11
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

للشيعة الذين اختاروا ناحية للسكن فيها منذ بداية تأسيسها، وتركوا آثاراً بارزة في المسيرة الاقتصادية والاجتماعية وحتّى السياسية أيضاً، كما يعكس أهمّية بغداد أيضاً حضور النوّاب والوكلاء الخاصّين للإمام المهدي المنتظر عليه‏السلام فيها، وما شهدته من نشاطات ثقافية واجتماعية للشيعة إبّان الغيبة الصغرى.

ولو رُصدت بغداد من زاوية أُخرى وفتحت نافذة على الورّاقين ومستنسخي الكتب وكثرتهم فيها لبدت مدينة متميّزة قلّ نظيرها؛ ومن هنا يأتي الاختيار الرشيد لثقة الإسلام الكليني في السفر إلى هذه المدينة وتوسيع رقعة نشر كتابه الكافي، ممّا أفضى إلى تناقل الآفاق له، وتوافر نسخه ورواجها في مناطق شتّى من الحكومة الإسلامية، ومن ثمّ إلى دوام بقائه وخلوده.

توفّي الكليني ودُفن في بغداد أيضاً سنة ۳۲۸ أو ۳۲۹ه.ق، وله فيها مزار لائق يسمى باسمه، وهناك اختلاف في المحلّ الأصلي والفعلي لقبره، ولكن ليس لذلك كبير أهمّية؛ لأنه عاش عالماً، ونشر أهمّ كتاب حديثي شيعي في أهمّ مركز إسلامي بزمانه، فذكْره وذكر جهوده العلمية وتكريمه وتقديره مسؤلية يضطلع الجميع في أدائها سواء كان قبره في غرب بغداد أو شرقها.

وصلتنا أسماء ستّة كتب من تأليفه، أهمّها الكافي، وبقية مصنّفاته مفقودة وهي بالأسماء الآتية:

كتاب رسائل الأئمّة، وكتاب الرجال، وكتاب تعبير الرؤا، وكتاب الردّ على القرامطة، وما قيل في الأئمّة عليهم‏السلام من الشعر.۱

كتاب الكافي

الكتاب الجليل المذكور من أهمّ وأشهر الكتب الحديثية الشيعية، ويحتضن بين دفّتيه قسماً عظيماً من التراث الروائي في زمن الغيبة الصغرى الذي ظهر ودُوِّن طوال القرنين الثاني

1.. نفس المصدر.


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
10

وأمين الإسلام، نبيه الفرقة، ووجيه الطائفة، رئيس المحدّثين، حجّة الفقه والعلم والحقّ واليقين۱، شيخ عصره في وقته، ووجه العلماء والنبلاء، وكان أوثق الناس في الحديث، وأنقدهم له، وأعرفهم به.۲

ووصفه الإمام الخميني رحمه‏الله في كتابه «الأربعون حديثاً» بأنه: «أفضل المحدّثين، إمامهم، ثقة الإسلام والمسلمين، حجّة الفرقة، رئيس الأُمّة، ركن الإسلام وثقته، سلطان المحدّثين، شيخ المحدّثين وأفضلهم، عماد الإسلام والمسلمين، فخر الطائفة الحقّة ومُقدَّمهم».۳

ولم يقتصر وصف الكليني والإشادة به على علماء الشيعة، بل نوّه بفضله وجلالة قدره علماء السنّة أيضاً، فاعتبره ابن الأثير: «من أئمة الإمامية وعلمائهم»۴، وابن حجر: «من فقهاء الشيعة والمصنّفين على مذهبهم».۵

حياته

عاد ثقة الإسلام الكليني إلى الريّ بعد دراسته في قم، وغدا من الشخصيات الشيعية والعلماء المرموقين فيها؛ ولهذا لقّبه النجاشي وآخرون بأنه «شيخ أصحابنا في وقته بالريّ ووجههم».۶

أمضى آخر عمره في بغداد، ولا يُعلم تاريخ دقيق لمجيئه إليها، ولكن يبدو أنّه بعد إتمامه لكتابه ونشره في مدينة الريّ، هاجر إلى مركز الحكومة الإسلامية ليوسّع نشر سفره الحديثي العظيم في أكبر مركز سياسي ثقافي بالعالم، ويتلوه على أصحابه وتلامذته.

وبغداد في ذلك الوقت أهم مدينة إسلامية من الناحية السياسية والاجتماعية، ومحطّة يلتقي عندها مختلف العلماء، وتتلاقح أو تفترق بين يديها الآراء والنظريات، وتعدّ مركزاً

1.. المحقّق الداماد في الرواشح السماويّة : ص ۴ .

2.. حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي، في كتاب وصول الأخيار إلى معرفة الأخبار : ص ۸۵ .

3.. الأربعون حديثاً : ح ۳۱ ، ۲۱ ، ۱۹ ، ۲۱ ، ۱۷ ، ۲۲ ، ۱۵ ، ۲۵ ، ۳۵ ، ۱۶ .

4.. الكامل في التاريخ : ج ۸ ص ۳۸۴ .

5.. لسان الميزان : ج ۵ ص ۴۳۳ .

6.. رجال النجاشي : ص ۳۷۷ .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15802
صفحه از 868
پرینت  ارسال به