للشيعة الذين اختاروا ناحية للسكن فيها منذ بداية تأسيسها، وتركوا آثاراً بارزة في المسيرة الاقتصادية والاجتماعية وحتّى السياسية أيضاً، كما يعكس أهمّية بغداد أيضاً حضور النوّاب والوكلاء الخاصّين للإمام المهدي المنتظر عليهالسلام فيها، وما شهدته من نشاطات ثقافية واجتماعية للشيعة إبّان الغيبة الصغرى.
ولو رُصدت بغداد من زاوية أُخرى وفتحت نافذة على الورّاقين ومستنسخي الكتب وكثرتهم فيها لبدت مدينة متميّزة قلّ نظيرها؛ ومن هنا يأتي الاختيار الرشيد لثقة الإسلام الكليني في السفر إلى هذه المدينة وتوسيع رقعة نشر كتابه الكافي، ممّا أفضى إلى تناقل الآفاق له، وتوافر نسخه ورواجها في مناطق شتّى من الحكومة الإسلامية، ومن ثمّ إلى دوام بقائه وخلوده.
توفّي الكليني ودُفن في بغداد أيضاً سنة ۳۲۸ أو ۳۲۹ه.ق، وله فيها مزار لائق يسمى باسمه، وهناك اختلاف في المحلّ الأصلي والفعلي لقبره، ولكن ليس لذلك كبير أهمّية؛ لأنه عاش عالماً، ونشر أهمّ كتاب حديثي شيعي في أهمّ مركز إسلامي بزمانه، فذكْره وذكر جهوده العلمية وتكريمه وتقديره مسؤلية يضطلع الجميع في أدائها سواء كان قبره في غرب بغداد أو شرقها.
وصلتنا أسماء ستّة كتب من تأليفه، أهمّها الكافي، وبقية مصنّفاته مفقودة وهي بالأسماء الآتية:
كتاب رسائل الأئمّة، وكتاب الرجال، وكتاب تعبير الرؤا، وكتاب الردّ على القرامطة، وما قيل في الأئمّة عليهمالسلام من الشعر.۱
كتاب الكافي
الكتاب الجليل المذكور من أهمّ وأشهر الكتب الحديثية الشيعية، ويحتضن بين دفّتيه قسماً عظيماً من التراث الروائي في زمن الغيبة الصغرى الذي ظهر ودُوِّن طوال القرنين الثاني