185
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

الاِخْتِلاَفُ وَلاَ الاِئْتِلاَفُ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ وَيَأْتَلِفُ الْمُتَجَزِّئُ، فَلاَ يُقَالُ: اللّه‏ُ مُؤتَلِفٌ، وَلاَ اللّه‏ُ قَلِيلٌ ولاَ كَثِيرٌ، وَلكِنَّهُ الْقَدِيمُ فِي ذَاتِهِ؛ لِأَنَّ مَا سِوَى الْوَاحِدِ مُتَجَزِّئٌ، وَاللّه‏ُ وَاحِدٌ، لاَ مُتَجَزِّئٌ وَلاَ مُتَوَهَّمٌ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، وَكُلُّ مُتَجَزِّئٍ أَوْ مُتَوَهَّمٍ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، فَهُوَ مَخْلُوقٌ ۱ / ۱۱۷
دَالٌّ عَلى خَالِقٍ لَهُ؛ فَقَوْلُكَ: «إِنَّ اللّه‏َ قَدِيرٌ» خَبَّرْتَ أَنَّهُ لاَ يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، فَنَفَيْتَ بِالْكَلِمَةِ الْعَجْزَ، وَجَعَلْتَ الْعَجْزَ سِوَاهُ، وَكَذلِكَ قَوْلُكَ: «عَالِمٌ» إِنَّمَا نَفَيْتَ بِالْكَلِمَةِ الْجَهْلَ، وَجَعَلْتَ الْجَهْلَ سِوَاهُ، وَإِذَا أَفْنَى اللّه‏ُ الْأَشْيَاءَ، أَفْنَى الصُّورَةَ وَالْهِجَاءَ وَالتَّقْطِيعَ، وَلاَ يَزَالُ مَنْ لَمْ يَزَلْ عَالِماً».
فَقَالَ الرَّجُلُ: فَكَيْفَ سَمَّيْنَا رَبَّنَا سَمِيعاً؟ فَقَالَ: «لِأَنَّهُ لاَ يَخْفى عَلَيْهِ مَا يُدْرَكُ بِالْأَسْمَاعِ، وَلَمْ نَصِفْهُ بِالسَّمْعِ الْمَعْقُولِ فِي الرَّأْسِ.
وَكَذلِكَ سَمَّيْنَاهُ بَصِيراً؛ لِأَنَّهُ لاَ يَخْفى عَلَيْهِ مَا يُدْرَكُ بِالْأَبْصَارِ مِنْ لَوْنٍ أَوْ شَخْصٍ أَوْ غَيْرِ ذلِكَ، وَلَمْ نَصِفْهُ بِبَصَرِ لَحْظَةِ الْعَيْنِ.
وَكَذلِكَ سَمَّيْنَاهُ لَطِيفاً؛ لِعِلْمِهِ بِالشَّيْءِ اللَّطِيفِ مِثْلِ الْبَعُوضَةِ وَأَخْفى مِنْ ذلِكَ، وَمَوْضِعِ النُّشُوءِ مِنْهَا، وَالْعَقْلِ وَالشَّهْوَةِ؛ لِلسَّفَادِ۱ وَالْحَدَبِ۲ عَلى نَسْلِهَا، وَإِقَامِ بَعْضِهَا عَلى بَعْضٍ، وَنَقْلِهَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ إِلى أَوْلاَدِهَا فِي الْجِبَالِ وَالْمَفَاوِزِ۳ وَالْأَوْدِيَةِ وَالْقِفَارِ۴، فَعَلِمْنَا أَنَّ خَالِقَهَا لَطِيفٌ بِلاَ كَيْفٍ، وَإِنَّمَا الْكَيْفِيَّةُ لِلْمَخْلُوقِ الْمُكَيَّفِ.
وَكَذلِكَ سَمَّيْنَا رَبَّنَا قَوِيّاً لاَ بِقُوَّةِ الْبَطْشِ۵ الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَخْلُوقِ، وَلَوْ كَانَتْ قُوَّتُهُ قُوَّةَ

1.. «السِفاد» : نزو الذكر على الاُنثى ، أي وثبه ونهوضه عليها . اُنظر : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۴۸۹ سفد .

2.. «الحدب» : التعطّف والشفقة ، يقال: حَدِبَ فلان على فلان يَحْدَبُ حَدَبا ، أي تعطّف وحنا عليه . اُنظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۳۰۱ حدب.

3.. المفاز والمفازة : البريّة القفر . والجمع: المَفاوِز . سمّيت بذلك لأنّها مُهلِكة ؛ من فوّز ، إذا مات . وقيل : سمّيت تفاؤلاً من الفوز بمعنى النجاة . النهاية ، ج ۳ ، ص ۴۷۸ فوز.

4.. «القِفار»: جمع القفر ، وهو مفازة وأرض خالية لا ماء فيها ولا نبات . اُنظر : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۹۷ قفر.

5.. «البَطْش»: الأخذ الشديد عند ثوران الغضب ، فالإضافة لاميّة . أو السطوة وقوّة التعلّق بالشيء وأخذه على الشدّة ، فالإضافة بيانيّة . اُنظر : لسان العرب ، ج ۶، ص ۲۶۷ بطش؛ التعليقة للداماد ، ص ۲۷۱ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
184

۱ / ۱۱۶

۳۱۷.۶. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ مَيْمُونٍ الْبَانِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْأَوَّلِ وَالاْخِرِ، فَقَالَ: «الْأَوَّلُ لاَ عَنْ أَوَّلٍ قَبْلَهُ، وَلاَ عَنْ بَدْءٍ سَبَقَهُ؛ وَالاْخِرُ لاَ عَنْ نِهَايَةٍ كَمَا يُعْقَلُ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ، وَلكِنْ قَدِيمٌ، أَوَّلٌ، آخِرٌ، لَمْ يَزَلْ، وَلاَ يَزُولُ، بِلاَ بَدْءٍ وَلاَ نِهَايَةٍ، لاَ يَقَعُ عَلَيْهِ الْحُدُوثُ، وَلاَ يَحُولُ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ، خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ».

۳۱۸.۷. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ رَفَعَهُ إِلى أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه‏السلام، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالى، لَهُ أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ فِي كِتَابِهِ، وَأَسْمَاؤهُ وَصِفَاتُهُ هِيَ هُوَ؟
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‏السلام: «إِنَّ لِهذَا الْكَلاَمِ وَجْهَيْنِ: إِنْ كُنْتَ تَقُولُ: «هِيَ هُوَ»، أَيْ إِنَّهُ ذُو عَدَدٍ وَكَثْرَةٍ، فَتَعَالَى اللّه‏ُ عَنْ ذلِكَ؛ وَإِنْ كُنْتَ تَقُولُ: هذِهِ الصِّفَاتُ وَالْأَسْمَاءُ لَمْ تَزَلْ، فَإِنَّ «لَمْ تَزَلْ» مُحْتَمِلٌ مَعْنَيَيْنِ: فَإِنْ قُلْتَ: لَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ فِي عِلْمِهِ وَهُوَ مُسْتَحِقُّهَا، فَنَعَمْ؛ وَإِنْ كُنْتَ تَقُولُ: لَمْ يَزَلْ تَصْوِيرُهَا وَهِجَاؤهَا۱ وَتَقْطِيعُ حُرُوفِهَا، فَمَعَاذَ اللّه‏ِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ، بَلْ كَانَ اللّه‏ُ وَلاَ خَلْقَ، ثُمَّ خَلَقَهَا وَسِيلَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، يَتَضَرَّعُونَ بِهَا إِلَيْهِ، وَيَعْبُدُونَهُ وَهِيَ ذِكْرُهُ، وَكَانَ اللّه‏ُ وَلاَ ذِكْرَ، وَالْمَذْكُورُ بِالذِّكْرِ هُوَ اللّه‏ُ الْقَدِيمُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ، وَالْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ مَخْلُوقَاتٌ وَالْمَعَانِي۲، وَالْمَعْنِيُّ بِهَا هُوَ اللّه‏ُ الَّذِي لاَ يَلِيقُ بِهِ

1.. «الهِجاء» : تقطيع اللفظة بحروفها ، تقول : هجوتُ الحروفَ ، أي عددتها وتلفّظت بها واحدا بعد واحد . اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۵۳ هجو ؛ شرح المازندراني ، ج ۴ ، ص ۱۸.

2.. «الواو» في «والمعاني » بمعنى مع، أو للعطف على الأسماء والصفات ، فهو مبتدأ خبره محذوف ، أي المعاني مخلوقة ، أو للعطف على «مخلوقات» فهو خبر للصفات، كما أنّ «مخلوقات» خبر للأسماء ، أي الأسماء مخلوقات والصفات هي المعاني ، أو لعطف الجملة ، فهو مبتدأ خبره «هو اللّه‏» و «المعنيّ بها» عطف تفسير لها . وفي التوحيد وبعض النسخ ، على ما في التعليقة للداماد وشرح المازندراني بدون الواو وبالإضافة . وهو الصحيح عند السيّد الداماد ، والأظهر عند المازندراني . اُنظر: التعليقة للميرداماد، ص۲۶۷؛ شرح صدر المتألّهين ، ج ۳ ، ص ۲۷۱ ؛ شرح المازندراني، ج۴، ص۱۸ ـ ۱۹؛ الوافي، ج۱ ، ص۴۷۴؛ مرآة العقول ، ج۲ ، ص۴۳؛ وسائر شروح الكافي .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16683
صفحه از 868
پرینت  ارسال به