الْمَكَارِهِ عَنْهُ، وَجَرِّ الْمَنْفَعَةِ إِلَيْهِ، عَلِمْتُ أَنَّ لِهذَا الْبُنْيَانِ بَانِياً، فَأَقْرَرْتُ بِهِ؛ مَعَ مَا أَرى ـ ۱ / ۷۹
مِنْ دَوَرَانِ الْفَلَكِ بِقُدْرَتِهِ، وَإِنْشَاءِ السَّحَابِ، وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ، وَمَجْرَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَغَيْرِ ذلِكَ مِنَ الاْيَاتِ الْعَجِيبَاتِ الْمُبَيِّنَاتِ ـ عَلِمْتُ أَنَّ لِهذَا مُقَدِّراً وَمُنْشِئاً».
۲۱۹.۵. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْخَفَّافِ، أَوْ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
إِنَّ عَبْدَ اللّهِ الدَّيَصَانِيَّ۱ سَأَلَ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ، فَقَالَ لَهُ: أَلَكَ رَبٌّ؟ فَقَالَ: بَلى، قَالَ: أَقَادِرٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَادِرٌ قَاهِرٌ، قَالَ: يَقْدِرُ أَنْ يُدْخِلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا الْبَيْضَةَ، لاَ تَكْبُرُ الْبَيْضَةُ وَلاَ تَصْغُرُ الدُّنْيَا؟ قَالَ هِشَامٌ: النَّظِرَةَ۲، فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَنْظَرْتُكَ حَوْلاً، ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُ.
فَرَكِبَ هِشَامٌ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، أَتَانِي عَبْدُ اللّهِ الدَّيَصَانِيُّ بِمَسْأَلَةٍ لَيْسَ الْمُعَوَّلُ۳ فِيهَا إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَعَلَيْكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «عَمَّا ذَا سَأَلَكَ؟» فَقَالَ: قَالَ لِي: كَيْتَ۴ وَكَيْتَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «يَا هِشَامُ، كَمْ حَوَاسُّكَ؟» قَالَ: خَمْسٌ، قَالَ: «أَيُّهَا أَصْغَرُ؟» قَالَ: النَّاظِرُ، قَالَ: «وَكَمْ قَدْرُ النَّاظِرِ؟» قَالَ: مِثْلُ الْعَدَسَةِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ: «يَا هِشَامُ، فَانْظُرْ أَمَامَكَ وَفَوْقَكَ وَأَخْبِرْنِي بِمَا تَرى» فَقَالَ: أَرى سَمَاءً وَأَرْضاً وَدُوراً وَقُصُوراً وَبَرَارِيَ وَجِبَالاً وَأَنْهَاراً، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «إِنَّ الَّذِي قَدَرَ أَنْ يُدْخِلَ الَّذِي تَرَاهُ الْعَدَسَةَ أَوْ أَقَلَّ
1.. «الدَيَصاني» : منسوب إلى الدَيَصان . وهو مصدر داص يديص ، أي زاغ وحاد ومال. ومعناه الملحد؛ لميله عن الدين بعد أن كان فيه؛ إذ هو من تلامذة الحسن البصري ، مال عن الدين؛ لعدم قدرة اُستاذه على حلّ الشبهات.
قال المحقّق الشعراني : هذا غير مطابق للواقع ، والصحيح أنّ الديصانيّة كانوا قوما من الزنادقة القائلين بالنور والظلمة ، وأنّ دَيَصان اسم رئيسهم مثل «ماني» . اُنظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۰۴۰ ديص؛ شرح صدر المتألّهين ، ج۳ ، ص ۲۸؛ شرح المازندراني ، ج ۳، ص ۴۶؛ مرآة العقول ، ج ۱، ص ۲۵۶.
2.. «النَظِرة» : المهلة والتأخير . وهو منصوب بفعل مقدّر . اُنظر : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۸۳۱ نظر.
3.. «المعوّل»: المستغاث والمستعان . اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۴۸۳ عول.
4.. «كيت وكيت» ، هي كناية عن الأمر، نحو كذا وكذا. النهاية ، ج ۴ ، ص ۲۱۶ كيت.