133
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

يَذْهَبَا، فَلِمَ يَرْجِعَانِ؟ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُضْطَرَّيْنِ، فَلِمَ لاَ يَصِيرُ اللَّيْلُ نَهَاراً، وَالنَّهَارُ لَيْلاً؟ اضْطُرَّا ـ وَاللّه‏ِ يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ـ إِلى دَوَامِهِمَا، وَالَّذِي اضْطَرَّهُمَا أَحْكَمُ مِنْهُمَا وَأَكْبَرُ». فَقَالَ الزِّنْدِيقُ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ، إِنَّ الَّذِي تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ وَتَظُنُّونَ أَنَّهُ الدَّهْرُ، إِنْ كَانَ الدَّهْرُ يَذْهَبُ بِهِمْ، لِمَ لاَ يَرُدُّهُمْ؟ وَإِنْ كَانَ يَرُدُّهُمْ، لِمَ لاَ يَذْهَبُ بِهِمْ؟ ۱ / ۷۴
الْقَوْمُ مُضْطَرُّونَ يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ، لِمَ السَّمَاءُ مَرْفُوعَةٌ، وَالْأَرْضُ مَوْضُوعَةٌ؟ لِمَ لاَ تَسْقُطُ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ؟ لِمَ لاَ تَنْحَدِرُ۱ الْأَرْضُ فَوْقَ طِبَاقِهَا، وَلاَ يَتَمَاسَكَانِ، وَلاَ يَتَمَاسَكُ مَنْ عَلَيْهَا؟». قَالَ الزِّنْدِيقُ: أَمْسَكَهُمَا اللّه‏ُ رَبُّهُمَا وَسَيِّدُهُمَا.
قَالَ: فَآمَنَ الزِّنْدِيقُ عَلى يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام، فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنْ آمَنَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلى يَدَيْكَ فَقَدْ آمَنَ الْكُفَّارُ عَلى يَدَيْ أَبِيكَ.
فَقَالَ الْمُؤمِنُ الَّذِي آمَنَ عَلى يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: اجْعَلْنِي مِنْ تَلاَمِذَتِكَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «يَا هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ، خُذْهُ إِلَيْكَ وَعَلِّمْهُ» فَعَلَّمَهُ هِشَامٌ؛ فَكَانَ مُعَلِّمَ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ مِصْرَ الاْءِيمَانَ، وَحَسُنَتْ طَهَارَتُهُ حَتّى رَضِيَ بِهَا أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام.

۲۱۶.۲. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَسِّنٍ الْمِيثَمِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي مَنْصُورٍ الْمُتَطَبِّبِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَعَبْدُ اللّه‏ِ بْنُ الْمُقَفَّعِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ: تَرَوْنَ هذَا الْخَلْقَ؟ ـ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلى مَوْضِعِ الطَّوَافِ ـ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ أُوجِبُ لَهُ اسْمَ الاْءِنْسَانِيَّةِ إِلاَّ ذلِكَ الشَّيْخُ الْجَالِسُ ـ يَعْنِي أَبَا عَبْدِ اللّه‏ِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام ـ فَأَمَّا الْبَاقُونَ، فَرَعَاعٌ۲ وَبَهَائِمُ.

1.. «الانحدار»: الانهباط، تقول: حدرت السفينة، أي أرسلتها إلى أسفل فانحدر. اُنظر: الصحاح، ج۲، ص۶۲۵ حدر.

2.. «الرَعاع» : السَفِلَة والسقّاط من الناس ، أي ناقصو العقول منهم. وقيل: الرُعاع ـ كالزُجاج ـ من الناس، وهم الرذال الضعفاء، وهم الذين إذا فزعوا طاروا . اُنظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۱۲۸ رعع.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
132

عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «مَا اسْمُكَ»؟ فَقَالَ: اسْمِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: «فَمَا كُنْيَتُكَ؟» قَالَ: كُنْيَتِي أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «فَمَنْ هذَا الْمَلِكُ الَّذِي أَنْتَ عَبْدُهُ؟ أَمِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ، أَمْ مِنْ مُلُوكِ السَّمَاءِ؟ وَأَخْبِرْنِي عَنِ ابْنِكَ: عَبْدُ إِلَهِ السَّمَاءِ، أَمْ عَبْدُ إِلَهِ الْأَرْضِ؟ قُلْ مَا شِئْتَ تُخْصَمْ۱».
۱ / ۷۳
قَالَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ: فَقُلْتُ لِلزِّنْدِيقِ: أَمَا تَرُدُّ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَقَبَّحَ۲ قَوْلِي، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «إِذَا فَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، فَأْتِنَا».
فَلَمَّا فَرَغَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام، أَتَاهُ الزِّنْدِيقُ، فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام وَنَحْنُ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَهُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام لِلزِّنْدِيقِ: «أَتَعْلَمُ أَنَّ لِلْأَرْضِ تَحْتاً وَفَوْقاً؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَخَلْتَ تَحْتَهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَمَا يُدْرِيكَ مَا تَحْتَهَا؟» قَالَ: لاَ أَدْرِي، إِلاَّ أَنِّي أَظُنُّ أَنْ لَيْسَ تَحْتَهَا شَيْءٌ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «فَالظَّنُّ عَجْزٌ لِمَا لاَ تَسْتَيْقِنُ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «أَفَصَعِدْتَ السَّمَاءَ؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «أَفَتَدْرِي مَا فِيهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «عَجَباً لَكَ! لَمْ تَبْلُغِ الْمَشْرِقَ، وَلَمْ تَبْلُغِ الْمَغْرِبَ، وَلَمْ تَنْزِلِ الْأَرْضَ، وَلَمْ تَصْعَدِ السَّمَاءَ، وَلَمْ تَجُزْ هُنَاكَ؛ فَتَعْرِفَ مَا خَلْفَهُنَّ وَأَنْتَ جَاحِدٌ بِمَا فِيهِنَّ؟! وَهَلْ يَجْحَدُ الْعَاقِلُ مَا لاَ يَعْرِفُ؟».
قَالَ الزِّنْدِيقُ: مَا كَلَّمَنِي بِهذَا أَحَدٌ غَيْرُكَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «فَأَنْتَ مِنْ ذلِكَ فِي شَكٍّ، فَلَعَلَّهُ هُوَ، وَلَعَلَّهُ لَيْسَ هُوَ». فَقَالَ الزِّنْدِيقُ: وَلَعَلَّ ذلِكَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: «أَيُّهَا الرَّجُلُ، لَيْسَ لِمَنْ لاَ يَعْلَمُ حُجَّةٌ عَلى مَنْ يَعْلَمُ، وَلا حُجَّةَ لِلْجَاهِلِ، يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ، تَفَهَّمْ عَنِّي؛ فَإِنَّا لاَ نَشُكُّ فِي اللّه‏ِ أَبَداً، أَمَا تَرَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَلِجَانِ فَلاَ يَشْتَبِهَانِ، وَيَرْجِعَانِ قَدِ اضْطُرَّا، لَيْسَ لَهُمَا مَكَانٌ إِلاَّ مَكَانُهُمَا، فَإِنْ كَانَا يَقْدِرَانِ عَلى أَنْ

1.. «تُخْصَم» : مجهول مجزوم بعد الأمر ، أي إن تقل ما شئت تصير مخصوصا مغلوبا بقولك . راجع: شرح صدر المتألّهين، ج۳ ، ص۱۰؛ شرح المازندراني ، ج۳ ، ص۷ ؛ مرآة العقول ، ج۱ ، ص۲۳۷؛ القاموس المحيط ، ج۲ ، ص۱۴۷۳ خصم .

2.. «فقبّح» على بناء التفعيل ، أي عدّ الزنديق قولي قبيحا ، ويحتمل حينئذٍ إرجاع ضمير الفاعل إليه عليه‏السلام . أو على بناء المجرّد ، أي كان كلامي حضوره عليه‏السلام بغير إذنه قبيحا . مرآة العقول ، ج ۱ ، ص ۲۳۷ .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16933
صفحه از 868
پرینت  ارسال به