وَمِنَ الْخَلْقِ اللَّطِيفِ، وَ مِنَ الْحَيَوَانِ الصُّغَارِ، وَمِنَ الْبَعُوضِ۱ وَالْجِرْجِسِ۲، وَمَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْهَا مَا لاَ يَكَادُ تَسْتَبِينُهُ الْعُيُونُ، بَلْ لاَ يَكَادُ يُسْتَبَانُ ـ لِصِغَرِهِ ـ الذَّكَرُ مِنَ الاُْنْثى، وَالْحَدَثُ الْمَوْلُودُ مِنَ الْقَدِيمِ.
فَلَمَّا رَأَيْنَا صِغَرَ ذلِكَ فِي لُطْفِهِ، وَاهْتِدَاءَهُ لِلسَّفَادِ، والْهَرَبَ مِنَ الْمَوْتِ، وَالْجَمْعَ لِمَا يُصْلِحُهُ، وَمَا فِي لُجَجِ۳ الْبِحَارِ، وَمَا فِي لِحَاءِ۴ الْأَشْجَارِ وَالْمَفَاوِزِ۵ وَالْقِفَارِ۶، وَإِفْهَامَ بَعْضِهَا ۱ / ۱۲۰
عَنْ بَعْضٍ مَنْطِقَهَا، وَمَا يَفْهَمُ بِهِ أَوْلاَدُهَا عَنْهَا، وَنَقْلَهَا الْغِذَاءَ إِلَيْهَا، ثُمَّ تَأْلِيفَ أَلْوَانِهَا: حُمْرَةٍ مَعَ صُفْرَةٍ، وَبَيَاضٍ مَعَ حُمْرَةٍ، وَأَنَّهُ مَا لاَ تَكَادُ عُيُونُنَا تَسْتَبِينُهُ، لِدَمَامَةِ۷ خَلْقِهَا لاَ تَرَاهُ عُيُونُنَا، وَلاَ تَلْمِسُهُ أَيْدِينَا، عَلِمْنَا أَنَّ خَالِقَ هذَا الْخَلْقِ لَطِيفٌ، لَطُفَ بِخَلْقِ مَا سَمَّيْنَاهُ بِلاَ عِلاَجٍ۸ وَلاَ أَدَاةٍ وَلاَ آلَةٍ، وَأَنَّ كُلَّ صَانِعِ شَيْءٍ فَمِنْ شَيْءٍ صَنَعَ، وَاللّهُ ـ الْخَالِقُ اللَّطِيفُ الْجَلِيلُ ـ خَلَقَ وَصَنَعَ لاَ مِنْ شَيْءٍ».
۳۲۵.۲. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ مُرْسَلاً:
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام، قَالَ: قَالَ: «اعْلَمْ ـ عَلَّمَكَ اللّهُ الْخَيْرَ ـ أَنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ قَدِيمٌ، وَالْقِدَمُ صِفَتُهُ الَّتِي دَلَّتِ الْعَاقِلَ عَلى أَنَّهُ لاَ شَيْءَ قَبْلَهُ، وَلاَ شَيْءَ مَعَهُ فِي
1.. «البعوض» : البقّ ، اُنظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۰۶۶ بعض .
2.. «الجِرجِس» : لغة في القِرْقِس ، وهو البعوض الصغار . اُنظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۹۱۳ جرجس.
3.. «لجج» : جمع اللُجّة ، ولُجّة الماء : معظمه . لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۳۵۴ لجج.
4.. «اللحاء» : قشر الشجر . اُنظر : الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۸۰ لحو.
5.. «المفاوز»: جمع المَفاز والمفازة ، وهي البريّة القفر ، سمّيت بذلك؛ لأنّها مهلكة ، من فوّز ، إذا مات . وقيل : سمّيت تفاؤلاً من الفوز بمعنى النجاة . اُنظر : النهاية ، ج ۳ ، ص ۴۷۸ فوز.
6.. «القِفار» : جمع القفر ، وهو مفازة وأرض خالية لا ماء فيها ولا نبات . اُنظر : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۹۷ قفر.
7.. «الدَمَامَة» : القِصَر والقبح . قال الداماد في التعليقة : «وأمّا الذمامة ـ بإعجام الذال ـ بمعنى القلّة ، من قولهم: بئر ذَمّة ـ بالفتح ـ أي قليلة الماء ، وفي هذا المقام تصحيف». وانظر : النهاية ، ج ۲ ، ص ۱۳۴ دمم.
8.. في شرح المازندراني ، ج۴ ، ص۴۶ : «بلا علاج، أي بلا مباشرة بالأعضاء والجوارح ، أو بلا تجربة ولا مزاولة ولا تدريج. تقول : عالجت الشيء معالجة وعلاجا ، إذا زاولته ومارسته». وانظر : الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۸۴؛ الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۳۰ علج.