215
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: «وَ مِن كُلِّ شَىْ‏ءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»۱ فَفَرَّقَ بَيْنَ قَبْلٍ وَبَعْدٍ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ قَبْلَ لَهُ وَلاَ بَعْدَ لَهُ، شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا أَنْ لاَ غَرِيزَةَ لِمُغْرِزِهَا، مُخْبِرَةً بِتَوْقِيتِهَا أَنْ لاَ وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا، حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، كَانَ رَبّاً إِذْ لاَ مَرْبُوبَ، وَإِلهاً إِذْ لاَ مَأْلُوهَ، وَعَالِماً إِذْ لاَ مَعْلُومَ، وَسَمِيعاً إِذْ لاَ مَسْمُوعَ».

۳۵۴.۵. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ شَبَابٍ الصَّيْرَفِيِّ ـ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ـ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ:
دَخَلْتُ أَنَا وَعِيسى شَلَقَانُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام فَابْتَدَأَنَا، فَقَالَ: «عَجَباً لِأَقْوَامٍ يَدَّعُونَ عَلى أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليه‏السلام مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ قَطُّ، خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه‏السلام النَّاسَ بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلّهِ الْمُلْهِمِ عِبَادَهُ حَمْدَهُ، وَفَاطِرِهِمْ عَلى مَعْرِفَةِ رُبُوبِيَّتِهِ، الدَّالِّ عَلى وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ، وَبِحُدُوثِ خَلْقِهِ عَلى أَزَلِهِ، وَبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلى أَنْ لاَ شِبْهَ لَهُ، الْمُسْتَشْهِدِ بِآيَاتِهِ عَلى قُدْرَتِهِ، الْمُمْتَنِعَةِ مِنَ الصِّفَاتِ ذَاتُهُ، وَمِنَ الْأَبْصَارِ رُؤيَتُهُ، وَمِنَ الْأَوْهَامِ الاْءِحَاطَةُ بِهِ، ۱ / ۱۴۰
لاَ أَمَدَ لِكَوْنِهِ، وَلاَ غَايَةَ لِبَقَائِهِ، لاَ تَشْمُلُهُ الْمَشَاعِرُ، وَلاَ تَحْجُبُهُ الْحُجُبُ، وَالْحِجَابُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ خَلْقُهُ إِيَّاهُمْ؛ لاِمْتِنَاعِهِ مِمَّا يُمْكِنُ فِي ذَوَاتِهِمْ، وَلاِءِمْكَانٍ مِمَّا يَمْتَنِعُ مِنْهُ، وَلاِفْتِرَاقِ الصَّانِعِ مِنَ الْمَصْنُوعِ، وَالْحَادِّ مِنَ الْمَحْدُودِ، وَالرَّبِّ مِنَ الْمَرْبُوبِ، الْوَاحِدُ بِلاَ تَأْوِيلِ عَدَدٍ، وَالْخَالِقُ لاَ بِمَعْنى حَرَكَةٍ، وَالْبَصِيرُ لاَ بِأَدَاةٍ، وَالسَّمِيعُ لاَ بِتَفْرِيقِ آلَةٍ، وَالشَّاهِدُ لاَ بِمُمَاسَّةٍ، وَالْبَاطِنُ لاَ بِاجْتِنَانٍ۲، وَالظَّاهِرُ الْبَائِنُ لاَ بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ، أَزَلُهُ نُهْيَةٌ۳ لِمَجَاوِلِ۴ الْأَفْكَارِ، وَدَوَامُهُ رَدْعٌ لِطَامِحَاتِ۵ الْعُقُولِ، قَدْ حَسَرَ۶ كُنْهُهُ نَوَافِذَ الْأَبْصَارِ،

1.. الذاريات ۵۱: ۴۹.

2.. الاجتنان : الاستتار . الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۹۵ جنن.

3.. «النُهية» : اسم من نهاه ، ضدّ أمره . القاموس المحيط ، ج ۲، ص ۱۷۵۶ نهى.

4.. «المجاول» : جمع مَجْوَل ، وهو مكان الجولان وزمانه .

5.. «الطامحات»: جمع الطامح، وهو كلّ مرتفع . الصحاح ، ج ۱، ص ۳۸۸ طمح.

6.. «حسر»: أعيا وكَلَّ وأعجز . يتعدّى ولا يتعدّى. يقال: حسر البعيرُ وحسرتُه أنا . والمراد هاهنا الثاني. اُنظر : الصحاح ، ج ۲، ص ۶۲۹ حسر.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
214

إِلَيْهِ رَجُلٌ ـ يُقَالُ لَهُ: ذِعْلِبٌ ـ ذُو لِسَانٍ بَلِيغٍ فِي الْخُطَبِ، شُجَاعُ الْقَلْبِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ، مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبّاً لَمْ أَرَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ، لَمْ تَرَهُ الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ، وَلكِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الاْءِيمَانِ، وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ، إِنَّ رَبِّي لَطِيفُ اللَّطَافَةِ لاَ يُوصَفُ بِاللُّطْفِ، عَظِيمُ الْعَظَمَةِ لاَ يُوصَفُ بِالْعِظَمِ، كَبِيرُ الْكِبْرِيَاءِ لاَ يُوصَفُ بِالْكِبَرِ، جَلِيلُ الْجَلاَلَةِ لاَ يُوصَفُ بِالْغِلَظِ، قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لاَ يُقَالُ: شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَبَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ، لاَ يُقَالُ: لَهُ بَعْدٌ، شَاءَ الْأَشْيَاءَ لاَ بِهِمَّةٍ، دَرَّاكٌ لاَ بِخَدِيعَةٍ، فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، غَيْرُ مُتَمَازِجٍ بِهَا، وَلاَ بَائِنٍ مِنْهَا، ظَاهِرٌ لاَ بِتَأْوِيلِ الْمُبَاشَرَةِ، مُتَجَلٍّ لاَ بِاسْتِهْلاَلِ۱ رُؤيَةٍ، نَاءٍ لاَ بِمَسَافَةٍ، قَرِيبٌ لاَ بِمُدَانَاةٍ، ۱ / ۱۳۹
لَطِيفٌ لاَ بِتَجَسُّمٍ، مَوْجُودٌ لاَ بَعْدَ عَدَمٍ، فَاعِلٌ لاَ بِاضْطِرَارٍ، مُقَدِّرٌ لاَ بِحَرَكَةٍ، مُرِيدٌ لاَ بِهَمَامَةٍ۲، سَمِيعٌ لاَ بِآلَةٍ، بَصِيرٌ لاَ بِأَدَاةٍ، لاَ تَحْوِيهِ الْأَمَاكِنُ، وَلاَ تَضَمَّنُهُ الْأَوْقَاتُ، وَلاَ تَحُدُّهُ الصِّفَاتُ، وَلاَ تَأْخُذُهُ السِّنَاتُ، سَبَقَ الْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ، وَالْعَدَمَ وُجُودُهُ، وَالاِبْتِدَاءَ أَزَلُهُ، بِتَشْعِيرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ، وَبِتَجْهِيرِهِ الْجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ جَوْهَرَ لَهُ، وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ، وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ، ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَالْيُبْسَ بِالْبَلَلِ، وَالْخَشِنَ بِاللَّيِّنِ، وَالصَّرْدَ۳ بِالْحَرُورِ، مُؤلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا، وَمُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا، دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلى مُفَرِّقِهَا، وَبِتَأْلِيفِهَا عَلى مُؤِّفِهَا،

1.. «الاستهلال»: مصدر اُهِلّ الهلال واستُهِلّ : إذا اُبْصِر؛ يعني : أنّه تعالى متبيّن منكشف لخلقه لا بالتبيّن والانكشاف الحاصلين من جهة رؤيته . اُنظر : المغرب ، ص ۵۰۵ هلل.

2.. أي مريد للأشياء لا بهمامة النفس . وهَمَامَة النفس هي الشوق والقصد الزائد ، أو هي اهتمامها بالاُمور وترديد عزمها عليها مع الهمّ والغمّ بسبب فوتها ؛ مأخوذة من الهمهمة ، وهي ترديد الصوت الخفيّ . اُنظر : شرح صدر المتألّهين ، ج۴، ص۶۸ ؛ شرح المازندراني ، ج ۴ ، ص ۲۲۰.

3.. «الصرد» : البرد . فارسي معرّب ، أي معرّب «سرد» . اُنظر : الصحاح ، ج ۲، ص ۴۹۶ صرد.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16807
صفحه از 868
پرینت  ارسال به