189
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَمِنَ الْخَلْقِ اللَّطِيفِ، وَ مِنَ الْحَيَوَانِ الصُّغَارِ، وَمِنَ الْبَعُوضِ۱ وَالْجِرْجِسِ۲، وَمَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْهَا مَا لاَ يَكَادُ تَسْتَبِينُهُ الْعُيُونُ، بَلْ لاَ يَكَادُ يُسْتَبَانُ ـ لِصِغَرِهِ ـ الذَّكَرُ مِنَ الاُْنْثى، وَالْحَدَثُ الْمَوْلُودُ مِنَ الْقَدِيمِ.
فَلَمَّا رَأَيْنَا صِغَرَ ذلِكَ فِي لُطْفِهِ، وَاهْتِدَاءَهُ لِلسَّفَادِ، والْهَرَبَ مِنَ الْمَوْتِ، وَالْجَمْعَ لِمَا يُصْلِحُهُ، وَمَا فِي لُجَجِ۳ الْبِحَارِ، وَمَا فِي لِحَاءِ۴ الْأَشْجَارِ وَالْمَفَاوِزِ۵ وَالْقِفَارِ۶، وَإِفْهَامَ بَعْضِهَا ۱ / ۱۲۰
عَنْ بَعْضٍ مَنْطِقَهَا، وَمَا يَفْهَمُ بِهِ أَوْلاَدُهَا عَنْهَا، وَنَقْلَهَا الْغِذَاءَ إِلَيْهَا، ثُمَّ تَأْلِيفَ أَلْوَانِهَا: حُمْرَةٍ مَعَ صُفْرَةٍ، وَبَيَاضٍ مَعَ حُمْرَةٍ، وَأَنَّهُ مَا لاَ تَكَادُ عُيُونُنَا تَسْتَبِينُهُ، لِدَمَامَةِ۷ خَلْقِهَا لاَ تَرَاهُ عُيُونُنَا، وَلاَ تَلْمِسُهُ أَيْدِينَا، عَلِمْنَا أَنَّ خَالِقَ هذَا الْخَلْقِ لَطِيفٌ، لَطُفَ بِخَلْقِ مَا سَمَّيْنَاهُ بِلاَ عِلاَجٍ۸ وَلاَ أَدَاةٍ وَلاَ آلَةٍ، وَأَنَّ كُلَّ صَانِعِ شَيْءٍ فَمِنْ شَيْءٍ صَنَعَ، وَاللّه‏ُ ـ الْخَالِقُ اللَّطِيفُ الْجَلِيلُ ـ خَلَقَ وَصَنَعَ لاَ مِنْ شَيْءٍ».

۳۲۵.۲. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ مُرْسَلاً:
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‏السلام، قَالَ: قَالَ: «اعْلَمْ ـ عَلَّمَكَ اللّه‏ُ الْخَيْرَ ـ أَنَّ اللّه‏َ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ قَدِيمٌ، وَالْقِدَمُ صِفَتُهُ الَّتِي دَلَّتِ الْعَاقِلَ عَلى أَنَّهُ لاَ شَيْءَ قَبْلَهُ، وَلاَ شَيْءَ مَعَهُ فِي

1.. «البعوض» : البقّ ، اُنظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۰۶۶ بعض .

2.. «الجِرجِس» : لغة في القِرْقِس ، وهو البعوض الصغار . اُنظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۹۱۳ جرجس.

3.. «لجج» : جمع اللُجّة ، ولُجّة الماء : معظمه . لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۳۵۴ لجج.

4.. «اللحاء» : قشر الشجر . اُنظر : الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۸۰ لحو.

5.. «المفاوز»: جمع المَفاز والمفازة ، وهي البريّة القفر ، سمّيت بذلك؛ لأنّها مهلكة ، من فوّز ، إذا مات . وقيل : سمّيت تفاؤلاً من الفوز بمعنى النجاة . اُنظر : النهاية ، ج ۳ ، ص ۴۷۸ فوز.

6.. «القِفار» : جمع القفر ، وهو مفازة وأرض خالية لا ماء فيها ولا نبات . اُنظر : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۹۷ قفر.

7.. «الدَمَامَة» : القِصَر والقبح . قال الداماد في التعليقة : «وأمّا الذمامة ـ بإعجام الذال ـ بمعنى القلّة ، من قولهم: بئر ذَمّة ـ بالفتح ـ أي قليلة الماء ، وفي هذا المقام تصحيف». وانظر : النهاية ، ج ۲ ، ص ۱۳۴ دمم.

8.. في شرح المازندراني ، ج۴ ، ص۴۶ : «بلا علاج، أي بلا مباشرة بالأعضاء والجوارح ، أو بلا تجربة ولا مزاولة ولا تدريج. تقول : عالجت الشيء معالجة وعلاجا ، إذا زاولته ومارسته». وانظر : الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۸۴؛ الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۳۰ علج.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
188

الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ «لَمْ‏يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ»۱، لَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُ ۱ / ۱۱۹
الْمُشَبِّهَةُ، لَمْ يُعْرَفِ الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِ، وَلاَ الْمُنْشِئُ مِنَ الْمُنْشَأَ لكِنَّهُ الْمُنْشِئُ، فَرَّقَ بَيْنَ مَنْ جَسَّمَهُ وَصَوَّرَهُ وَأَنْشَأَهُ؛ إِذْ كَانَ لاَ يُشْبِهُهُ شَيْءٌ، وَلاَ يُشْبِهُ هُوَ شَيْئاً».
قُلْتُ: أَجَلْ ـ جَعَلَنِيَ اللّه‏ُ فِدَاكَ ـ لكِنَّكَ قُلْتَ: الْأَحَدُ الصَّمَدُ، وَقُلْتَ: لاَ يُشْبِهُهُ شَيْءٌ، وَاللّه‏ُ وَاحِدٌ، وَالاْءِنْسَانُ وَاحِدٌ، أَ لَيْسَ قَدْ تَشَابَهَتِ الْوَحْدَانِيَّةُ؟
قَالَ: «يَا فَتْحُ، أَحَلْتَ۲ ـ ثَبَّتَكَ اللّه‏ُ ـ إِنَّمَا التَّشْبِيهُ فِي الْمَعَانِي، فَأَمَّا فِي الْأَسْمَاءِ، فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ دَلاَلَةٌ عَلَى الْمُسَمّى، وَذلِكَ أَنَّ الاْءِنْسَانَ وَإِنْ قِيلَ: وَاحِدٌ، فَإِنَّهُ يُخْبَرُ أَنَّهُ جُثَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ بِاثْنَيْنِ، وَالاْءِنْسَانُ نَفْسُهُ لَيْسَ بِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّ أَعْضَاءَهُ مُخْتَلِفَةٌ، وَأَلْوَانَهُ مُخْتَلِفَةٌ، وَمَنْ أَلْوَانُهُ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَجْزَاءٌ مُجَزَّأَةٌ لَيْسَتْ بِسَوَاءٍ: دَمُهُ غَيْرُ لَحْمِهِ، وَلَحْمُهُ غَيْرُ دَمِهِ، وَعَصَبُهُ غَيْرُ عُرُوقِهِ، وَشَعْرُهُ غَيْرُ بَشَرِهِ، وَسَوَادُهُ غَيْرُ بَيَاضِهِ، وَكَذلِكَ سَائِرُ جَمِيعِ الْخَلْقِ؛ فَالاْءِنْسَانُ وَاحِدٌ فِي الاِسْمِ، وَلاَ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنى، وَاللّه‏ُ ـ جَلَّ جَلاَلُهُ ـ هُوَ وَاحِدٌ لاَ وَاحِدَ غَيْرُهُ، لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ وَلاَ تَفَاوُتَ، وَلاَ زِيَادَةَ وَلاَ نُقْصَانَ، فَأَمَّا الاْءِنْسَانُ الْمَخْلُوقُ الْمَصْنُوعُ الْمُؤلَّفُ۳ مِنْ أَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ۴ وَجَوَاهِرَ شَتّى غَيْرَ أَنَّهُ بِالاِجْتِمَاعِ شَيْءٌ وَاحِدٌ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَرَّجْتَ عَنِّي فَرَّجَ اللّه‏ُ عَنْكَ، فَقَوْلَكَ: اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فَسِّرْهُ لِي كَمَا فَسَّرْتَ الْوَاحِدَ؛ فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ لُطْفَهُ عَلى خِلاَفِ لُطْفِ خَلْقِهِ لِلْفَصْلِ، غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ تَشْرَحَ ذلِكَ لِي، فَقَالَ: «يَا فَتْحُ، إِنَّمَا قُلْنَا: اللَّطِيفُ؛ لِلْخَلْقِ اللَّطِيفِ، وَ لِعِلْمِهِ بِالشَّيْءِ اللَّطِيفِ، أَ وَلاَ تَرى ـ وَفَّقَكَ اللّه‏ُ وَثَبَّتَكَ ـ إِلى أَثَرِ صُنْعِهِ فِي النَّبَاتِ اللَّطِيفِ وَغَيْرِ اللَّطِيفِ؛

1.. الإخلاص ۱۱۲ : ۳ و ۴ .

2.. «أحلت» ، أي أتيت بالمحال وقلت محالاً من القول .

3.. الظاهر أنّ «المؤلّف» خبر المبتدأ وجواب أمّا ، ولكنّ النسخ متّفقة على التعريف وفقدان الفاء.

4.. الظرف متعلّق ب «المؤلّف»، و«المؤلّف» خبر المبتدأ . و«المخلوق المصنوع» صفة للمبتدأ ، أو متعلّق ب «المصنوع»، و«المصنوع» خبر المبتدأ ، أو يكون الظرف خبر المبتدأ ـ استبعده المازندراني ـ أو يكون كلّ من المخلوق والمصنوع والمؤلّف والظرف خبر المبتدأ . اُنظر : شرح المازندراني ، ج ۴ ، ص ۳۹؛ الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۸۳؛ مرآة العقول ، ج ۲ ، ص ۵۲.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16631
صفحه از 868
پرینت  ارسال به