119
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

أَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ، وَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ ذلِكَ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْرِي، فَرُبَّمَا كَانَ فِي بَيْتِي يَأْتِينِي رَسُولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أَكْثَرُ ذلِكَ فِي بَيْتِي، وَكُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ مَنَازِلِهِ، أَخْلاَنِي وَأَقَامَ عَنِّي نِسَاءَهُ، فَلاَ يَبْقى عِنْدَهُ غَيْرِي، وَإِذَا أَتَانِي لِلْخَلْوَةِ مَعِي فِي مَنْزِلِي، لَمْ يُقِمْ عَنِّي فَاطِمَةَ وَلاَ أَحَدا مِنْ بَنِيَّ، وَكُنْتُ إِذَا سَأَلْتُهُ أَجَابَنِي، وَإِذَا سَكَتُّ عَنْهُ وَفَنِيَتْ مَسَائِلِي ابْتَدَأَنِي، فَمَا نَزَلَتْ عَلى رَسُولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ أَقْرَأَنِيهَا، وَأَمْلاَهَا عَلَيَّ، فَكَتَبْتُهَا بِخَطِّي، وَعَلَّمَنِي تَأْوِيلَهَا وَتَفْسِيرَهَا، وَنَاسِخَهَا وَمَنْسُوخَهَا، وَمُحْكَمَهَا وَمُتَشَابِهَهَا، وَخَاصَّهَا وَعَامَّهَا، وَدَعَا اللّه‏َ أَنْ يُعْطِيَنِي فَهْمَهَا وَحِفْظَهَا، فَمَا نَسِيتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللّه‏ِ وَلا عِلْماً أَمْلاَهُ عَلَيَّ وَكَتَبْتُهُ مُنْذُ دَعَا اللّه‏َ لِي بِمَا دَعَا، وَمَا تَرَكَ شَيْئاً عَلَّمَهُ اللّه‏ُ مِنْ حَلاَلٍ وَلاَ حَرَامٍ، وَلاَ أَمْرٍ وَلاَ نَهْيٍ، كَانَ أَوْ يَكُونُ، وَلاَ كِتَابٍ مُنْزَلٍ عَلى أَحَدٍ قَبْلَهُ مِنْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ إِلاَّ عَلَّمَنِيهِ وَحَفِظْتُهُ، فَلَمْ أَنْسَ حَرْفاً وَاحِداً، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلى صَدْرِي، وَدَعَا اللّه‏َ لِي أَنْ يَمْلَأَ قَلْبِي عِلْماً وَفَهْماً وَحُكْماً۱ وَنُوراً.
فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللّه‏ِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مُنْذُ دَعَوْتَ اللّه‏َ لِي بِمَا دَعَوْتَ لَمْ أَنْسَ شَيْئاً، وَلَمْ يَفُتْنِي شَيْءٌ لَمْ أَكْتُبْهُ، أَفَتَتَخَوَّفُ عَلَيَّ النِّسْيَانَ فِيمَا بَعْدُ؟ فَقَالَ: لاَ، لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ النِّسْيَانَ وَالْجَهْلَ».

۱۹۴.۲. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ:

1.. «حُكما» بمعنى الحكمة . أو «حِكَما» جمع الحكمة ، وهي بمعنى الحكم، والأوّل أنسب؛ للتوافق بينه وبين غيره من المنصوبات في الإفراد . التعليقة للداماد ، ص ۱۴۹.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
118

فَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ وَهِمَ لَمْ يَقْبَلُوهُ، وَلَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّهُ وَهِمَ لَرَفَضَهُ.
وَرَجُلٍ ثَالِثٍ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله شَيْئاً أَمَرَ بِهِ ثُمَّ نَهى عَنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، أَوْ سَمِعَهُ يَنْهى عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، فَحَفِظَ مَنْسُوخَهُ وَلَمْ يَحْفَظِ النَّاسِخَ، فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضَهُ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ ـ إِذْ سَمِعُوهُ مِنْهُ ـ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ.
وَآخَرَ رَابِعٍ لَمْ يَكْذِبْ عَلى رَسُولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، مُبْغِضٍ لِلْكَذِبِ؛ خَوْفاً مِنَ اللّه‏ِ تَعَالى وَتَعْظِيماً لِرَسُولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، لَمْ يَنْسَهُ، بَلْ حَفِظَ مَا سَمِعَ عَلى وَجْهِهِ، فَجَاءَ بِهِ كَمَا سَمِعَ، لَمْ يَزِدْ فِيهِ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ، وَعَلِمَ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ، فَعَمِلَ بِالنَّاسِخِ وَرَفَضَ الْمَنْسُوخَ، فَإِنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مِثْلُ الْقُرْآنِ، نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ، وَخَاصٌّ وَعَامٌّ، وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ، قَدْ كَانَ يَكُونُ۱ مِنْ رَسُولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الْكَلامُ لَهُ وَجْهَانِ: كَلاَمٌ عَامٌّ وَكَلاَمٌ خَاصٌّ مِثْلُ الْقُرْآنِ، وَقَالَ اللّه‏ُ ۱ / ۶۴
ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي كِتَابِهِ: «ماآتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»۲ فَيَشْتَبِهُ عَلى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ وَلَمْ يَدْرِ مَا عَنَى اللّه‏ُ بِهِ وَرَسُولُهُ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وَلَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْءِ فَيَفْهَمُ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْأَلُهُ وَلاَ يَسْتَفْهِمُهُ، حَتّى أَنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ يَجِيءَ الْأَعْرَابِيُّ وَالطَّارِئُ۳ فَيَسْأَلَ رَسُولَ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حَتّى يَسْمَعُوا.
وَقَدْ كُنْتُ أَدْخُلُ عَلى رَسُولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كُلَّ يَوْمٍ دَخْلَةً وَكُلَّ لَيْلَةٍ دَخْلَةً، فَيُخْلِينِي۴ فِيهَا،

1.. «قد كان» : تأكيد لقوله: «فإنّ أمر النبيّ ...» ولهذا ترك العاطف . واسم «كان» ضمير الشأن . و«يكون» تامّة ، وهي مع اسمها ـ وهو الكلام ـ خبر «كان». و«له وجهان» حال عن «الكلام» أو نعت له؛ لأنّ اللام فيه للعهد الذهني فهو في حكم النكرة ، أو خبر «يكون» إن كانت ناقصة . شرح المازندراني ، ج ۲، ص ۳۸۷؛ مرآة العقول ، ج ۱، ص ۲۱۳.

2.. الحشر ۵۹ : ۷.

3.. «الطاري» : مَن يأتي من مكان آخر ، أو يأتي فجأة . يقال : طرأ عليهم، أي أتاهم من مكان، أو خرج عليهم منه فُجاءَةً . اُنظر : القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۱۲ طرأ . وفي مرآة العقول، ج۱ ، ص۲۱۴ : «قوله عليه‏السلام : والطاري ، أي الغريب الذي أتاه عن قريب من غير اُنس به وبكلامه ، وإنّما كانوا يحبّون قدومهما إمّا لاستفهامهم وعدم استعظامهم إيّاه ، أو لأنّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان يتكلّم على وفق عقولهم فيوضحه حتّى يفهم غيرهم » .

4.. قوله: «فيخليني» إمّا من الإخلاء ، أي يجتمع بي في خلوة ، أو يتفرّغ لي عن كلّ شغل . وإمّا من التخلية ، من قولهم: خلّيتُ سبيله يفعل مايشاء . اُنظر شروح الكافي .
هذا ، وقد قال الشيخ البهائي في أربعينه ، ص ۲۹۵ : «يخلّيني ، إمّا من الخلوة أو من التخلية ، أي يتركني أدور معه حيث دار ، والظاهر أنّه ليس المراد الدوران الجسمي ، بل العقليّ ؛ والمعنى أنّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان يطّلعني علي الأسرار المصونة عن الأغيار ويتركني أخوض معه في المعارف اللاهوتيّة والعلوم الملكوتيّة التي جلّت عن أن تكون شريعة لكلّ وارد ، أو يطّلع عليها إلاّ واحد بعد واحد».

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16795
صفحه از 868
پرینت  ارسال به