135
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

قَالَ: فَاغْتَنَمْتُهَا مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا مَنَعَهُ ـ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُونَ ـ أَنْ يَظْهَرَ لِخَلْقِهِ، وَيَدْعُوَهُمْ إِلى عِبَادَتِهِ حَتّى لاَ يَخْتَلِفَ مِنْهُمُ اثْنَانِ؟ وَلِمَ احْتَجَبَ عَنْهُمْ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ؟ وَلَوْ بَاشَرَهُمْ بِنَفْسِهِ، كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الاْءِيمَانِ بِهِ.
فَقَالَ لِي: «وَيْلَكَ، وَكَيْفَ احْتَجَبَ عَنْكَ مَنْ أَرَاكَ قُدْرَتَهُ فِي نَفْسِكَ؟! نُشُوءَكَ وَلَمْ تَكُنْ، وَكِبَرَكَ بَعْدَ صِغَرِكَ، وَقُوَّتَكَ بَعْدَ ضَعْفِكَ، وَضَعْفَكَ بَعْدَ قُوَّتِكَ، وَسُقْمَكَ بَعْدَ صِحَّتِكَ، وَصِحَّتَكَ بَعْدَ سُقْمِكَ، وَرِضَاكَ بَعْدَ غَضَبِكَ، وَغَضَبَكَ بَعْدَ رِضَاكَ، وَحَزَنَكَ ۱ / ۷۶
بَعْدَ فَرَحِكَ، وَفَرَحَكَ بَعْدَ حَزَنِكَ، وَحُبَّكَ بَعْدَ بُغْضِكَ، وَبُغْضَكَ بَعْدَ حُبِّكَ، وَعَزْمَكَ بَعْدَ أَنَاتِكَ۱، وَأَنَاتَكَ بَعْدَ عَزْمِكَ، وَشَهْوَتَكَ بَعْدَ كَرَاهَتِكَ، وَكَرَاهَتَكَ بَعْدَ شَهْوَتِكَ، وَرَغْبَتَكَ بَعْدَ رَهْبَتِكَ، وَرَهْبَتَكَ بَعْدَ رَغْبَتِكَ، وَرَجَاءَكَ بَعْدَ يَأْسِكَ، وَيَأْسَكَ بَعْدَ رَجَائِكَ، وَخَاطِرَكَ بِمَا لَمْ يَكُنْ فِي وَهْمِكَ، وَعُزُوبَ۲ مَا أَنْتَ مُعْتَقِدُهُ عَنْ ذِهْنِكَ». وَمَا زَالَ يُعَدِّدُ عَلَيَّ قُدْرَتَهُ ـ الَّتِي هِيَ فِي نَفْسِي، الَّتِي لاَ أَدْفَعُهَا ـ حَتّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ.

۲۱۷.۳. عَنْهُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ حِينَ سَأَلَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام، قَالَ:
عَادَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إِلى مَجْلِسِ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام، فَجَلَسَ وَهُوَ سَاكِتٌ لاَ يَنْطِقُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «كَأَنَّكَ جِئْتَ تُعِيدُ بَعْضَ مَا كُنَّا فِيهِ». فَقَالَ: أَرَدْتُ ذلِكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللّه‏ِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «مَا أَعْجَبَ هذَا! تُنْكِرُ اللّه‏َ وَتَشْهَدُ أَنِّي ابْنُ رَسُولِ اللّه‏ِ!». فَقَالَ: الْعَادَةُ تَحْمِلُنِي عَلى ذلِكَ، فَقَالَ لَهُ الْعَالِمُ عليه‏السلام: «فَمَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْكَلاَمِ؟» قَالَ: إِجْلاَلاً لَكَ وَمَهَابَةً مَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي بَيْنَ يَدَيْكَ؛ فَإِنِّي شَاهَدْتُ الْعُلَمَاءَ، وَنَاظَرْتُ الْمُتَكَلِّمِينَ، فَمَا تَدَاخَلَنِي هَيْبَةٌ قَطُّ مِثْلُ مَا تَدَاخَلَنِي مِنْ هَيْبَتِكَ، قَالَ: «يَكُونُ

1.. «الأناة» اسم من تأنّى في الأمر ، أي ترفّق وتنظّر ، أي عامله بلطف ، وانتظره في مهلة . اُنظر : الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۷۳ أنو و ص ۲۵۳۱ (ونى).

2.. «العزوب» : الغيبة والبعد . اُنظر : الصحاح ، ج ۱، ص ۱۸۱ عزب.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
134

فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ: وَكَيْفَ أَوْجَبْتَ هذَا الاِسْمَ لِهذَا الشَّيْخِ دُونَ هؤلاَءِ؟ قَالَ: لِأَنِّي رَأَيْتُ عِنْدَهُ مَا لَمْ أَرَهُ عِنْدَهُمْ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ: لاَبُدَّ مِنِ اخْتِبَارِ مَا قُلْتَ فِيهِ مِنْهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُقَفَّعِ: لاَ تَفْعَلْ؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيْكَ مَا فِي يَدِكَ، فَقَالَ: لَيْسَ ذَا رَأْيَكَ، وَلكِنْ تَخَافُ أَنْ يَضْعُفَ رَأْيُكَ عِنْدِي فِي إِحْلاَلِكَ۱ إِيَّاهُ الْمَحَلَّ الَّذِي ۱ / ۷۵
وَصَفْتَ، فَقَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ: أَمَا إِذَا تَوَهَّمْتَ عَلَيَّ هذَا، فَقُمْ إِلَيْهِ، وَتَحَفَّظْ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ الزَّلَلِ، وَلاَ تَثْنِي۲ عِنَانَكَ إِلَى اسْتِرْسَالٍ۳؛ فَيُسَلِّمَكَ إِلى عِقَالٍ۴، وَسِمْهُ۵ مَا لَكَ أَوْ عَلَيْكَ.
قَالَ: فَقَامَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ، وَبَقِيتُ أَنَا وَابْنُ الْمُقَفَّعِ جَالِسَيْنِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْنَا ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ، قَالَ: وَيْلَكَ يَا ابْنَ الْمُقَفَّعِ، مَا هذَا بِبَشَرٍ، وَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا رُوحَانِيٌّ يَتَجَسَّدُ إِذَا شَاءَ ظَاهِراً، وَيَتَرَوَّحُ إِذَا شَاءَ بَاطِناً، فَهُوَ هذَا، فَقَالَ لَهُ: وَكَيْفَ ذلِكَ؟ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ غَيْرِي، ابْتَدَأَنِي، فَقَالَ: «إِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ عَلى مَا يَقُولُ هؤلاَءِ ـ وَهُوَ عَلى مَا يَقُولُونَ، يَعْنِي أَهْلَ الطَّوَافِ ـ فَقَدْ سَلِمُوا وَعَطِبْتُمْ۶، وَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ عَلى مَا تَقُولُونَ ـ وَلَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ ـ فَقَدِ اسْتَوَيْتُمْ، وَهُمْ»، فَقُلْتُ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللّه‏ُ، وَأَيَّ شَيْءٍ نَقُولُ؟ وَأَيَّ شَيْءٍ يَقُولُونَ؟ مَا قَوْلِي وَقَوْلُهُمْ إِلاَّ وَاحِداً، فَقَالَ: «وَكَيْفَ يَكُونُ قَوْلُكَ وَقَوْلُهُمْ وَاحِداً وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ لَهُمْ مَعَاداً وَثَوَاباً وَعِقَاباً، وَيَدِينُونَ بِأَنَّ فِي السَّمَاءِ إِلهاً، وَأَنَّهَا عُمْرَانٌ، وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ السَّمَاءَ خَرَابٌ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ؟!».

1.. «الإحلال» : الإنزال . الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۶۷۴ حلل.

2.. قوله: «لاتَثْني عنانك» أي لاتصرفه ولا تعطفه ، تقول ثَنَيْت الشيء، إذا صرفته وعطفته . انظر: الصحاح ، ج۶ ، ص۲۲۹۴ ثني ؛ شرح در المتألّهين، ج۳ ، ص۱۷ .

3.. «الاسترسال»: الاستيناس والطمأنينة إلى الإنسان والثقة به فيما يحدّثه به، وأصله السكون والثبات . ويحتمل أن يكون من الرِسل بمعنى اللين والرفع والتأنّي . اُنظر : النهاية، ، ج ۲، ص ۲۲۳؛ مرآة العقول ، ج ۱، ص ۲۴۵.

4.. «عِقال» : الحبل الذي يشدّ به ذراعي البعير . اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۴۵۹ و ۴۶۳ عقل .

5.. في «بعض النسخ» والتعليقة للداماد وحاشية ميرزا رفيعا والوافي: «سُمْهُ»، أمر من: سامه إيّاه، أى عرضه عليه وجعله في معرض البيع والشرى، و«ما» موصولة. وفي «ب، ض ، ف، بس» ومرآة العقول : «سِمْه» أمر من وسم يسم بمعنى الكيّ، و«ما» موصولة، أي اجعل على ما تريد أن تتكلّم به علامة لتعلم أيّ شيء لك وأيّ شيء عليك.

6.. «عطبتم» أي هلكتم، من العطب بمعنى الهلاك . اُنظر : الصحاح ، ج ۱، ص ۱۸۴ عطب.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16861
صفحه از 868
پرینت  ارسال به