قَالَ: فَاغْتَنَمْتُهَا مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا مَنَعَهُ ـ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُونَ ـ أَنْ يَظْهَرَ لِخَلْقِهِ، وَيَدْعُوَهُمْ إِلى عِبَادَتِهِ حَتّى لاَ يَخْتَلِفَ مِنْهُمُ اثْنَانِ؟ وَلِمَ احْتَجَبَ عَنْهُمْ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ؟ وَلَوْ بَاشَرَهُمْ بِنَفْسِهِ، كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الاْءِيمَانِ بِهِ.
فَقَالَ لِي: «وَيْلَكَ، وَكَيْفَ احْتَجَبَ عَنْكَ مَنْ أَرَاكَ قُدْرَتَهُ فِي نَفْسِكَ؟! نُشُوءَكَ وَلَمْ تَكُنْ، وَكِبَرَكَ بَعْدَ صِغَرِكَ، وَقُوَّتَكَ بَعْدَ ضَعْفِكَ، وَضَعْفَكَ بَعْدَ قُوَّتِكَ، وَسُقْمَكَ بَعْدَ صِحَّتِكَ، وَصِحَّتَكَ بَعْدَ سُقْمِكَ، وَرِضَاكَ بَعْدَ غَضَبِكَ، وَغَضَبَكَ بَعْدَ رِضَاكَ، وَحَزَنَكَ ۱ / ۷۶
بَعْدَ فَرَحِكَ، وَفَرَحَكَ بَعْدَ حَزَنِكَ، وَحُبَّكَ بَعْدَ بُغْضِكَ، وَبُغْضَكَ بَعْدَ حُبِّكَ، وَعَزْمَكَ بَعْدَ أَنَاتِكَ۱، وَأَنَاتَكَ بَعْدَ عَزْمِكَ، وَشَهْوَتَكَ بَعْدَ كَرَاهَتِكَ، وَكَرَاهَتَكَ بَعْدَ شَهْوَتِكَ، وَرَغْبَتَكَ بَعْدَ رَهْبَتِكَ، وَرَهْبَتَكَ بَعْدَ رَغْبَتِكَ، وَرَجَاءَكَ بَعْدَ يَأْسِكَ، وَيَأْسَكَ بَعْدَ رَجَائِكَ، وَخَاطِرَكَ بِمَا لَمْ يَكُنْ فِي وَهْمِكَ، وَعُزُوبَ۲ مَا أَنْتَ مُعْتَقِدُهُ عَنْ ذِهْنِكَ». وَمَا زَالَ يُعَدِّدُ عَلَيَّ قُدْرَتَهُ ـ الَّتِي هِيَ فِي نَفْسِي، الَّتِي لاَ أَدْفَعُهَا ـ حَتّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ.
۲۱۷.۳. عَنْهُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ حِينَ سَأَلَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام، قَالَ:
عَادَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إِلى مَجْلِسِ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام، فَجَلَسَ وَهُوَ سَاكِتٌ لاَ يَنْطِقُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «كَأَنَّكَ جِئْتَ تُعِيدُ بَعْضَ مَا كُنَّا فِيهِ». فَقَالَ: أَرَدْتُ ذلِكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «مَا أَعْجَبَ هذَا! تُنْكِرُ اللّهَ وَتَشْهَدُ أَنِّي ابْنُ رَسُولِ اللّهِ!». فَقَالَ: الْعَادَةُ تَحْمِلُنِي عَلى ذلِكَ، فَقَالَ لَهُ الْعَالِمُ عليهالسلام: «فَمَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْكَلاَمِ؟» قَالَ: إِجْلاَلاً لَكَ وَمَهَابَةً مَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي بَيْنَ يَدَيْكَ؛ فَإِنِّي شَاهَدْتُ الْعُلَمَاءَ، وَنَاظَرْتُ الْمُتَكَلِّمِينَ، فَمَا تَدَاخَلَنِي هَيْبَةٌ قَطُّ مِثْلُ مَا تَدَاخَلَنِي مِنْ هَيْبَتِكَ، قَالَ: «يَكُونُ