبِ لِجَلاَلِهِ، الْمَرْغُوبِ إِلَيْهِ فِيمَا عِنْدَهُ، النَّافِذِ أَمْرُهُ فِي جَميعِ خَلْقِهِ ؛ عَلاَ فَاسْتَعْلى، ودَنَا فَتَعَالى، وَارْتَفَعَ فَوْقَ كُلِّ مَنْظَرٍ ؛ الَّذي لاَ بَدْءَ لِأَوَّلِيَّتِهِ، وَلاَغَايَةَ لِأَزَلِيَّتِهِ، القَائِمُِ قَبْلَ الْأَشْيَاءِ، وَالدَّائِمُِ الَّذِي بِهِ قِوَامُهَا، وَالْقَاهِرُِ الَّذِي لاَيَؤُودُهُ حِفْظُهَا۱، وَالْقَادِرُِ الَّذِي بِعَظَمَتِهِ تَفَرَّدَ بِالْمَلَكُوتِ، وَبِقُدْرَتِهِ تَوَحَّدَ بِالْجَبَرُوتِ، وَبِحِكْمَتِهِ أَظْهَرَ حُجَجَهُ عَلى خَلْقِهِ.
اِخْتَرَعَ۲ الْأَشْيَاءَ إِنْشَاءً، وَابْتَدَعَهَا ابْتِدَاءً بِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، لاَ مِنْ شَيْءٍ ؛ فَيَبْطُلَ الاخْتِرَاعُ، ولاَلِعِلَّةٍ ؛ فَلاَ يَصِحَّ الاْبْتِدَاعُ. خَلَقَ مَاشَاءَ كَيْفَ شَاءَ مُتَوَحِّدا بِذلِكَ ؛ لاِءِظْهَارِ حِكْمَتِهِ، وَحَقِيقَةِ رُبُوبِيَّتِهِ.
لاَ تَضْبِطُهُ الْعُقُولُ، وَلاَ تَبْلُغُهُ الْأَوْهَامُ، وَلاَ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ، وَلاَ يُحِيطُ بِهِ مِقْدَارٌ. عَجَزَتْ دُونَهُ الْعِبَارَةُ، وَكَلَّتْ دُونَهُ الْأَبْصَارُ، وضَلَّ فِيهِ تَصَارِيفُ الصِّفَاتِ.
۱ / ۳
اِحْتَجَبَ بِغَيْرِ حِجَابٍ مَحْجُوبٍ، وَاسْتَتَرَ بِغَيْرِ سِتْرٍ مَسْتُورٍ، عُرِفَ بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ، وَوُصِفَ بِغَيْرِ صُورَةٍ، وَنُعِتَ بِغَيْرِ جِسْمٍ، لاَ إِلهَ إلاَّ اللّهُ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ. ضَلَّتِ الْأَوْهَامُ عَنْ بُلُوغِ كُنْهِهِ، وَذَهَلَتِ الْعُقُولُ أَنْ تَبْلُغَ غَايَةَ نِهَايَتِهِ، لاَيَبْلُغُهُ حَدُّ وَهْمٍ، وَلاَ يُدْرِكُهُ نَفَاذُ بَصَرٍ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.