يَذْهَبَا، فَلِمَ يَرْجِعَانِ؟ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُضْطَرَّيْنِ، فَلِمَ لاَ يَصِيرُ اللَّيْلُ نَهَاراً، وَالنَّهَارُ لَيْلاً؟ اضْطُرَّا ـ وَاللّهِ يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ـ إِلى دَوَامِهِمَا، وَالَّذِي اضْطَرَّهُمَا أَحْكَمُ مِنْهُمَا وَأَكْبَرُ». فَقَالَ الزِّنْدِيقُ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ، إِنَّ الَّذِي تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ وَتَظُنُّونَ أَنَّهُ الدَّهْرُ، إِنْ كَانَ الدَّهْرُ يَذْهَبُ بِهِمْ، لِمَ لاَ يَرُدُّهُمْ؟ وَإِنْ كَانَ يَرُدُّهُمْ، لِمَ لاَ يَذْهَبُ بِهِمْ؟ ۱ / ۷۴
الْقَوْمُ مُضْطَرُّونَ يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ، لِمَ السَّمَاءُ مَرْفُوعَةٌ، وَالْأَرْضُ مَوْضُوعَةٌ؟ لِمَ لاَ تَسْقُطُ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ؟ لِمَ لاَ تَنْحَدِرُ۱ الْأَرْضُ فَوْقَ طِبَاقِهَا، وَلاَ يَتَمَاسَكَانِ، وَلاَ يَتَمَاسَكُ مَنْ عَلَيْهَا؟». قَالَ الزِّنْدِيقُ: أَمْسَكَهُمَا اللّهُ رَبُّهُمَا وَسَيِّدُهُمَا.
قَالَ: فَآمَنَ الزِّنْدِيقُ عَلى يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام، فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنْ آمَنَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلى يَدَيْكَ فَقَدْ آمَنَ الْكُفَّارُ عَلى يَدَيْ أَبِيكَ.
فَقَالَ الْمُؤمِنُ الَّذِي آمَنَ عَلى يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: اجْعَلْنِي مِنْ تَلاَمِذَتِكَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام: «يَا هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ، خُذْهُ إِلَيْكَ وَعَلِّمْهُ» فَعَلَّمَهُ هِشَامٌ؛ فَكَانَ مُعَلِّمَ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ مِصْرَ الاْءِيمَانَ، وَحَسُنَتْ طَهَارَتُهُ حَتّى رَضِيَ بِهَا أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام.
۲۱۶.۲. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَسِّنٍ الْمِيثَمِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي مَنْصُورٍ الْمُتَطَبِّبِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ الْمُقَفَّعِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ: تَرَوْنَ هذَا الْخَلْقَ؟ ـ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلى مَوْضِعِ الطَّوَافِ ـ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ أُوجِبُ لَهُ اسْمَ الاْءِنْسَانِيَّةِ إِلاَّ ذلِكَ الشَّيْخُ الْجَالِسُ ـ يَعْنِي أَبَا عَبْدِ اللّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام ـ فَأَمَّا الْبَاقُونَ، فَرَعَاعٌ۲ وَبَهَائِمُ.