195
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَالْمَصْمُودُ إِلَيْهِ: الْمَقْصُودُ فِي اللُّغَةِ.

قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي بَعْضِ مَا كَانَ يَمْدَحُ بِهِ النَّبِيَّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مِنْ شِعْرِهِ:

وَ بِالْجَمْرَةِ الْقُصْوى إِذَا صَمَدُوا لَهَا

يَؤمُّونَ قَذْفاً رَأْسَهَا بِالْجَنَادِلِ۱

يَعْنِي قَصَدُوا نَحْوَهَا يَرْمُونَهَا بِالْجَنَادِلِ، يَعْنِي الْحَصَى الصِّغَارَ الَّتِي تُسَمّى بِالْجِمَارِ.

وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ شِعْراً:

مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ بَيْتاً ظَاهِراً

لِلّهِ فِي أَكْنَافِ مَكَّةَ يُصْمَدُ۲

يَعْنِي: يُقْصَدُ.

وَقَالَ الزِّبْرِقَانُ:

[.................................

]وَ لاَ رَهِيبَةَ إِلاّ سَيِّدٌ صَمَدٌ۳

1.. شرح الغريب منه : الجمرة : الحصاة ، وموضع رمي الجمار بمنى ، وهي ثلاث جمرات : الاُولى والوسطى والكبرى، وهي جمرة العقبة ، والقصوى: البعيدة . الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۶۳ ، قصو ولعلّ المراد بها جمرة العقبة . وصمدوا لها : قصدوا نحوها (الصحاح ، ج ۲ ، ص ۴۹۹ ، صمد) . وأمّ الشيء : قصده (لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۲۲ ، أمم) . والقذف والرضخ : الرمي بالحجارة (لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۱۸ ، رضخ). والجنادل : جمع جندل ، وهو الحصاة أو الحجارة الصغيرة التي تسمّى بالجمار. (اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۱۲۸ ، جندل) . الشاهد فيه : قوله : (صمدوا لها) أي : قصدوا لها ، وقد أورده الشيخ الكليني شاهدا على هذا المعنى المتحقّق في اللغة ، والذي دلّت عليه أحاديث المعصومين عليهم السلام في بيان معنى الصمد .

2.. البيت من البحر الكامل . والقائل من شعراء الجاهليّة كما نسبه الشيخ الكليني قدّس سرّه . والأكناف : جمع كنف ، وكنف الشيء : جانبه أو ناصيته . ويصمد بمعنى يقصد كما في المتن النهاية ، ج ۴ ، ص ۲۰۵ كنف ؛ و ج ۳ ، ص ۵۲ ، صمد .

3.. هذا هو عجز بيت صدره : «سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا » . الوزن : بسيط . وقائله : الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس التميمي السعدي ، واسمه حصين بن بدر ولقّب بالزبرقان لجماله ؛ لأنّ الزبرقان في اللغة يعني البدر ليلة تمامه . وقيل : الزبرقان : الخفيف اللحية ، وقد كان هو كذلك . وقيل : سمّي كذلك ؛ لأنّه لبس عمامة مزبرقة بالزعفران ، يقال : زبرق الثوب ، إذا صبغه بصفرة أو حمرة . اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۳۷ـ۱۳۸ ؛ الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۸۸ـ۱۴۸۹ ، زبرق . والزبرقان : صحابي ، كان ينزل مع قومه في بادية البصرة ، فوفد على النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله هو وقومه ، وكان هو أحد ساداتهم ، فأسلموا سنة ۹ ه فجعله النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله على صدقات قومه ، وكفّ بصره في آخر عمره فتوفّي نحو سنة ۴۵ ه ، وكان فصيحا شاعرا. (اُسد الغابة ، ج ۲ ، ص ۱۹۴ ؛ الإصابة ، ج ۱ ، ص ۵۴۳ ؛ جمهرة أنساب العرب ، ص ۲۱۸ ؛ زهر الآداب ، ج ۱ ، ص ۳۹ ؛ خزانة الأدب ، ج ۳ ، ص ۲۰۷ ؛ لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۳۸ ، زبرق ؛ شعراء النصرانيّة ، ج ۲ ، ص ۲۹ و ۳۷ ؛ الأعلام للزركلي ، ج ۳ ، ص ۴۱) . وقد أورده أبوعبيدة في مجاز القرآن والقالي في الأمالي والطبري والطوسي والطبرسي والقرطبي في تفاسيرهم وياقوت الحموي في معجم البلدان وغيرهم . (مجاز القرآن ، ج ۲ ، ص ۳۱۶ و ۹۵۱ ؛ الأمالي للقالي ، ج ۲ ، ص ۲۸۸ ؛ تفسير الطبري ، ج ۳۰ ، ص ۲۲۴ ؛ التبيان ، ج ۱۰ ، ص ۴۳۱ ؛ مجمع البيان ، ج ۱ ، ص ۸۵۷ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۲۰ ، ص ۲۴۵ ؛ معجم البلدان ، ج ۴ ، ص ۹۳ ؛ شعراء النصرانيّة ، ج ۲ ، ص ۳۶). وجميع هؤلاء نسبوه إلى الزبرقان ، ولكنّ الموجود في الكافي المطبوع نسبته إلى ابن الزبرقان ، والأوّل هو الصحيح . شرح الغريب منه : البيت من قصيدة قالها الشاعر حينما حمل صدقات قومه إلى أبي بكر ، وقد روى بعض أبياتها في معجم البلدان ، ج ۴ ، ص ۸۲ . و«رهيبة » اسم رجل ، لكنّه لم يوجد في أعلام العرب ـ قسم الرجال ـ والموجود في جميع المصادر التي نقلت هذا البيت : «رهينة » . والصمد : السيّد المصمود إليه في الحوائج ، وقيل : الكامل الذي لا عيب فيه . (لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۲۵۸-۲۵۹ ، صمد) . والشاهد فيه : قوله : «الصمد » أي المصمود إليه ، أو المقصود في الحوائج .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
194

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه‏السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا الصَّمَدُ؟۱ قَالَ: «السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ».

۳۲۷.۲. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه‏السلام عَنْ شَيْءٍ مِنَ التَّوْحِيدِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللّه‏َ ـ تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤهُ الَّتِي يُدْعى بِهَا، وَتَعَالى فِي عُلُوِّ كُنْهِهِ ـ وَاحِدٌ تَوَحَّدَ بِالتَّوْحِيدِ فِي تَوَحُّدِهِ، ثُمَّ أَجْرَاهُ عَلى ۱ / ۱۲۴
خَلْقِهِ؛ فَهُوَ وَاحِدٌ، صَمَدٌ، قُدُّوسٌ، يَعْبُدُهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَيَصْمُدُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً».

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُلَيْنِي:

فَهذَا هُوَ الْمَعْنَى الصَّحِيحُ فِي تَأْوِيلِ الصَّمَدِ، لاَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُشَبِّهَةُ أَنَّ تَأْوِيلَ الصَّمَدِ: الْمُصْمَتُ الَّذِي لاَ جَوْفَ لَهُ؛ لِأَنَّ ذلِكَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مِنْ صِفَةِ الْجِسْمِ، وَاللّه‏ُ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ مُتَعَالٍ عَنْ ذلِكَ، هُوَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ تَقَعَ الْأَوْهَامُ عَلى صِفَتِهِ، أَوْ تُدْرِكَ كُنْهَ عَظَمَتِهِ، وَلَوْ كَانَ تَأْوِيلُ الصَّمَدِ فِي صِفَةِ اللّه‏ِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْمُصْمَتَ، لَكَانَ مُخَالِفاً لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ‏ءٌ»۲؛ لِأَنَّ ذلِكَ مِنْ صِفَةِ الْأَجْسَامِ الْمُصْمَتَةِ الَّتِي لاَ أَجْوَافَ لَهَا، مِثْلِ الْحَجَرِ وَالْحَدِيدِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُصْمَتَةِ الَّتِي لاَ أَجْوَافَ لَهَا، تَعَالَى اللّه‏ُ عَنْ ذلِكَ عُلُوّا كَبِيراً، فَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ مِنْ ذَلِكَ، فَالْعَالِمُ عليه‏السلام أَعْلَمُ بِمَا قَالَ.

وَهذَا الَّذِي قَالَ عليه‏السلام ـ أَنَّ الصَّمَدَ هُوَ السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ ـ هُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللّه‏ِ عَزَّ وَجَلَّ: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ‏ءٌ».

1.. اختلف في معنى «الصمد» . فقيل: إنّه بمعنى المفعول من صَمَد ، بمعنى قَصَد ، وهو السيّد المقصود إليه في الحوائج، كما في هذا الحديث . وقيل : الصمد، هو الذي لاجوف له، وهو مجاز عن أنّه تعالى أحديّ الذات، أحديّ المعنى. وقيل: الصمد ، هو الأملس من الحجر لايقبل الغبار ولا يدخله ولا يخرج منه شيء ، فهو كناية عن عدم الانفعال والتأثّر عن الغير . اُنظر : مرآة العقول ، ج ۲، ص ۶۰؛ الوافي ، ج ۲، ص ۴۸۰؛ لسان العرب ، ج ۳، ص ۲۵۸ صمد.

2.. الشورى ۴۲: ۱۱.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16402
صفحه از 868
پرینت  ارسال به