193
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَعَلِمْتُ مَكْتُومَ سِرِّهِ، وَالْبَاطِنُ مِنَّا: الْغَائِبُ فِي الشَّيْءِ، الْمُسْتَتِرُ، وَقَدْ جَمَعْنَا الاِسْمَ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.
وَأَمَّا الْقَاهِرُ، فَلَيْسَ عَلى مَعْنى عِلاَجٍ۱ وَنَصَبٍ۲ وَاحْتِيَالٍ وَمُدَارَاةٍ وَمَكْرٍ۳، كَمَا ۱ / ۱۲۳
يَقْهَرُ الْعِبَادُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَالْمَقْهُورُ مِنْهُمْ يَعُودُ قَاهِراً، وَالْقَاهِرُ يَعُودُ مَقْهُوراً، وَلكِنْ ذلِكَ مِنَ اللّه‏ِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ عَلى أَنَّ جَمِيعَ مَا خَلَقَ مُلَبَّسٌ بِهِ الذُّلُّ لِفَاعِلِهِ، وَقِلَّةُ الاِمْتِنَاعِ لِمَا أَرَادَ بِهِ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ: «كُنْ» فَيَكُونُ، وَالْقَاهِرُ مِنَّا عَلى مَا ذَكَرْتُ وَوَصَفْتُ، فَقَدْ جَمَعْنَا الاِسْمَ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.
وَهكَذَا جَمِيعُ الْأَسْمَاءِ وَإِنْ كُنَّا لَمْ نَسْتَجْمِعْهَا كُلَّهَا، فَقَدْ يَكْتَفِي الاِعْتِبَارُ بِمَا أَلْقَيْنَا إِلَيْكَ، وَاللّه‏ُ عَوْنُكَ وَعَوْنُنَا فِي إِرْشَادِنَا وَتَوْفِيقِنَا».

۱۸ ـ بَابُ تَأْوِيلِ الصَّمَدِ

۳۲۶.۱. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ ـ وَلَقَبُهُ شَبَابٌ الصَّيْرَفِيُّ ـ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ، قَالَ:

1.. في مرآة العقول، ج۲ ، ص۵۹: «العلاج: العمل والمزاولة بالجوارح» . وهكذا في اللغة بدون قيد الجوارح. اُنظر : الصحاح ، ج ۱، ص ۳۳۰ علج.

2.. في الوافي: «تصلّب». و«النَصَب» : التعب . و«النَصْب» : المعاداة . و«النُصْب» : الشرّ والبلاء . اُنظر : شرح المازندراني ، ج ۴ ، ص ۷۳؛ الصحاح، ج ۱ ، ص ۲۲۵ نصب.

3.. في شرح المازندراني، ج۴، ص۷۳ : «الاحتيال والمكر متقاربان. قال في الصحاح: المكر : الاحتيال والخديعة . ولا يبعد أن يقال: الاحتيال هو استعمال الرويّة وأخذ الحيلة لدفع ضرر الغير عن نفسه؛ والمكر استعمال الرويّة وارتكاب الخديعة لإيصال الضرر إلى الغير» . اُنظر : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۸۱۹ مكر.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
192

وَأَمَّا اللَّطِيفُ، فَلَيْسَ عَلى قِلَّةٍ وَقَضَافَةٍ وَصِغَرٍ، وَلكِنْ ذلِكَ عَلَى النَّفَاذِ فِي الْأَشْيَاءِ وَالاِمْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُدْرَكَ، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: لَطُفَ عَنِّي هذَا الْأَمْرُ، وَلَطُفَ فُلاَنٌ فِي مَذْهَبِهِ وَقَوْلِهِ، يُخْبِرُكَ أَنَّهُ غَمَضَ فِيهِ الْعَقْلُ وَفَاتَ الطَّلَبُ، وَعَادَ مُتَعَمِّقاً مُتَلَطِّفاً لاَ يُدْرِكُهُ الْوَهْمُ، فَكَذلِكَ لَطُفَ اللّه‏ُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ عَنْ أَنْ يُدْرَكَ بِحَدٍّ، أَوْ يُحَدَّ بِوَصْفٍ؛ وَاللَّطَافَةُ مِنَّا: الصِّغَرُ وَالْقِلَّةُ، فَقَدْ جَمَعْنَا الاِسْمَ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.
وَأَمَّا الْخَبِيرُ، فَالَّذِي لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَلاَ يَفُوتُهُ، لَيْسَ لِلتَّجْرِبَةِ وَلاَ لِلاِعْتِبَارِ بِالْأَشْيَاءِ، فَعِنْدَ التَّجْرِبَةِ وَالاِعْتِبَارِ عِلْمَانِ وَلَوْ لاَ هُمَا مَا عُلِمَ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذلِكَ، كَانَ جَاهِلاً وَاللّه‏ُ لَمْ يَزَلْ خَبِيراً بِمَا يَخْلُقُ، وَالْخَبِيرُ مِنَ النَّاسِ: الْمُسْتَخْبِرُ عَنْ جَهْلٍ، الْمُتَعَلِّمُ، فَقَدْ جَمَعْنَا الاِسْمَ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.
وَأَمَّا الظَّاهِرُ، فَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلاَ الْأَشْيَاءَ بِرُكُوبٍ فَوْقَهَا، وَقُعُودٍ عَلَيْهَا، وَتَسَنُّمٍ۱ لِذُرَاهَا۲، وَلكِنْ ذلِكَ لِقَهْرِهِ وَلِغَلَبَتِهِ الْأَشْيَاءَ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا، كَقَوْلِ الرَّجُلِ: ظَهَرْتُ عَلى أَعْدَائِي، وَأَظْهَرَنِي اللّه‏ُ عَلى خَصْمِي، يُخْبِرُ عَنِ الْفَلْجِ۳ وَالْغَلَبَةِ، فَهكَذَا ظُهُورُ اللّه‏ِ عَلَى الْأَشْيَاءِ.
وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ الظَّاهِرُ لِمَنْ أَرَادَهُ وَلاَ يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَأَنَّهُ مُدَبِّرٌ لِكُلِّ مَا بَرَأَ، فَأَيُّ ظَاهِرٍ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ مِنَ اللّه‏ِ تَبَارَكَ وَتَعَالى؟ لِأَنَّكَ لاَ تَعْدَمُ صَنْعَتَهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ، وَفِيكَ مِنْ آثَارِهِ مَا يُغْنِيكَ، وَالظَّاهِرُ مِنَّا: الْبَارِزُ بِنَفْسِهِ، وَالْمَعْلُومُ بِحَدِّهِ، فَقَدْ جَمَعَنَا الاِسْمُ وَلَمْ يَجْمَعْنَا الْمَعْنى.
وَأَمَّا الْبَاطِنُ، فَلَيْسَ عَلى مَعْنَى الاِسْتِبْطَانِ لِلْأَشْيَاءِ بِأَنْ يَغُورَ فِيهَا، وَلكِنْ ذلِكَ مِنْهُ عَلَى اسْتِبْطَانِهِ لِلْأَشْيَاءِ عِلْماً وَحِفْظاً وَتَدْبِيراً، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَبْطَنْتُهُ۴: يَعْنِي خَبَرْتُهُ

1.. «التسنّم»: العلوّ . وكلّ شيء علا شيئا فقد تسنّمه ، فيقال: تسنّمه أي علاه، من السنام وهو أعلى كلّ شيء . اُنظر : النهاية ، ج ۲ ، ص ۴۰۹ سنم

2.. في الشروح: «الذُِرى» بضمّ الذال وكسرها، جمع الذُِروة ـ بهما ـ وهي أيضا أعلى الشيء وفوقه، ولكنّ الموجود في اللغة: الذُرى ـ بضمِّ الذال ـ جمع الذُِرْوة . قال الخليل : «ولولا الواو كان ينبغي أن تكون جماعة فِعْلة فِعَل ...» . اُنظر : الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۴۵؛ ترتيب كتاب العين ، ج ۱، ص ۶۲۳ ذرو.

3.. «الفلج»: الظفر والفوز. اُنظر : الصحاح ، ج ۱، ص ۳۳۵ فلج.

4.. «بطن» في اللغة بمعنى عَلِمَ ، لا «أبطن»؛ فلذا قال الداماد والفيض: فلعلّه بمعنى بطنته ، أو الهمزة للاستفهام والفعل مجرّد ، ولكنّ المازندراني ردّ هذا بأنّ الكلام صادر عن معدن الفصاحة والبلاغة، فلا نحتاج إلى التكلّف . اُنظر : التعليقة للداماد ، ص ۲۹۳؛ شرح المازندراني ، ج ۴ ، ص ۷۳؛ الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۸۹؛ الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۷۹ بطن.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13799
صفحه از 868
پرینت  ارسال به