وَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: «وَ مِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»۱ فَفَرَّقَ بَيْنَ قَبْلٍ وَبَعْدٍ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ قَبْلَ لَهُ وَلاَ بَعْدَ لَهُ، شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا أَنْ لاَ غَرِيزَةَ لِمُغْرِزِهَا، مُخْبِرَةً بِتَوْقِيتِهَا أَنْ لاَ وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا، حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، كَانَ رَبّاً إِذْ لاَ مَرْبُوبَ، وَإِلهاً إِذْ لاَ مَأْلُوهَ، وَعَالِماً إِذْ لاَ مَعْلُومَ، وَسَمِيعاً إِذْ لاَ مَسْمُوعَ».
۳۵۴.۵. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ شَبَابٍ الصَّيْرَفِيِّ ـ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ـ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ:
دَخَلْتُ أَنَا وَعِيسى شَلَقَانُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام فَابْتَدَأَنَا، فَقَالَ: «عَجَباً لِأَقْوَامٍ يَدَّعُونَ عَلى أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ قَطُّ، خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام النَّاسَ بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلّهِ الْمُلْهِمِ عِبَادَهُ حَمْدَهُ، وَفَاطِرِهِمْ عَلى مَعْرِفَةِ رُبُوبِيَّتِهِ، الدَّالِّ عَلى وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ، وَبِحُدُوثِ خَلْقِهِ عَلى أَزَلِهِ، وَبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلى أَنْ لاَ شِبْهَ لَهُ، الْمُسْتَشْهِدِ بِآيَاتِهِ عَلى قُدْرَتِهِ، الْمُمْتَنِعَةِ مِنَ الصِّفَاتِ ذَاتُهُ، وَمِنَ الْأَبْصَارِ رُؤيَتُهُ، وَمِنَ الْأَوْهَامِ الاْءِحَاطَةُ بِهِ، ۱ / ۱۴۰
لاَ أَمَدَ لِكَوْنِهِ، وَلاَ غَايَةَ لِبَقَائِهِ، لاَ تَشْمُلُهُ الْمَشَاعِرُ، وَلاَ تَحْجُبُهُ الْحُجُبُ، وَالْحِجَابُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ خَلْقُهُ إِيَّاهُمْ؛ لاِمْتِنَاعِهِ مِمَّا يُمْكِنُ فِي ذَوَاتِهِمْ، وَلاِءِمْكَانٍ مِمَّا يَمْتَنِعُ مِنْهُ، وَلاِفْتِرَاقِ الصَّانِعِ مِنَ الْمَصْنُوعِ، وَالْحَادِّ مِنَ الْمَحْدُودِ، وَالرَّبِّ مِنَ الْمَرْبُوبِ، الْوَاحِدُ بِلاَ تَأْوِيلِ عَدَدٍ، وَالْخَالِقُ لاَ بِمَعْنى حَرَكَةٍ، وَالْبَصِيرُ لاَ بِأَدَاةٍ، وَالسَّمِيعُ لاَ بِتَفْرِيقِ آلَةٍ، وَالشَّاهِدُ لاَ بِمُمَاسَّةٍ، وَالْبَاطِنُ لاَ بِاجْتِنَانٍ۲، وَالظَّاهِرُ الْبَائِنُ لاَ بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ، أَزَلُهُ نُهْيَةٌ۳ لِمَجَاوِلِ۴ الْأَفْكَارِ، وَدَوَامُهُ رَدْعٌ لِطَامِحَاتِ۵ الْعُقُولِ، قَدْ حَسَرَ۶ كُنْهُهُ نَوَافِذَ الْأَبْصَارِ،
1.. الذاريات ۵۱: ۴۹.
2.. الاجتنان : الاستتار . الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۹۵ جنن.
3.. «النُهية» : اسم من نهاه ، ضدّ أمره . القاموس المحيط ، ج ۲، ص ۱۷۵۶ نهى.
4.. «المجاول» : جمع مَجْوَل ، وهو مكان الجولان وزمانه .
5.. «الطامحات»: جمع الطامح، وهو كلّ مرتفع . الصحاح ، ج ۱، ص ۳۸۸ طمح.
6.. «حسر»: أعيا وكَلَّ وأعجز . يتعدّى ولا يتعدّى. يقال: حسر البعيرُ وحسرتُه أنا . والمراد هاهنا الثاني. اُنظر : الصحاح ، ج ۲، ص ۶۲۹ حسر.